تعمل الأحزاب السياسية المشاركة في المحليات القادمة، على قدم وساق من اجل تحقيق نتائج أفضل من النتائج المحققة في التشريعيات الفارطة. ونظرا لما تكتسيه من أهمية على أكثر من صعيد باشرت هذه التشكيلات الحزبية في تنشيط حملتها الانتخابية قبل التأشير حتى على قوائم الترشح. وتأتي هذه الانتخابات المرتقبة التي ربطها العديد من المتتبعين للشأن السياسي المحلي برئاسيات 2019، في ظل تغيرات سياسية واقتصادية، لا سيما مع بروز تداعيات الأزمة النفطية الخانقة على الاقتصاد الجزائري وانعكاسها سلباً على الأوضاع المعيشية للجزائريين، فضلاً عن إظهارها حجم إخفاق الحكومات المتعاقبة في الإنعاش الاقتصادي الذي لم يتحرك ولو بخطوة نحو الأمام. وفي السياق، ركزت جل التشكيلات السياسية في تنشيطها المسبق للحملة الانتخابية تحضيرا لمواعيد تجديد المجالس البلدية والولائية اللعب بورقة الوضع الاقتصادي الخانق والأزمة المالية العسيرة التي بلغت ذروتها، وصلت إلى حد وصفت السلطات العليا للبلاد الوضع بالجحيم نتيجة نفاذ السيولة المالية بالخزينة العمومية التي لم تعد بإمكانها سد حاجيات البلاد. وكانت السلطة السباقة في توظيف ملف الوضع الاقتصادي في حملتها الانتخابية المسبقة، حيث اعتبر المتتبعون بأن خطاب الوزير الأول خلال عرضه مخطط عمل حكومته أمام أعضاء البرلمان بغرفتيه يندرج في إطار الحملة الانتخابية، خاصة بعد أن هاجم هذا الأخير المعارضة، ما جعل أحزاب الموالاة تلتف وراء موقف الوزير الأول على غرار الأفلان والامبيا، الذي هو في حقيقة الأمر ما يزال على رأس الأمانة العامة لتجمع الوطني الديمقراطي الارندي، ما يعطي انطباعا آخر لدى التشكيلات المنافسة له، خاصة بعد أن أكد لدى تدخله في مجلس الأمة، أنّ المشاركة في المحليات ستكون أفضل من التشريعيات، وبدا أويحيى واثقا من تصويت أكبر مقارنة بتشريعيات 4 ماي الماضي، وقال أويحيى إنه يؤكد يقينه الحتمي في تسجيل أعلى نسبة مشاركة في المحليات القادمة. وتأتي هذه التصريحات في ظل اعترافه بالوضع المالي الصعب للبلاد، غير أن التدابير والإجراءات التي جاء بها ستمكن البلاد من تجنب الكارثة، خاصة بعد إعلان الحكومة إعادة تعديل قانون القرض والنقد والتوجه إلى سياسة طبع النقود لإنعاش الخزينة العمومية التي بدورها ستقوم بضخ دم جديد في الاقتصاد الوطني، لتحتل بذلك هذه الإجراءات حصة الأسد في البرامج الانتخابية التي أعدتها مختلف الأحزاب السياسية لحملتها الانتخابية، سعيا منها لاستقطاب اكبر عدد ممكن من الناخبين لنيل اكبر عدد ممكن من المجالس البلدية والولائية بغية فرض نفسها في الخريطة السياسية، بعد نكسة نتائج التشريعيات التي لم تكن على حساب توقعات الأحزاب التي شاركت فيها بما فيها حتى الموالية. في ذات السياق، يبدو أن وقود هذه الحملة الانتخابية هو الترويج للملف الاقتصادي، حيث ستلعب المعارضة بهذا الملف لفرض نفسها من خلال تقديم الحلول والاقتراحات التي تخرج البلاد، أما الموالية فهي ستقوم بطبيعة الحال على الترويج لمخطط عمل حكومة اويحيى. وبين هذا وذاك، نتوقع منافسة شرسة بين التيارات المشاركة، واحتمال الدخول في رواق الاتهامات والترشقات الكلامية وارد بقوة نتيجة غياب الحلول الواقعية من كلي المعسكرين للوضع الخانق الذي يتخبط فيه المواطن الجزائري جراء الأزمة المتعددة الجوانب التي تمر بها البلاد، الأمر الذي جعل الكثير من المحللين السياسيين يتوقعون اتساع حجم العزوف الانتخابي يوم الاقتراع، كون المواطن لم يعد يهتم بالعملية السياسية عموما، وبالفعل الانتخابي خصوصا، في ظل غياب القناعة والثقة، أما البعض الآخر فيتوقع العكس، بالنظر إلى حالة اليائس الذي عليه اليوم المجتمع الذي يريد تفادي أي انفجار اجتماعي أو أزمة سياسية من شأنها أن تؤدي بالجزائر إلى الهاوية. مناس جمال