بالرغم من الإمكانيات الهائلة التي تحوز عليها الجزائر في القطاع المنجمي بتوفرها على ثروة معدنية كبيرة، على غرار الذهب واليورانيوم والفوسفات وغيرها من المعادن التي من شأنها أن تخلص الاقتصاد الوطني من شبح الاعتماد على المحروقات، إلا أن تطوير هذا المجال لا يزال يعاني من تأخرات كبيرة وسط غياب استثمارات حقيقية للتنقيب والاستكشاف واستعمال التكنولوجيات الحديثة وعجز بعض المناجم المستغلة من تلبية احتياجات السوق الوطنية على الرغم من الاحتياطات الهامة التي تزخر بها الجزائر. * المنظومة القانونية ضرورة لاستقطاب الاستثمارات الحقيقية وشدد وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، على أهمية الاستثمار في قطاع المناجم في تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني، بالنظر إلى القدرات الهامة التي تحوز عليها الجزائر في هذا القطاع. وأكد شكيب خليل، في اتصال ل "الحوار"، أمس، أن تأخر الجزائر في خوض استثمارات حقيقية في هذا المجال، راجع إلى المنظومة القانونية التي ينبغي أن تلعب دورا هاما في تشجيع وضمان حماية المستثمر الأجنبي للاستثمار بكل أريحية وطمأنينة، بالإضافة إلى ضعف الاتصالات مع المستثمرين في ظل غياب المعلومات الضرورية بقطاع المناجم. واعتبر شكيب خليل، بنك المعلومات الذي يحدد جميع مواقع الثروة المنجمية، ضرورة حتمية للإقلاع بهذا القطاع، للأهمية الكبيرة التي يوليها المستثمرون الأجانب لهذه المعلومات، والتي تضمن لهم تحديد المناطق والمعادن بالإضافة إلى تحديد قيمة التكاليف والنقل واليد العاملة وغيرها من المعلومات التي تسهل عمل المستثمرين المحليين والأجانب. وشدد ذات المتحدث، على ضرورة تحفيز المستثمرين بشكل أكبر من خلال تسهيل مشاريع الاستكشافات المنجمية، خصوصا في ظلّ الصعوبات التي يواجهها متعاملون محليون وأجانب على غرار الضرائب والرسوم وكذا البيروقراطية، مؤكدا أنه من غير المعقول التحدث عن استثمارات في قطاع المناجم في ظل غياب بنك معلومات كالمعمول به في الدول الأوروبية، وذلك ضمانا لنجاح هذه الاستثمارات الضخمة ومساهمتها في تطوير القاعدة الصناعية في الجزائر. وفي ذات الصدد، أرجع الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، التأخر الكبير الذي يعاني منه قطاع المناجم في الجزائر، إلى سوء استغلال القطاع ونقص الاهتمام اللازم الذي من شأنه أن يتدارك هذه التأخرات التي استمرت لأكثر من 50 سنة. وأشار كمال رزيق، في اتصال مع "الحوار"، أمس، إلى أن الحكومة لم تول اهتماما كبيرا للاستثمار في هذا المجال إلا في السنوات الخمس الماضية، حيث أنه لم تكن هناك فكرة حقيقية للاستغلال الاقتصادي لهذه الثروات، مشيرا إلى أن قطاع المناجم لا يقتصر فقط على مناجم الحجر والرمل والإسمنت، بل يتطلب استثمارات حقيقية من شأنها النهوض بالاقتصاد الوطني على غرار استغلال مناجم الذهب واليورانيوم وغيرها. وأشاد ذات المتحدث بإمكانات الجزائر في المجال المنجمي، مشيرا إلى منطقة الهقار في الجنوب الجزائري، والتي تعتبر من أكبر المناطق التي تحوز على ثروات كبيرة وخامات هامة للمعادن الثمينة مثل الذهب واليورانيوم وغيرها من الإمكانيات الضخمة غير المستغلة، بالإضافة إلى المنطقة الغربية في غاز جبيلات قرب تندوف، والتي تعتبر من أكبر حقول الحديد في العالم، مؤكدا أن حسن استغلال هذه المناطق من شأنه تغطية طلب السوق المحلي والتوجه إلى الأسواق الأجنبية يضيف رزيق-.
* القطاع استراتيجي وعلى وزارة الصناعة الاستثمار فيه بقوة وشدد المتحدث، على وزارة الصناعة والمناجم، بضرورة الاستثمار في هذا المجال باعتباره قطاعا استراتيجيا خالقا للثروة ومكملا للمجالات الأخرى وبديلا هاما للمحروقات، حيث دعا إلى ضرورة فتح أبواب الاستثمار أمام المستثمرين الخواص والأجانب، باعتبار الاستثمار في هذا المجال يتطلب إمكانيات كبيرة وتكنولوجيات دقيقة تتطلب إقحام المتعاملين الخواص وإقامة شراكة مع مؤسسات قوية. كما أرجع كمال رزيق ضعف استغلال الثروات المنجمية والاستثمار فيها إلى ضعف الإستراتيجية التي يتبناها مجال الصناعة، بالإضافة إلى غياب إستراتيجية التسويق التي تضمن استقطاب متعاملين أجانب للاستثمار في هذا القطاع الذي يحتاج أموالا ضخمة ودراسات أولية تتطلب تكنولوجيا حديثة لإنجاحها، مؤكدا في السياق بأن الاستثمار في المجال المنجمي سيساهم بشكل كبير في خلق قيمة مضافة وتقليص فاتورة الاستيراد، بالإضافة إلى خلق مناصب الشغل وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني. وثمن الخبير الاقتصادي، الإجراءات الجديدة التي أعلن عنها الوافد الجديد على قطاع الصناعة والمناجم، بدة محجوب، أين أعلن هذا الأخير عن الشروع في إعداد دفتر شروط جديد للاستثمار في قطاع المناجم، كإستراتيجية جديدة لوزارة الصناعة لتطوير وتثمين الصناعات المنجمية، داعيا الوزارة إلى ضرورة إعداد دفتر شروط على المدى المتوسط والبعيد، بهدف وضع إستراتيجية واضحة أمام المتعاملين الأجانب، باعتبار العمل مع المؤسسات الخارجية يتطلب الاستقرار على إستراتيجية واحدة وهادفة ضمانا لنجاح هذه الاستثمارات الحقيقية، بالإضافة إلى ضرورة إعادة النظر في هذه السياسة بشرط أن تكون سياسة مستقطبة للاستثمارات الجادة يضيف الخبير الاقتصادي-. سمية شبيطة