لا تزال ولاية بومرداس تراهن على تفعيل ملف الاستثمار المحلي الذي أصبح قناعة لا بديلة عنها في تحريك وتيرة التنمية المحلية الراكدة، عن طريق استغلال كافة القدرات والإمكانيات الطبيعية التي تزخر بها الولاية خاصة في المجال الفلاحي، قطاع السياحة والصيد البحري، وهي قطاعات كانت ستشكّل محاور أساسية في هذه القاعدة الاستثمارية، إلاّ أنّ الظروف الأمنية التي مرّت بها الولاية، وتعقد الإجراءات الإدارية وغياب نظرة واضحة في المجال، أجهض عشرات المشاريع الاستثمارية المقترحة وبالخصوص في المجال السياحي، كما ساهمت هذه الظروف مشتركة في زوال الكثير من مناطق النشاط الصناعي والاقتصادي عبر عدد من البلديات. وصلت السلطات الولائية وعلى رأسها المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي إلى قناعة راسخة مفادها ضرورة تحريك ملف الاستثمار المحلي والعمل على تخفيف الإجراءات الإدارية، وتذليل كافة العراقيل الإدارية أمام المستثمرين الراغبين في غرز مشاريعهم بالولاية التي تتوفر على كل محفزات النجاح. جاء ذلك خلال انعقاد الدورة العادية الثالثة للمجلس الشعبي الولائي وقبله خلال اللقاء الجهوي حول الاستثمار المحلي، حيث كشف بهذه المناسبة أنّ اللجنة الولائية للمساعدة على تحديد الموقع وترقية الاستثمار وضبط العقار قد استلمت أكثر من 1100 ملف استثماري مع الموافقة على 168 ملف لحد الآن في انتظار دراسة باقي الطلبات الأخرى، كما وافق أعضاء المجلس على إنشاء 10 مناطق للنشاطات على مساحة 104 هكتار، أبرزها منطقة النشاط الصناعي الواقعة بين بلديتي سي مصطفى وزموري على مساحة 1122 هكتار ينتظر البدء في عملية التأهيل بعد صدور المراسيم المنطقة لهذه المنطقة، إضافة إلى منطقة النشاطات لبلدية الاربعطاش على مساحة 136 هكتار التي توجد حاليا في مرحلة متقدمة من التسوية الإدارية، تضاف إليها منطقة النشاطات الخاصة بمهن الصيد البحري بزموري على مساحة 20 هكتار، وكلّها مشاريع أتت تلبية للطلب المتزايد على العقار الصناعي والسياحي وحتى الخدماتي بغرض إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة عن طريق حق الامتياز بالتراضي.كما تم تصويب النظرة المستقبلية لترقية قطاع الاستثمار بالولاية، على تحدي إعادة التهيئة والتأهيل لعدة مناطق صناعية مهملة واقعة في كل من الناصرية، أولاد موسى وخميس الخشنة، مع تسجيل مشاريع جديدة تسعى إلى تهيئة مناطق النشاط الاقتصادي بالثنية، برج منايل وبغلية، في انتظار تفعيل منطقة النشاطات المتوقفة بالكيمياء قبالة ميناء دلس، مع إعطاء قطاع الفلاحة، الصيد البحري والسياحة أولوية خاصة في ملف الاستثمار بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي قد توفرها هذه القطاعات من حيث القيمة المالية المضافة. وعليه تمّ لحد الآن استقبال 120 طلب استثمار في القطاع السياحي، اعتماد 15 مشروع والانطلاق في إنجاز 11 مشروع لترقية السياحة الداخلية بالولاية. مقابل هذه عرف القطاع الفلاحة قفزة نوعية في تطهير المستثمرات الفلاحية، حيث كشف مدير الديوان الوطني للأراضي الفلاحية عن تحرير 827 عقد امتياز في إطار تحويل عملية الانتفاع الدائم إلى حق الامتياز، وهذا من أصل 5994 ملف مودع لدى الديوان من طرف 6009 مستمر فلاحي، مع إرسال 5020 ملف إلى مديرية أملاك الدولة وعرض 1159 ملف على اللجنة الولائية لدراستها. الأولوية في تطهير وتسوية الوضعية الإدارية للمستثمرين كشف تقرير لجنة الاستثمار بالمجلس الشعبي الولائي لبومرداس، أنّ الاستثمار المحلي لا يرقى إلى مواصفات الاستثمار الوطني والدولي، فهو عبارة عن نشاطات اقتصادية هشّة وضعيفة سواء من حيث المداخيل الجبائية أو من حيث خلق فرص العمل لامتصاص البطالة، فمعظم مناطق النشاط تحوّلت حسب التقرير إلى تجزئات فارغة تنعدم فيها التهيئة، مع بقاء مشاريع سياحية تنتظر التجسيد بمناطق التوسع السياحي منذ سنة 1988، في حين تبقى ملفات الاستثمار على مستوى الإدارة وفق التقرير تعاني من طول انتظار الإجراءات وبطئها وعدم احترام النصوص التنظيمية، في ظل غياب إجراءات قانونية ردعية وتدابير عقابية للمخالفات المسجلة، الأمر الذي زاد من ظاهرة المضاربة بالعقار يؤكد التقرير. كما كشفت المعاينة الميدانية التي أعدّتها اللجنة أنّ معظم المناطق في حالة تدهور متقدمة إلى منعدمة كغياب الطرقات، الإنارة العمومية، قنوات الصرف الصحي، الغاز الطبيعي، المياه والهاتف، عدة مشاريع في طور الانجاز متوقفة، تحويل بعض بنايات المشاريع إلى سكنات، الاستيلاء على قطع أرضية مجاورة من قبل بعض المستثمرين بطريقة غير قانونية، إنجاز مشاريع غير مطابقة للمشروع الأصلي، وعدم انطلاق أي مشروع سياحي لحد الآن. ومن أبرز التوصيات أيضا التي حملتها لجنة التنمية المحلية، التجهيز، الاستثمار والتشغيل بالمجلس الشعبي الولائي لتفعيل القطاع وتطهيره من الدخلاء والانتهازيين، هي إعادة النظر في دفتر الشروط الخاص باستغلال مناطق النشاط بصفة عقلانية تسمح بتنمية الاستثمار وتجسيده في الآجال المحددة، تهيئة مناطق النشاط بما يتماشى ومتطلبات الاستثمار، إعطاء الأولوية للاستثمارات التي تخلق أكبر عدد ممكن من اليد العاملة، مع إلزام المستثمر بتشغيل 50 بالمائة من اليد العاملة المحلية، تطهير الوضعية الإدارية للمستثمرين، تسوية الوضعية الإدارية للمستثمرين الذين أنجزوا مشاريعهم، واسترجاع الأراضي غير المستغلة ومنحها للمستثمرين الجدد. هذا ويبقى ملف الاستثمار ببومرداس يواجه العديد من العقبات أبرزها غياب العقار الصناعي بالنظر إلى الطابع الفلاحي للمنطقة، رغم ذلك فإنّ والي الولاية قد وعد كافة المستثمرين الراغبين في تجسيد مشاريع محلية بتقديم تسهيلات إدارية بما فيها تمكينهم من الحصول على العقار، مع دعوتهم إلى التحلي بروح المبادرة أيضا بشراء عقار لدى الخواص خاصة في المناطق والمساحات التي لا تصلح للنشاط الفلاحي.