الأستاذ بن مدخن وأنا أغادر جزر المالديف عائدا لوطني الحبيب وبينما كنت أحلق فوق السلاسل الجبلية الشاهقة بدأت أخط هذه السطور في الطائرة وعلى عجل خوفا من أن تنفلت مني وينفرط عقدها. حيث كنت أرغب في أن أحدث القارئ الكريم عن جنة الله في أرضه جزر المالديف تلك الجزر التي يضاهي نقاء مياه البحر فيها اللؤلؤ والماس بريقا ونقاء، المكان الوحيد حيث يمكنك أن تسبح ومن حولك أسماك لم تشاهدها إلا على شاشة التلفاز في برنامج *ناشيونال جيوغرافيك* حيث تكاد تخال نفسك القبطان "كوستو" عالم البحار الشهير ولكن ذلك حديث آخر مؤجل إلى حين. حيث سأطير بالقارئ العزيز إلى مدينة"سايغون" أو هوشي منه في الفيتنام حيث رأيتني وأنا أصل هذه المدينة النظيفة المزدحمة بالدراجات النارية ولدى زيارتي للمتحف الوطني للمدينة تتملكك رهبة وتحتويك معاني الفزع لهول الصور التي تعرض فظاعة الحرب الأمريكية على الفيتنام وبسالة مقاومة *الفيات كونغ* لأبشع وسائل الدمار حيث تستوقفك صور الجثث المتفحمة جراء قنابل النابالم أو المشوهة بفعل القنابل المختلفة وأيضا صور الإعدامات المباشرة للمواطنين من نساء وأطفال إضافة للكثير من الآليات العسكرية من دبابات وحوامات وطائرات مقاتلة تعرض لتأكيد انتصار الشعب الفيتنامي على الغزو الأمريكي كما انتصر قبله على حليفه الفرنسي لا سيما في معركة "ديان بيان فو" على يد الأستاذ خريج جامعة السوربون الجنرال جياب. وأنا أجول عبر مختلف أروقة المتحف رأيتني أنتقل في الحين واللحظة إلى ملامح الثورة التحريرية المباركة وإلى بسالة شعبنا وتضحيات شهدائنا ومقاومة مجاهدينا في دحر المستدمر الفرنسي. وعندها استحكمت مني فكرة "متحف المطار" ظننت أنه يكون من الملائم أن يخصص في مبنى المطار الجديد رواق ليضم متحفا و لو صغيرا يعرض تفاصيل المقاومة الشعبية وصولا إلى الثورة التحريرية المباركة مرورا بجرائم المستدمر وفظائع الإبادات التي لم يشهد لها مثيل عبر التاريخ ليعرف الوافد الجديد ويذكر المواطن وينبه الغافل الناسي أن حريتنا افتكت واستقلالنا انتزع وكرامتنا استردت بأغلى الأثمان. ذاك مجرد رأي قد لا يعجب البعض ولا يروق القليل ولا يشاطره آخرون لكنني أجزم أن السواد الأعظم لنا يعارضه لأننا شعب ينهل من مشكاة واحدة وقودها جحافل من الشهداء تزاحمت على مذبح الحرية.