جدد المكلف بالإعلام على مستوى نقابة "الكنابست"، مسعود بوديبة، في حديث مع "الحوار" نداءه الى السلطات العليا للتدخل من أجل معالجة الانسداد الذي يعرفه قطاع التربية، محذرا من الدخول في مشاكل أخرى على غرار خروج التلاميذ الى الشارع والمطالبة بالعتبة، كما دعا الوصاية الى تغليب لغة الحوار ومصلحة التلميذ والمدرسة لوضع حد لهذا الوضع من خلال التفاوض دون أي شروط مسبقة. * لو تطلعنا عن مستجدات النزاع بين نقابتكم والوزارة الوصية؟ يدخل اضرابنا الأسبوع الرابع في صيغة مفتوحة، والذي بدأ منذ 30 جانفي الماضي، رغم ان قوانين الجمهورية تؤسس لتفادي مثل هذه الاضرابات، لكن مسؤولي قطاع التربية وافتقادهم للقدرة على التعامل مع النزاعات سواء من حيث توظيف قوانين العمل التي تنظم هذه الأمور، هذه الإضرابات تعد سابقة لم تحدث من قبل بدأت على المستوى الولائي في الثلاثي الأول بولايات عديدة كسكيكدة بصيغة اضراب دوري، وبجابة وتيزي وزو، وإضراب مفتوح بالبليدة، وأول ما لاحظناه افتقاد مسؤولي القطاع في الولايات للقدرة على تسيير مثل هذه النزاعات المحلية، في المقابل المسؤوليون المركزيون لا يملكون نظرة استشرافية لفكها في إطار التفاوض والحوار، رغم تقدمنا في العديد من المرات الى الوزارة لتقديم مقترحات حول المسارعة الى حل هذه المشاكل.
* في رأيك ما هي أسباب غياب الوزارة أو عجزها عن معالجة هذا الوضع الذي طال أمده؟ الوزارة ليست غائبة، بل تتدخل لزيادة حدة الاحتقان، في ولاية سكيكدة مثلا اضراب دوري تم حله بجلسة حوار واحدة مع مدير التربية، وفي ولاية بجاية توقف الاضراب المفتوح في يومه الحادي عشر على أساس محضر اتفاق، هذا المحضر تم فيه وضع خريطة طريق للمشاكل المطروحة واتفاق بين الطرفين ومحضر ثاني امضي بعد وقف الاضراب بين مديرية التربية والمكتب الولائي لولاية بجاية يقضي بتعويض أيام الاضراب من طرف الأساتذة وعدم خصم أيام الاضراب من قبل مديرية التربية، بعد حوالي 20 يوما تتدخل الوزارة وتفرض على مدير التربية خصم أيام الاضراب التي عوضها الأساتذة في شهر جانفي، وبالتالي إعادة الأزمة الى نقطة الصفر، أما في ولاية تيزي وزو فقد استمر الاضراب ل 53 يوما، وزارة التربية عجزت عن إيجاد حل، لكن والي الولاية ورئيس المجلس الشعبي الولائي نظما جلسة حوار مع المكتب الولائي وتمكنا في فترة قياسية من معالجة الوضع، وفي ولاية البليدة الاضراب مدته ثلاثة اشهر، بسبب عدم تجسيد محضر عمره سنة كاملة الذي يتضمن خريطة طريق تتمثل في ضرورة تجسيد بعض المطالب واستعداد الوزارة للمساهمة في حل بعض المشاكل على مستوى الولاية تتعلق بالمسار المهني للأساتذة ومستحقاتهم المالية وطريقة التعامل معهم داخل المؤسسات التربوية وغيرها، هذه التراكمات هي التي خلقت هذه الأزمة على مستوى الولاية، في لقاء 26 ديسمبر 2017 مع الوزيرة نورية بن غبريط تم تغيير جدول الاعمال واقتصر الامر على ولايتي تيزي وزو والبليدة اللتين كانتا تشهدان اضرابا، حاولنا التركيز على حل هذين الوضعيتين تجنبا للوقوع في الانسداد الحالي، لكن الغريب في الامر بعد اللقاء مباشرة صدرت تعليمة من الوزارة تتضمن خصم كامل أيام الاضراب لشهر جانفي.
