تحضر الأحزاب السياسية التي قررت خوض تجربة التشريعيات المقبلة، على قدم وساق لضبط قوائمها الانتخابية، وهي تنتظر إطلاق صافرة "الحملة الانتخابية" التي تكتسي أهمية كبرى في المسلسل الانتخابي، وتشكل فرصا لها للتواصل مع الهيئة الناخبة وللتعريف بمرشحيها وببرامجها الانتخابية، لكن تبقى نقطة جوهرية لطالما طرحت الكثير من التساؤلات في المواعيد الانتخابية السابقة، ألا وهي مصادر تمويل الحملات الدعائية ومن يكفل له قانونا مراقبتها، وما هي الآليات التي من شأنها "تقويض" تسلل المال الفاسد "الشكارة" إلى الحلبة الانتخابية. وفي ظل القوانين الجديدة الناظمة للحياة السياسية، في مقدمتها قانون الانتخابات الجديد، الذي يحدد في إحدى مواده كيفية إدارة الحملة الانتخابية، ويتطرق كذلك إلى مصادر تمويلها التي وجب أن تكون جلية ومعروفة المصدر، وألا يشوبها "الغموض"، حتى لا يتسلل المال الفاسد "الشكارة" إلى مترشحين بعينهم، ما يمكن من فرض منطق الأمر الواقع، لأشخاص على حساب أشخاص آخرين، خاصة إذا علمنا أن "الأموال" لها دور جوهري لدى المترشحين في تسهيل عملية تنقلهم إلى الولايات خلال الحملة الانتخابية لعرض بضاعتهم على الهيئة الناخبة، كما تلعب كذلك دورا بارزا في توفير كافة الشروط اللوجستية والمادية التي يحتاجها المترشح. ولعدم تكرار الكثير من السيناريوهات التي كانت تتكرر خلال الحملات الانتخابية المنصرمة، حيث كان "المال الفاسد" يفرض منطقه بالقوة في الساحة الانتخابية قبل أي موعد انتخابي، فإن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي يرأسها عبد الوهاب دربال، تؤكد منذ تأسيسها وانطلاق عملها الفعلي، على أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون نزيهة، وأن كل الممارسات غير القانونية أصبحت من الماضي، الأمر الذي يمكن أن نستنبط منه أن الهيئة ستقف على مسافة واحدة بين الأحزاب، وأنها ستقطع مصادر التمويل غير القانونية، وهي المخولة قانونا بمراقبة وتتبع كل ما يمكن أن يمس بمصداقية وشفافية هذا الموعد. وتشترط الانتخابات التنافسية أن يملك المرشحون وسيلة لتمويل حملاتهم الانتخابية وعملياتهم الروتينية. ويشير تمويل الحملات -الذي يشكل عنصرا من عناصر التمويل السياسي- إلى كافة الأموال التي يتم جمعها وإنفاقها من أجل الترويج للمرشحين والأحزاب السياسية والسياسات خلال الانتخابات، والاستفتاءات والمبادرات، ونشاطات الأحزاب وتنظيماتها.
* الأحزاب مطالبة باحترام نص القانون العضوي المحدد لمصادر تمويلها وفي هذا السياق، أشار الدكتور والناشط السياسي أرزقي فراد ل" الحوار"، إلى أن صعوبة مراقبة الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، مصادر تمويل الأحزاب خلال الحملة الانتخابية، متسائلا: "كيف بأحزاب سياسية لا تزال تتلقى الدعم من جهات أجنبية، ولم تحاسب، ويمكن مراقبة مصادر تمويلها في ظروف استثنائية كالانتخابات". وفي هذا الاطار، أشار الدكتور المتخصص في القانون بجامعة الجزائر، بلهادي عيسى، إلى أن مسألة تمتع الحزب السياسي المعتمد بالشخصية القانونية وأيضا باستقلالية الذمة المالية، فضلا عن كونها مؤسسات دستورية بصريح نص الدستور لا سيما المادتين 52 و53 منه. وأن الأحزاب السياسية لا يمكنها الخروج عن نص القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية رقم:01-04 الذي يحدد صراحة مصادر تمويل الأحزاب السياسية بداية بالاشتراكات السنوية، التبرعات… إلخ من المصادر المشروعة التي ليس لها سقف يحدد قيمتها القصوى، وهذا يرجع لرغبة ومقدرة ورضى المانح بغض النظر عن حقوق الاشتراك السنوي التي تساوي أو قد تفوق قيمة بطاقة الانخراط، مؤكدا أن " الحملة الانتخابية تكتسي طابعا خاصا واستثنائيا بالنسبة لتمويل نشاطات الحزب المختلفة والمكلفة أحيانا، وهنا تكون السلطة التقديرية دائما المانحين والمتبرعين والمساهمين في تغذية صندوق المساهمات المخصصة لإدارة الحملة الانتخابية بأريحية على الأقل لأن ترتبط بالاشهار والطبع، بالتنقل والاطعام، بالتنظيم والمراقبة ووو، كلها مصاريف تتفاوت من حيث تكلفتها ومدى أهميتها في إنجاح مشاركة الحزب في الانتخابات".