بقلم: قادة صافي عجيب ما يحدث في جامعاتنا من مهازل تكشف سوءتها من يوم لآخر، إذ لا يعقل أن يفرّ الطالب إلى المدرج الذي يدرس فيه من أجل المبيت فرارا من موت يلاحقه، ومعه حق في ذلك بعدما تحولت إقاماتنا الجامعية إلى وكر للمجرمين الذي يهجمون بالسيوف والخناجر على طريقة العصابات مثلما حدث في إحدى الإقامات الجامعية بوهران التي تعرضت لهجوم من طرف عصابة أشرار تسببت في اعتداءات خطيرة راح ضحيتها طلبة ينامون في المستشفيات، أما البقية فحملت أغراضها متخذة من معاهد الدراسة مأوى لها، وسط تساؤلات كثيرة تطرح من المسؤول عن غياب الأمن داخل هذه الإقامات الجامعية؟ ألم يكف جامعاتنا التي تتذيل الترتيب العالمي وخارج كل التصنيفات التي تصدر هنا وهناك بسبب فضائح السرقات العلمية والنسخ واللصق، ضف إلى ذلك تهاوي القيم والأخلاق داخل الحرم الجامعي الذي فقد قدسيته، لتضاف إليها هذه الكارثة، فالطالب الذي كان يبحث عن العلم اليوم يبحث عن مكان آمن يأوي إليه فرارا من عصابات تلاحقه داخل الحرم الجامعي وكأنّنا في حي شعبي وليس في حرم جامعي يأوي طلبة العلم.
لا غرابة ولا عجب في ذلك ونحن نرى يوميا كيف تحولت الجامعات والإقامات الجامعية إلى مأوى الغرباء الذين يأتون من كلّ صوب وحدب لغايات وأغراض لا علاقة لها بالعلم إطلاقا، داست على حرمة الجامعة حتى أضحى طالب العلم لا يأمن على نفسه، خاصة بالقرب من الإقامات الجامعية التي اجتمعت أمامها النطيحة والمتردية وما أكل السبع فأصبحنا لا نفرق بين طالب علم وطالب هوى.
فما حدث في هذه الإقامة الجامعية يبقى وصمة عار تلاحق الجامعة إذ لا يعقل أن تهجم عصابة مدججة بالسّيوف والخناجر على إقامة جامعية من المفروض أنّها مؤمنة، فلا يجد الطالب حيال ذلك إلاّ البقاء في مدرجات المعهد التي تحولت من منابر للعلم إلى مراقد للنّوم، ومأوى للاجئين من الإقامات الجامعية فرارا من جحيم معركة استعرت فجأة داخل إقاماتهم. يكفي الحال البائس الذي تعيشه الجامعة الجزائرية التي انهار مستواها التعليمي إلى الحضيض ولم تعد تقوى على منافسة جامعات افريقية إلى وقت قريب كانت دولها تعاني من حروب لا تبقي ولا تذر، فهي اليوم في الطليعة تتقدم رويدا رويدا ودخلت قوائم التصنيف العالمي، بينما جامعاتنا تتهاوى في مراتب التصنيف، ولا يبدو ذلك غريبا إن كان الطالب الذي من المفروض أنْ نوفر له كل سبل الراحة من أجل نجاحه لا يأمن على نفسه فينام في المدرج الخاص بطلب العلم هربا وفرارا من العصابات التي جعلت من الحرم الجامعي ساحة كر وفرّ.