شهدت الزيارات الاخيرة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لدول منطقة الساحل الافريقي حركية، خاصة في شقها الامني السياسي، حيث يرى العديد من المراقبين انها نتيجة للضغط الواقع داخل الحدود الفرنسية من قرارات وتغييرات في العقلية السياسية الجديدة، والتي يريد رسمها على المستوى الخارجي، خاصة تلك المتعلقة بمشكل الامن في مالي. هذا وقد اجمع بعض المحللين السياسيين والأمنيين لجريدة "الحوار" على ان المنطقة مقبلة على تغييرات ستكون اهم مخرجات قمة بماكو بمالي.
الخبير الأمني أحمد ميزاب ل "الحوار": * ماكرون بصدد إعادة رسم خطة أمنية جديدة في المنطقة يرى الخبير الامني احمد ميزاب ان هناك جملة من المعطيات والمؤشرات التي دفعت فرنسا لهذا التحرك الغريب والجديد ان امكن القول مقارنة بالسنوات الماضية، خاصة وكما هو معلوم انه لطالما شكلت منطقة الساحل ذلك البعد المصلحي بمختلف مستوياته، الى جانب البعد الاستراتيجي التي توليه فرنسا خاصة لدول الساحل. هذا ويضيف الاستاذ احمد ان عودة الاهتمام البارز لملف دول الساحل بهذه الحركية، والذي جاء بعد تولي ايمانويل ماكرون سدة الحكم ان له جملة من المعطيات التي وجب وضعها في الحسبان، خاصة خلال القيام بإعطاء نظرة شاملة حول بعض القضايا التي تخص الملف الساحلي بدرجة أولى وملف الأزمة في مالي من زاوية اخرى، والذي يرتبط مع بعض الوصلات، والتي تأتي في ظل الحديث حول تبخر تنظيم داعش الارهابي في منطقة الشرق الاوسط، وعلى ان الخيارات الاستراتيجية المتاحة لهذا التنظيم ستكون محصورة في منطقة الساحل والصحراء مستقبلا، بالإضافة الى ان المتابع لحيثيات وتفاصيل المشهد الأمني يلمس نوعا ما عودة شبه قوية لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل، ويضاف الى ذلك التطورات الواقعة على مستوى الملف الليبي وانعكساته على منطقة الساحل والصحراء.. كل هذا يجد الخبير الامني احمد ميزاب الفواعل الاساسية التي ادت الى التحرك الكبير الذي يشنه الرئيس الفرنسي من خلال خرجاته وزياراته التي اصبح التوجه الخارجي للسياسية الفرنسية اكبر من الداخلي بعد جملة من التصحيحات الداخلية التي ألقت بظلالها على المشهد الخارجي الفرنسي، والذي يدفع بالساسة الفرنسيين الى اعادة النظر في بعض الامور والمتعلقة بالمواضيع التي تجد فيها نوعا من زعزعة لاستقرار مصالحها خاصة وهي بذلك تعيد تقييم داخلي بالنسبة لقواتها المتواجدة في هذه الدول. هذا ويشير ذات المتحدث الى ان زيارة اليوم تأتي في اطار عملية تفقد للقواعد العسكرية، والذي من شأنها اعادة بعث الروح القتالية في نفسية القوات الفرنسية. وفي حديثه عن المستوى التي وصلت إليه العمليات الفرنسية، اكد احمد ميزاب ان ماكرون بصدد اعادة بعث خطة امنية جديدة حيث ستخفف الاعباء نوعا ما على القوات الفرنسية، الى جانب إلقائها نوعا ما على دول منطقة الساحل.
اللواء عبد العزيز مجاهد ل "الحوار": * المشكل المالي راجع إلى أخطاء تعاطي فرنسا مع الملف. يرجع اللواء عبد العزيز مجاهد ان سبب الزيارات المتكررة للرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون لمنطقة الساحل تفيد بأن هناك تغيرات عميقة وجذرية، والتي ستؤثر على سياسة فرنسا الخارجية. هذا ويرى اللواء مجاهد ان القوى الغربية ومن خلال التطورات الواقعة على المستوى الدولي، خلصت الى نتيجة تقتضي ان حل مشاكلها المحلية والجهوية يجب اشراك الدول المعنية بالقضايا ذاتها والتي تتأثر بشكل او بآخر بها، لذلك يرى ان فرنسا ومن خلال الأزمة في مالي تريد كسب الجزائر الى صفها. وبالرجوع الى نزيل الإليزيه الجديد، فإنه يعي جيدا وزن الجزائر في موازنة المعادلة الأمنية في منطقة الساحل، و بدون المرجعية الجزائرية فإن فرنسا ستدخل في دوامة امنية قد تشهد تبعاتها داخل حدودها، وهذا هو الحال الآن في أوروبا. من جهة اخرى، يرى اللواء مجاهد ان دول المنطقة بدأت تتراجع شيئا فشيئا، وتميل الى الأطروحة الجزائرية الامنية، الأمر الذي اصبح على فرنسا وحلفائها في المنطقة يدركونه جيدا، والامر الذي يبقى على عاتق فرنسا والقوى الغربية الاخرى الابتعاد عن المغالطات والنفاق السياسي، وأن تقوم بعملية تحليل المشكل الامني من جذوره والتشبث بالموقف الرسمي المساعد على الخروج من الأزمة. وخلال تطرقه الى العمليات الفرنسية القائمة من طرف قوات برخان، اكد ان هذه القوات ورغم الضربات التي تلقتها ستواصل مهمتها من خلال الدعم الذي ستشهده عقب اجتماع دول الساحل خمسة، والذي سيتعين هذه المرة على القوات العسكرية الافريقية التابعة لهذه الدول تقديم الدعم والإسناد للفرق العسكرية الفرنسية المتواجدة على تراب هذه الدول وبدرجة اولى مالي.
العقيد محمد خلفاوي ل "الحوار": * الضغوطات الداخلية تلقي بظلالها على السياسة الخارجية الفرنسية. اكد العقيد المتعاقد والخبير الامني محمد خلفاوي ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يعول على الجزائر كثيرا من خلال ايجاد الصيغة المثلى للخروج من النفق المظلم الذي باتت تعرفه القضية المالية. هذا ويرى العقيد خلفاوي ان التجربة الامنية الفرنسية بمالي، وعلى مدار سنوات، كونت لدى السياسي الفرنسي نظرة وبعدا امنيا جديدا في معالجته للملف، خاصة ان الظاهرة الامنية في تطور مستمر. هذا، ويرى خلفاوي ان زيارة ماكرون وحضوره لأشغال قمة بماكو تأتي في ظرف قياسي بعد الزيارة الاولى التي سبقت اعتلائه سدة الحكم، الأمر الذي يوحي الى ان السياسة الفرنسية الجديدة اخذت في الحسبان التداعيات التي اصبحت تلقي بظلالها على المشهد الفرنسي الداخلي، الامر الذي شكل حالة من الضغوطات الفرنسية الداخلية. من جهة اخرى يريد الرئيس الفرنسي توجيه رسالة مفادها ان على الدول الافريقية اعادة حساباتها، خاصة في الجانب الامني وكيفية حماية حدودها، والذي من دون شك سيكون ملخص اجتماع الدول الخمسة، وبالنسبة للعمليات الفرنسية الواقعة على الأرض، قال العقيد خلفاوي ان فرنسا تدرك جيدا حجم ومهمة وجود هذه القوات، لذلك هي تعول عليها حتى تطبق الاجندات الامنية والخطط الاستراتيجية مستقبلا.