دق عيسى منصور الخبير الفلاحي ناقوس الخطر بسبب غياب الرقابة على المواد الفلاحية المنتجة محليا والتي كشفت التحقيقات الميدانية أن هكتارات من الأراضي تسقى بالمياه القذرة إضافة إلى استعمال مواد سامة من أجل نموها السريع على غرار مادة "الدلاع" وهو ما يجعل المستهلك في خطر فضلا عن الاستعمال غير العقلاني للمبيدات والتي تخلف أضرارا كبيرة على الصحة وتؤدي للإصابة بأمراض المعدة والسرطانات والقولون، مؤكدا أن القطاع الفلاحي لا يزال لم يرتق للمكانة التي يستحقها في دعم الاقتصاد الوطني، مما عرقل مسار تصدير المنتجات الفلاحية للخارج مؤكدا أن غياب هيئات لإضفاء صفة الوسم والجودة وراء انتكاسة التصدير. وقال الخبير الفلاحي أمس أن غياب الرقابة على المنتجات الفلاحية ومتابعة الفلاحين نتج عنه تسجيل تجاوزات عديدة على مستوى الحقول الفلاحية، لاسيما في فصل الصيف، مؤكدا أن الاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية التي تتحدث عنه بعض الجهات خاطئ مشيرا أن الغذاء الصحي السليم شرط أساسي لتحقيق الأمن الغذائي. وأضاف عيسى منصور أن خرجات ميدانية كشفت أن بعض الحقول يتم سقيها بمياه قذرة العقوبة المفروضة على هؤلاء والتي تتمثل في إتلاف المنتوج فقط، مطالبا الجهات المعنية بتشديد العقوبات أكثر. وبخصوص المبيدات التي يتم رش بها المنتجات الفلاحية، والتي أكد الخبير الفلاحي أنها تتم بطريقة عشوائية، اقترح المتحدث استحداث الصيدلية النباتية يشرف عليها مهندسو الفلاحة.
القطاع الفلاحي بالجزائر يعيش عديد النقائص وقال الخبير الفلاحي أن المخطط الوطني للتنمية الفلاحية لم يأت بالنتائج التي كانت منتظرة رغم الأغلفة المالية المعتبرة التي تم ضخها منذ سنة 2000 من أجل تجسيده مرجعا الأسباب إلى غياب آليات المتابعة والمراقبة في مجال ضبط وتنظيم السوق مؤكدا أن هذا البرنامج لم يتم تجسيده بطريقة سليمة. وبخصوص قضية السلع الجزائرية التي منعتها بعض الدول من الدخول إلى أراضيها لعدم مطابقتها للمعايير المعمول بها دوليا في مجال التصدير والإنتاج، والتي أثارت الكثير من الجدل وخلفت صدمة كبيرة لدى الجزائريين الذين طالبوا الحكومة بتفسيرات حقيقية، أكد الخبير الاقتصادي أن تفسيرات وزارتي التجارة والفلاحة لم تكن منطقية وغير واضحة ويشوبها الكثير من الغموض، خاصة أن وزارة التجارة أعلنت عن فتح تحقيق حول أسباب إعادة منتجات فلاحية منها البطاطا وهو اعتراف منها بإعادة تلك المواد فيما نفت وزارة الفلاحة إعادة أي مواد كانت موجهة للتصدير إلى دول أخرى. ويرى الخبير الفلاحي أن المشكل ليس في إعادة المنتجات الفلاحية بقدر الخطر الناتج عن تكتم الجهات المعنية عن أسباب إعادتها، داعيا السلطات في الدولة للبحث عن الأسباب وعن مصدر المنتجات التي تم إعادتها. وفي السياق ذاته أعتبر غياب خريطة تحدد المنطقة التي زرع بها المنتوج الفلاحي خطر كبير من شأنه إفشال إستراتيجية الدولة في التصدير نحو الخارج. وقال الخبير الفلاحي أمس في فوروم جريدة لوكوريي التصدير نحو الخارج يحتاج لإستراتيجية حقيقية لتطويره ويأتي هذا عبر توفر شروط أساسية لإصدار المنتجات الفلاحية للخارج وهذا يتحقق عبر احترام كل المقاييس مع اختيار الأسواق الخارجية عن طريق المشاركة في الصالونات الدولية المتعلقة بالفلاحة والسياحة الاقتصادية وهذا من أجل ترقية الصادرات. وأكد عيسى منصور أن القطاع الفلاحي يعيش اليوم حالة مزرية كونه لم يستثمر ولم يستغل جيدا كقطاع إستراتيجي وهذا رغم اهتمام الدولة به في السنوات الأخيرة بعد تراجع أسعار البترول في 2014 وجعله قطاعا بديلا عن المحروقات مفندا أن يتحقق هذا إن لم تكن هناك إرادة سياسية وإستراتيجية فعالة لتحقيق ذلك، وقال المتحدث أن عراقيل كثيرة يواجهها قطاع الفلاحة في الجزائر تتمثل في غياب اللوجستيك وتقنيات حفظ وتبريد المنتجات الفلاحية مع غياب الرقابة على المواد التي تستهلك محليا.
الفلاح الضحية الأولى في ظل غياب آليات المتابعة اعترف الخبير الفلاحي عيسى مسعود أن الفلاح ضحية البزناسية في ظل غياب آليات الدولة في متابعته ودعمه ماديا ومعنويا من خلال إرشاده وتقديم التوجهيات له، مؤكدا أن أصحاب الأموال أصبحوا يسيطرون على قطاع الفلاحة من خلال احتكار المنتوج الفلاحي وتسويقه في الأوقات التي يرونها مناسبة بعد اقتنائه من الفلاحين بأسعار زهيدة. واعتبر المتحدث أن الارتفاع المحسوس في أسعار الخضر والفواكه المسجلة في الأسابيع الأخيرة غير منطقي ولا يمكن إرجاعه إلى قانون العرض والطلب، مؤكدا أن الفلاح غير مسؤول عن الأسعار المسجلة في هذه الفترة. ودعا الخبير الفلاحي وزارة الفلاحة القيام بحملات تحسيسية لفائدة الفلاحين وترسيخ لديهم ثقافة التأمين الفلاحي بلعب شركات التأمين لدورها في المجال، إضافة إلى ضمان تسويق المنتجات الفلاحية تفاديا لكسادها وذلك بالتعامل مباشرة مع الفلاح.
قطاع الفلاحة حقق اكتفاء ذاتيا نسبيا وفيما يخص تحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي في قطاع الفلاحة، قال الخبير الفلاحي أنه من المفروض أن تكون الأسواق الداخلية ممونة ليكون في متناول الجميع ويستجيب لحاجيات المواطنين الجزائريين، مؤكدا أنه من المستحيل تصدير الفائض بسبب عدم احترام المسار التقني للمنتوج في ظل غياب مؤسسات وهيئات لإضفاء صفة الوسم أو جودة المنتج، موضحا أن اتفاق الشراكة بين الجزائر والإتحاد الأوروبي في 10 سنوات لم يأت بثماره ولم يحقق نتائج إيجابية، حيث نتجت عنه نتائج سلبية.