كتب الأستاذ القدير، محمد بوعبد الله، Mahammed Bouabdallah، بتاريخ 17 فيفري 2018 على صفحته، فيما نقله عن الأستاذ العلاّمة، والمؤرخ الجزائري الكبير، محمد بن عبد الكريم، رحمة الله عليه وأسكنه الفردوس، قوله: " حين أزور البلدان المختلفة، أُنادى بالعلامة والمؤرخ الكبير، وحين أحطّ رحالي في بلدتي، يقولون: جَا وَلْدْ فْلاَنَة"، وعليه أقول: 1. لا يعرف صاحب الأسطر الظروف التي قيلت فيها هذه العبارة، لذلك سيتجاوزها القارىء ملتمسا العذر لقائلها. 2. لا أرى بأسا من قول العبارة، لأنّ "أهل البلدة" أعرف النّاس بالشخص وماضيه، ويحقّ لهم مناداة أيّ كان ومهما كان بعبارة "جَا وَلْدْ فْلاَنَة". 3. لا يعقل أن يطلب المرء من الغريب ما يطلبه من ابن الحي والبلدة، فمن عرفك بالصّغر ظلّ يناديك بما يعرفه عنك في الصّغر، ومن عرفك وأنت في القمّة ذكرك بعلوك. 4. ابن البلدة يعرف ماضيك وطفولتك ومراهقتك، ويظلّ يتعامل مع ابن البلدة على أنّه ذلك الطفل وذلك المراهق، ولو أصبح رئيس جمهورية وقائد أركان وفريد عصره ووحيد زمانه. 5. من أنكر على أهل البلدة أن ينادوه ب " جَا وَلْدْ فْلاَنَة"، فإنّه بذلك يمارس ديكتاتورية على الذاكرة، وكأنّه يطالبهم بمحو جزء من ذاكرتهم التي لايمكن أن يتخلوا عنها، ناهيك عن كونه يستعملها مع الغير ولا ينكر عليه ذلك. 6. كلامنا ليس موجّها للذين يستحيون من تذكيرهم ومناداتهم بوالديهم الكريمين. 7. وكلامنا أيضا ليس موجّها للذين يتعمّدون الحطّ من الغير حين ينادونه ويذكّرونه بوالديه، لذاكرته التي تتعلّق بسوء الأقوال والأفعال. 8. صاحب اللّقب يلقب بلقبه الوظيفي في وظيفته، ومن حقّه حينها أن يعترض على من لا يحترم لقبه ك: أستاذ، إمام، حضرات، المدرب، الكاتب، الشيخ، الحارس، المدير، وغير ذلك من الألقاب. 9. أصحاب هذه الألقاب حين تخرج من ميدانها لا تطالب غيرها بمناداتها بلقب الوظيفة فإنّ ذلك يرهق النّاس، ومن الديكتاتورية التي لا تليق بصاحب اللّقب: فالأستاذ في السوق هو بائع أو مشتري، والإمام في الملعب هو مناصر لفريقه المحلي أو الوطني، والشيخ في المقهى هو الصّاحب، والمؤرّخ في البلدة هو "وَلْدْ فْلاَنَة"، وحضرات في الشارع هو الزميل، فلا يفرض اللّقب في غير محلّه، فإنّه يسئ للقب ولصاحب اللّقب. 10. سيّدتنا مريم عليها السّلام ناداها قوما ب "يا أخت هارون"، ولم تستنكر على قومها، ولم تقل لهم لماذا لا تنادونني بلقبي وأنا الطّاهرة النقيّة. 11. حدّثني إمام فقيه بعدما عرضت عليه موقفي، فقال: حين يوضع المرء في قبره يلقّن ب "ابن فلانة"، تكريما له ولوالديه. 12. رحم الله أستاذنا ومؤرخنا وشيخنا العلاّمة محمد بن عبد الكريم، ونفع الجزائريين والمسلمين بأعماله الخالدة المميّزة.