أكد خبراء اقتصاديون، أن تراجع احتياطي الصرف سببه تأخر ضبط العلاقات مع السوق الخارجية، والتي تبقى ضعيفة بالنظر لمتطلبات الاقتصاد، كما أعرب بعضهم عن مخاوفهم من نفاذ احتياطي الصرف من العملة الصعبة خلال سنوات قليلة مقبلة إذا ما استمرت الأوضاع على ماهي عليه الآن. وفي هذا الصدد، توقع الخبير الاقتصادي كمال رزيق، نفاذ احتياطي الصرف في غضون أربع سنوات على أقصى تقدير في حال ما استمر النزيف بالوتيرة نفسها، ولم تتخذ الحكومة إجراءات جادة لوقفه، وبالتالي سنضطر اللجوء إلى الاستدانة الخارجية. وأضاف رزيق، في اتصال هاتفي مع "الحوار"، بأن نزيف احتياطي الصرف هو استهلاك للثروة ويتحمل مسؤوليتها الجميع حكومة وشعبا، قائلا إن الحل بسيط لكبح تآكله، ويتمثل في إعادة النظر جذريا في الواردات وحصرها على المواد التي لا يتم إنتاجها كليا في الجزائر، مشترطا للانطلاق في ذلك توقيع اتفاقيات بين مسؤولي القطاع والمنتجين المحليين تقضي بتوفير السلع والخدمات للمستهلكين بأسعار معقولة، وعدم التغول على المستهلك، ضاربا مثالا بقرار منع استيراد الحمضيات الذي جاء ناقصا -حسبه- على اعتبار أن السوق المحلية غير مكتفية ذاتيا في مجال الحمضيات. وأكد الخبير ذاته، بأنه قد آن الأوان أن تفعّل حركات التبادل وإنشاء الوسطاء في التجارة الخارجية، مستغربا حديث الحكومة عن التصدير للأسواق الإفريقية والجزائر لا تملك معابرا حدودية مع الدول المجاورة لها، لافتا إلى أنه أضحى من الضروري توقيع اتفاقيات مع الدول المجاورة لإنشاء نقط عبور جمركية معها. وفي السياق نفسه، عبر رزيق عن أسفه الشديد من عدم فاعلية المهاجرين الجزائريين في الاقتصاد الوطني، حيث لا تستفيد الجزائر تماما من أموالهم، وعليه اقترح على الحكومة إجبارهم على تحويل جزء من مدخراتهم بالعملة الصعبة للمساهمة في الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن بإمكانهم الوصول إلى تحويل قرابة 7 ملايير دولار سنويا نظرا لعددهم الكبير، ويتم ذلك عن طريق فرض عليهم ضريبة 50 أورو للشخص وإعادة تنظيم سوق "السكوار" الذي يسير أغلبه بأموال المهاجرين. وفي ختام حديثه، شدّد الخبير الاقتصادي على ضرورة إعادة نظر المواطن في طريقة استهلاكه التي أثرت كثيرا على نزيف احتياطي الصرف، قائلا بأن التبذير الكبير للمواد الغذائية الذي يقوم به المواطن يساهم في 50 بالمائة من نزيف احتياطي الصرف من العملة الصعبة، وهذا بعدم تقديرهم لقيمة هذه المواد وكم تصرف عليه الدولة سنويا، خاصة فيما يتعلق بالمواد المدعمة وعلى رأسها الخبز، الذي ترمى أعداد كبيرة منه في المزابل يوميا خاصة خلال شهر رمضان المبارك. وفي الموضوع نفسه، أكد خبراء اقتصاديون لدى نزولهم ضيوفا على حصة "رهانات اقتصادية" للقناة الإذاعية الأولى، بأن مؤشرات التقرير الرسمي الذي قدمه محافظ بنك الجزائر، محمد لوكال، الأسبوع الماضي، تشير إلى وجود طريق لمرافقة المستثمرين الجزائريين والقطاع الصناعي من خلال القروض البنكية. وفي هذا الصدد، قالت أوريدة عرفي، عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، بأن البنك الجزائري يرافق القطاع الصناعي والاستثماري، وقد قدّمت العديد من القروض وصلت 70 بالمائة وجهت لمساندة عجلة الاقتصاد والاستثمار في الجزائر من أجل الخروج من التبعية للمحروقات . أما الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى، فيعتبر أن تراجع احتياطي الصرف راجع لضعف العلاقات مع السوق الخارجية، بالرغم من مرافقة ودعم القطاع الصناعي، وقال بأن هناك إشارات سلبية للميزان التجاري، وكذا ميزان المدفوعات ورصيد الميزانية، بالإضافة إلى احتياط الصرف، وكلها تراجعت بشكل لافت، ومعنى ذلك –يضيف المتحدث- بأن هناك خلل في علاقاتنا بالسوق الخارجية وضعيفة، وما نسبة 25 بالمائة من العائدات التي تأتينا من الخارج إلا أكبر دليل على ذلك. من جهته، يرى عربي غويني، الأستاذ في الاقتصاد بجامعة الجزائر، بأن الأزمة الاقتصادية في البلد لم تعالج بطريقة سريعة وكانت على حساب الرصيد الذي بين التقرير السنوي بأنه يتآكل بسرعة، ففي ظرف 4 سنوات وصلنا إلى حوالي 80 مليار دولار. ليلى عمران