رويدك أيها القارئ العزيز لقد أنفقت مالي لأحدثك عن مالي ليس مالي الدولة التي عاصمتها باماكو إنما مالي عاصمة جمهورية المالديف تلك الجزر التي هي موطن الجنان الساحرة والبحار التي في أحشائها الدر كامن. بلد مسلم مساحته تزيد عن 5 آلاف كلم2 يقع في جنوب آسيا لا يبعد عن الهند إلا بحوالي 500 كلم. لقد كانت زيارتها حدثا مميزا في رحلتي إذ ليس من سمع عن الجمال كمن رآه وليس من وصف له الحسن كمن عاينه، فعوض عن كرم الضيافة والترحيب بسياح العالم الإجراءات بالمطار في غاية البساطة واليسر ودون تأشيرة والانتقال إلى المنتجعات الموجودة على الجزر يتم عبر زوارق حديثة وسريعة. اللافت في الفنادق والمنتجعات أن كل منها شيد على جزيرة مستقلة تحقق لك معنى العزلة وتنقلك إلى عالم من السحر والجمال والسكون حيث نخيل جوز الهند وزرقة المياه تضاهي تلألأ الماس واللؤلؤ نقاء وصفاء، والغروب كما الشروق صور من البهاء والرونق تتعب الواصفين بل تعجزهم. حتى أنني صدمت أثناء الغوص بأسماك عديدة ذات ألوان مزركشة وحتى قروش صغيرة تسبح حولي تحت مساحات شاسعة من المرجان في صور لم أرها إلا على شاشة التلفاز. هذه الطبيعة العذراء -والتي لا أظنها ستظل كذلك بسبب جحافل السياح- جعلت جزر المالديف الوجهة المفضلة لقوافل الزوار، لكن الملفت أن جهدا يبذل في حماية هذه البيئة وصونها من خطرين داهمين هما: -خطر أن تغمر الجزر بفعل ارتفاع مستوى مياه البحر. -خطر التلوث لكثافة حركة السياح المتزايدة عام بعد عام. ومع هذا ورغم عن كل هذا السحر والرونق والبهاء والهوى والهواء الآخاذ إلا أنني مفتتن بوطني الذي لا أرى له نظير أو شبيه على رواية الشاعر الحسن بن الفقون. دع العراق وبغداد و شامهما فالناصرية ما ان مثلها بلد بر وبحر وموج للعيون به مسارح بان عنها الهم و النكد ليتني أستطيع أن أخفي إعجابي بجزر المالديف، لكن حسب الفتى الصب أن تكشف عيناه ما يعاني ويكابد لكن ولعي بوطني على ما فيه وما به وماله وما عليه يظل الهم الذي حوله أدندن. وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي. ولا أحسبني مبالغ إن قلت إن 1200 كلم من الساحل وكل تلك اللوحات البديعة من الطبيعة كفيلة أن أحسن استغلالها والعناية بها وإدماجها ضمن رؤية تنموية شاملة أن تجعل من الجزائر قطبا سياحيا لا يبارى، قد يرى البعض ذلك درب من الخيال ويراه آخرون بعيد المنال لكنني مع الكثيرين نؤمن أن المستحيل وضع لتطأه أقدام الرجال والإيمان بانتصار الوطن يصنع المعجزات.