* إذن في مقدمة مطالبكم لتوقيف الإضراب إلغاء خصم أيام الإضراب؟ لا، الأساتذة لا يطالبون بإلغاء الخصم، بل بطبيعة القرار الذي اتخذ بعد اللقاء مع الوزيرة التي وعدت يومها بإرسال لجان تحقيق الى الولايتين وأكدت تسوية الوضع قبل العطلة، تم خصم كامل أيام الاضراب لشهر جانفي حوالي 40 يوما في تيزي وزو و35 يوما في البليدة و11 يوما المتفق عليها في محضر ممضى في ولاية بجاية تم اختراقه، ونفس الامر بالنسبة لولاية سكيكدة حيث لم يتم إعطاء الفرصة لمدير التربية لإيجاد ارضية من اجل تعويض أيام الاضراب، هذه الممارسات ولدت العودة الى الاضراب بولاية بجاية وتضامن الأساتذة بولايات عديدة، وبالتوازي تنظيم الحركة الاحتجاجية في ولاية غرداية من بداية السنة الى غاية جانفي الماضي لالتزامات موجودة في محاضر اتفاق عمرها 12 سنة لم تجسد، لقد كان من الممكن بعد ثلاث سنوات استقرار على مستوى نقابة "الكنابست" التي لم تدخل في إضرابات منذ مارس 2015 التعامل الجيد مع جميع القضايا، لكن الوصاية استغلت هذه الفترة لأمور أخرى لا أثر لها في الميدان، ولهذا فالمدرسة في انحدار على مستوى الوضع المهني والاجتماعي والبيداغوجي على مستوى المؤسسات التربوية.
* بعد إيداعكم قرار الإشعار بالإضراب إلتقيتم وزيرة التربية، لماذا لم تتراجعوا عن خيار الإضراب؟ خلال الفترة الممتدة من يوم ايداعنا الاشعار بالاضراب، أي بعد ثمانية ايام، لم نتلق أي دعوة للحوار مع الوزارة، الى غاية 28 جانفي، أي قبيل الدخول في الاضراب، اللقاء كان بعنوان جلسة عمل، لكن في الواقع لم يرتق الى هذا المستوى وكان مجرد جلسة سماع، من كانوا يديرون الجلسة يفتقدون لسلطة القرار وإلى التحكم في محتوى المحاضر والمطالب المرفوعة، وظهر ذلك من خلال تعاملهم مع الوضع عبر انتظارهم لمكالمات هاتفية ممن يشرفون عليهم، هذا الامر جعلنا على يقين ان الجلسة لم تأت الى حل المشاكل وإنما تدخل في اطار التقارير المرسلة الى الهيئات المعنية، مفادها فشل جلسة العمل في تجميد الاضراب، والأصح أن من أفشل اللقاء هو طبيعة ومن أشرف عليه، طلبنا منهم تبليغ الوزيرة بضرورة عقد لقاء معها يسمح بتغيير المشاكل وحلها وليس جلسات شكلية روتينية، لكنها اشترطت تعليق الاضراب لفتح الحوار معنا. بعد رفضكم لتعليق الإضراب، المحكمة الإدارية أصدرت حكما بعدم شرعية إضرابكم، لكنكم واصلتم الإضراب، هل هو رفض للقرار؟ للأسف الوصاية عوض فتح قنوات الحوار معنا لجأت لحل الأزمة بإجراء لا يوجد في قوانين العمل وتسيير النزاعات الجماعية بصفة عامة، وهو اللجوء الى القضاء الاستعجالي والحكم بعدم شرعية الاضراب، ومن المفروض هذا الامر يتم في الساعات الأولى من الاضراب، كل الإجراءات المتبعة في تسيير الاضراب غير قانونية وتعسف في استعمال السلط،ة لقد أسسوا لفوضى اللا قانون ويطالبون نقابتنا التي احترمت الإجراءات القانونية بتطبيق القانون.
* أين وصلت نسبة الاستجابة للإضراب على المستوى الوطني إلى غاية اليوم؟ الإضراب في جميع ولايات الوطن بنسب متفاوتة تختلف من ولاية الى أخرى ومن طور الى اخر، بعض الولايات يمس الاضراب فيها الاطوار الثلاثة على غرار بومرداسوبجاية، وبعض الولايات الأخرى في الطورين المتوسط والثانوي بقوة، لكن في الغالب الاضراب وطني، أثره الميداني واضح للعيان، والحراك الحاصل في الواقع هو الشرعية الحقيقية لإضرابنا، نسبة الأساتذة القائمين بالإضراب في حدود 70 بالمائة وطنيا، بنسبة أكبر في التعليم الثانوي، ليليه المتوسط ثم الابتدائي.
