* بداية.. سيد كريم طابو، هل تؤكد لنا انسحابك من هيئة التشاور والمتابعة؟ – المسألة ليست قضية انسحاب، مرحلة تاريخية حاسمة، لأن هيئة التشاور تبنت أرضية مزفران التي تعد أرضية مبادئ صريحة، لكن وصلنا إلى مفترق الطرق، الأحزاب التي شاركت في الانتخابات برهنت نيتها الدخول في الحكومة المقبلة، أو طرحت عليها السلطة ذلك، هنا دليل كاف لكي نضعهم أمام التاريخ، هنالك فرق في طرح الأزمة، في فهمها، في طرح البدائل، نحن منذ الوهلة الأولى تبنينا أرضية مزفران التي تطالب بمرحلة انتقالية، بانتخابات حرة وشفافة في إطار آليات ديمقراطية حقيقية، العملية السياسية في كل التجارب السياسية في العالم تقول إن أي تغيير أو إصلاح سياسي يتأتى بتغير طبيعة النظام، باختيار الشعب وبكل ديمقراطية واحترام ذلك الرأي، اليوم أصبحنا نكيل بمكيالين مختلفين في المعارضة، طرف يكيل بما يصلح للحزب، وطرف آخر يكيل حسب ما يصلح للجزائر.
* كيف ذلك؟ الأحزاب التي اختارت أن تعطى لها المقاعد وتشارك في مفاوضات سرية مع السلطة وتعلن استعدادها المشاركة في الحكومة، نحن لن نشاطرها ولن نمشي معها في أي موقف، بالعكس هذه الانتخابات عجلت بالأحزاب السياسية المعارضة دخول مفترق الطرق، في الجزائر لا وجود لمعارضة واحدة، مع احترامي للجميع، هنالك معارضات، وفي هذه المعارضات منها ما تعتمد المعارضة كتكتيك سياسي، وهذا ما لمسناه في أغلبية الأحزاب التي قررت المشاركة في التشريعيات، ترى أن المعارضة وسيلة للتفاوض مع السلطة، ويكون لها موقع قوة في هذا التفاوض، رأينا محاولات من طرف الأحزاب استغلت هيئة التشاور في مفاوضاتها مع السلطة، هذا غير مقبول، وهنالك معارضة تريد التغيير وتحاول تجنيد المواطنين في هذا الطرح، نحن مع هذا الفوج الذي يهدف إلى تجنيد المواطن والمناضل، للوصول إلى الحلول المقبولة، ومعارضة أخرى لها أطماع أو فلسفلة انتقامية تتجه إلى تشخيص المشاكل في الكثير من الأحيان. * هل ترى أن هيئة التشاور والمتابعة قد انتهت أمام التناقض الصارخ بين مواقف الأضلاع المشكلة لها؟ أظن أن مصطلح "التشاور" يتجسد بالاتفاق على نقطة انطلاقة واحدة ونقطة وصول واحدة، ولو اختلفنا في الكيفية والآليات، ولكن ما نراه اليوم أن هيئة التشاور في نظري قد انتهت، لأن الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية في هيئة التشاور من المستحيل بعد مشاركة هذه الأحزاب أن يكون لها فضاء تشاوري في مسعى أو أهداف موحدة، من التناقض الصريح أن تشارك في الانتخابات وكنت تقول منذ البداية إن السلطة فاقدة للشرعية وغير قادرة وليس لها النية في تنظيم انتخابات حرة، هناك شبه إجماع في الأحزاب المعتمدة إداريا الدخول في التشريعيات، وهناك شبه إجماع لدى المواطنين الجزائريين بعدم المشاركة في الانتخابات، الأحزاب اليوم تختار بين هذه المعادلة. * ماذا عنك.. هل ستشارك في التشريعيات؟ – أنا مع الفوج الذي يرى أن هذه الفترة هي ملتقى الطرق مع الشعب ومفترق الطرق مع السلطة. * إذن لن تشارك؟ – لا معنى للمشاركة في هذا الظرف وهذه الآليات وهذا الواقع السياسي. * في سياق متصل، كيف تقيمون قرار حركة مجتمع السلم القاضي باستعدادها للمشاركة في الحكومة المقبلة، وهي التي جلست معكم في مزفران ونادت بمعية أضلاع الهيئة بشغور منصب الرئيس؟ – لو حاولنا تقييم المواقف السياسية لوجدنا أن حركة مجتمع السلم منذ نشأتها لم تكن في المعارضة، هي حزب اختار أن يكون عباءة المعارضة كتكتيك سياسي فقط، في مراحل معينة من التاريخ قد تتبنى موقفا معينا، ولكن يصب كما قلت في تكتيك سياسي، أما في المراحل الحرجة، فإن حمس اختارت أن تكون طرفا في السلطة أكثر من المعارضة. * جيلالي سفيان اعتبر أن "حمس" قد خذلت هيئة التشاور والمتابعة بقرارها القاضي بالعودة إلى الحكومة، وطالبها بالخروج من هذا الفضاء فورا.. ما موقفك من هذا؟ "حمس" كانت طرفا فعالا مع السلطة في تسيير مراحل حرجة، إذا اليوم قد يتفاجأ إنسان حينما يصنف حمس في المعارضة، أنا لست متفاجئا لأنني لم أكن من الأشخاص الذين يعتقدون أن حمس لها من القوة واستقلالية القرار أن تبقى متمسكة بأرضية مزفران، لأن هنالك حقائق لهذه الأحزاب منذ نشأتها، المكون الإنساني داخل هذه الحركات متورط ومتواطئ لمعظم قيادتها سواء في حمس أو غير حمس، هذا التورط الذي اصحب قيدا أمام استقلالية قرارها. * تدعو الأحزاب المقاطعة للتشريعيات إلى تبني آلية جديدة أو فضاء سياسي آخر؟ – المعارضة التي تتبنى المقاطعة ومطالب التغيير والحريات والانتقال الديمقراطي وجب عليها أن تفكر في آلية جديدة تتبنى مطالبها، وهنا أقول إن الأحزاب المشاركة كان عليها مغادرة هيئة التشاور وتتبنى هيئة أخرى لا توظفها لتحقيق غايات حزبية، ويكون الخط الصريح الذي يفرق بينها هي المواقف السياسية. * كيف ترى مسار الانتخابات التشريعية المقبلة؟ – الانتخابات التشريعية المقبلة لن تخرج عن الانتخابات السابقة التي نظمت في الجزائر منذ سنة 1997، السلطة بذراعها السياسي ترى أن هذا الموعد إداري لا أكثر، والمعارضة ستلعب في مباراة لعبت ومحسومة سلفا، هنالك مشكل توقيت المعارضة في وقت والسلطة في وقت آخر، وبالتالي تصبح الأحزاب مجرد ديكور سياسي، المقاعد ستوزع على مقاس السلطة، وسيكون الديكور على النحو التالي، في المرتبة الأولى سيكون الأفلان، والثانية "الأرندي" والثالثة تكتل الإسلاميين مع "حمس"، الرابعة "الافافاس" والأحزاب التي لها نفس التصنيف… إلخ. * ماذا عن موقفك من هيئة عبد الوهاب دربال، ومن تصريحاته المتتالية القاضية بضمان موعد تشريعي نزيه وشفاف؟ حينما أرى دربال أتذكر الآليات السياسية السابقة، أتذكر هيئة بوبنيدر، هيئة حباشي، محمد بجاوي، وكل الآليات التي كانت ترأسها شخصيات محترمة، لكن في آخر المطاف السلطة استعملتها لربح الوقت وإعطاء مصداقية ولو مؤقتة، أما بعد تنصيب النواب فتبقى الأحزاب تتخبط في النقد وتلوح بالتزوير، دربال يقدم للرأي العام كأنه إسلامي مغازلة ومناورة لا أكثر لاستمالة الإسلاميين للمشاركة وهو ما حصل. حاوره: نورالدين علواش