أجمع العديد من المختصين على دق ناقوس الخطر فيما يخص واقع القطاع الفلاحي في الجزائر، حيث قالوا إن مشاكل هذا القطاع ليست وليدة السنة الأخيرة بل هي بفعل تراكمات، ويتحملها جميع الفاعلون في هذا المجال الحساس والذي يعد موردا اقتصاديا هاما، بالمقابل استحسنوا وجود برامج طموحة تهدف إلى تطوير القطاع. الخبير الفلاحي منصور عيسي ولدى نزوله ضيفا على منتدى يومية "الوسط" قال إن المشاكل في القطاع الفلاحي متراكمة منذ الاستقلال وليست وليدة اليوم فقط، والدليل الأكبر الذي يوضح هذا الأمر هو أن الجزائر لا زالت تستورد كميات كبيرة من الحبوب بالرغم من أموال الدعم والإمكانات الهائلة التي رصدتها الدولة للنهوض بهذا القطاع الحساس كبيرة، حيث أن الكمية االمستوردة من القمح بلغت 13.6 مليون طن سنويا، مقابل إنتاج 34 مليون قنطار. عيسي الذي أضاف أن الجزائر ضيعت فرصة تطوير قطاع الفلاحة خلال زمن البحبوحة المالية وارتفاع أسعار البترول، وبالمقابل أثنى على برنامج الدعم الفلاحي الذي خصصته الدولة، حيث تمنح حوالي مليوني هكتار، بالإضافة إلى الدعم لشراء الأسمدة الخاصة بالتربة والشتلات. لكنه شدد على دراسة كل المشاريع حيث إن الخوض في برامج الدعم بدون القيام بدراسة استشارية، بل حتى تكوين الفلاح تكوينا حقيقيا لكي يستطيع تسيير مستثمرته لا يخدم القطاع الفلاحي في الجزائر. وفيما يخص التصدير أردف ضيف "الوسط" أن الإحصاءات الأخيرة لتصدير التمور مثلا تشير إلى أن تونس البلد الأول في تصدير هذا المنتوج مقابل معدل إنتاج يفوق 250 ألف طن، مع تصدير ما يعادل 45 بالمائة من المنتوج الإجمالي، على العكس تماما، في الجزائر يتم إنتاج حوالي المليون طن مع معدل تصدير أضعف من الشقيقة تونس بكثير، وهو ما يدل على غياب استراتيجية واضحة. بالمقابل، شدد عيسي على التفريق بين الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، مؤكدا أن الأول أشمل وأعمق من الثاني، وفيما يخص الإحصاءات الخاصة بالقطاع الفلاحي، قال ضيف المنتدى، إن ما يتم تقديمه غير صحيح وليس له أي علاقة بالواقع الفلاحي، على حد تعبيره، مؤكدا أن نسبة 99.99 بالمائة مما يتم الاعتماد عليه خاطئ، ما يلزم على السلطات التحرك والعمل من أجل ضبط ما يجب ضبطه تفاديا لخسائر أخرى في هذا القطاع الحساس. أما رئيس المنظمة الوطنية للمؤسسات والحرف، مصطفى روباين، فقد أكد على أن الاعتماد على الكفاءات المحلية هو أحد أهداف منظمته التي تسعى جاهدة لتطوير القطاع الاقتصادي في الجزائر، بالإضافة إلى دعم الفلاحة المحلية والوقوف ضد التصدير، لأن اللجوء إلى هذا الخيار دون تحقيق الاكتفاء الذاتي سيضر بالمستهلك الجزائري. روباين دعا أيضا إلى تحديث وإدخال التكنولوجيا الحديثة في مجال الفلاحة، وهذا لإعادة دفع عجلة هذا القطاع لأنه يشكل موردا هاما للدولة في سياق البحث عن بدائل لمرحلة ما بعد البترول، مؤكدا توفر كل الإمكانات لأجل تجاوز كل مشاكل هذا القطاع. مولود صياد