* هناك تأخر كبير في الدروس، ومع اقتراب امتحانات الفصل الثاني والامتحانات النهائية، هل يمكن استدراك الدروس الضائعة بفعل الإضرابات؟ الاضراب في فترة قصيرة يسهل معالجته، لكن يصعب الامر في حال الانقطاع عن التدريس لمدة طويلة، أليس عدم توفير أساتذة في مادة الفرنسية اضراب مقنن من قبل المشرفين على وزارة التربية؟، الامر أصبح معقدا يتطلب قدرات واستعدادات كبيرة، خاصة مع اقتراب الثلاثي الثالث ثم امتحانات نهاية السنة، ومع أجواء الضغط التي يعيشها كل من الأساتذة والتلاميذ يصعب قبول التضحية بعطلهم وعطل نهاية الأسبوع، لا بد على الاسرة التربوية من تهيئة أجواء لوضع رزنامات داخلية وفق طبيعة كل مؤسسة لمعالجة الوضع، هناك تأخر فصل كامل، يستحيل إيجاد كيفية تعويض فصل أو دمجه مع فصل اخر، لكن يمكننا تدارك بعض الجوانب التي تبعدنا عن هاجس السنة البيضاء من خلال معايير علمية، شريطة توفر الإرادة ويسارعون لبسط لغة الحوار والتفاوض لحل المشاكل المطروحة، ويمكن العمل بهذه المعايير في عطلة الأسبوع، لكن ستكون هناك تبعات خاصة مع قرارات العزل التي سببت تضامنا كبيرا من قبل الأساتذة والتلاميذ أيضا، نحن ضد خروج التلاميذ الى الشارع، لقد قدمنا تعليمات للأساتذة بمحاولتهم لإقناعهم بعدم اللجوء الى الشارع، لكن في بعض المؤسسات بعد منع الأساتذة من دخول المؤسسات التربوية احتج التلاميذ، وهذا الوضع يتحمل مسؤوليته القائمون على قطاع التربية.
* تكثيف وتيرة التدريس يصعب على التلاميذ استيعاب الدروس، خاصة في المواد العلمية التي تتطلب الجانب التطبيقي على الجانب النظري، كيف يمكن تجنب هذا الامر؟ هذا الامر يمكن تفاديه، يجب ان يكون الاستدراك بطريقة بيداغوجية بعيدا عن التسرع والحشو وكثافة التدريس وترك فضاء خلال الأسبوع ومتسع من الوقت للتهوية، يمكن التحاور من التلاميذ واستغلال بعض الفراغات الموجودة في الأسبوع مما يسمح لنا بوضع التلميذ على تسلسل الدروس والمعارف العلمية وتسطير اهداف تساعد على الوصول الى حد معين من المعارف، وما هو مطلوب خلال السنة الدراسية دون الوصول الى نهاية البرنامج الدراسي، الأستاذ يمكنه اقناع التلميذ بتقليص أيام العطلة لتعويض الدروس، وعلى الأساتذة تفادي التصريح للتلاميذ انه لن تكون هناك عتبة لأن الحقيقة غير ذلك في الميدان، لكن يجب ان تكون التصريحات تطمينية، لكن استمرار الوضع على حاله سيؤدي الى انزلاقات لا تحمد عقباها ستتحمل الوزارة مسؤولية الدفع بالتلاميذ الى المطالبة بالعتبة، لهذا وجهنا نداء الى رئيس الجمهورية للتدخل لإنصاف الأساتذة، ولا زلنا ننتظر الرد الإيجابي. * يقال إن عددا من الأساتذة المضربين تراجعوا عن الإضراب بعد تخوفهم من تعليمات الوزارة المتعلقة بالطرد والخصم، ما صحة ذلك؟ الآلاف من الأساتذة المضربين استلموا قرارات العزل، يتم انتقاؤهم بطريقة مدروسة تهدف الى تكسير الاضراب وإضعاف عزيمة الأساتذة، وتهديد الأساتذة بالخصم او الفصل، يدل على ان الوزارة على علم بالوضعية الاجتماعية المزرية للأستاذ، صحيح أن هناك أستاذة مضربين متخوفون من مصيرهم، خاصة الجدد، لكن بالمقابل هناك تضامن كبير مع الأساتذة المعزولين، وهذا التضامن ساهم في تقوية عزيمة كل أستاذ تخوف من مستقبله بعد تعليمات الوزارة بطردهم.
* لا يختلف اثنان في أن الوضع طال أمدة، خاصة ان القطاع جد حساس، ما هو تصوركم لتسويته؟ الحل بسيط، نحن بقدر ما لنا القدرة بالتعبئة في الميدان تمكنا اليوم ابراز شرعيتنا، كما لدينا القدرة على التفاوض، نغلب لغة الحوار على كل شيء منذ البداية، فقط نريد حوارا جادا يسمح بحل المشاكل المطروحة، الوزارة تقول ان أبواب الحوار مفتوحة، ونحن بدورنا عبرنا على استعدادنا الكامل لذلك، لكن من يحدد لنا مفهوم هذا الحوار نطالب بتدخل طلبنا طرف ثالث يشرف على الحوار وإنهاء الصراع. * ما تعليقكم على تصريحات الأمين العام للأرندي، أحمد أويحيى، حين وصف الأطباء المقيمين والأساتذة المضربين بالفوضويين والقراصنة؟ تأسفنا من تصريحات الأمين العام لحزب الأرندي، خاصة ان اسمه مرتبط بمنصب الوزير الأول، وبالتالي تحسب عليه هذه التصريحات، رغم اننا كنا ننتظر تدخله لتسوية الوضع، ومن خلال منبركم هذا أجدد دعوتنا الى رئيس الجمهورية والوزير الأول وكل السلطات العليا المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لفك هذا الصراع وإنصاف الأستاذ وتوفير الظروف الملائمة لأداء مهنته. حاورته: هجيرة بن سالم