في نهاية 2009 جرى الحديث عن التبشير بنهاية الإرهاب وأفول تنظيم القاعدة ولكنه برز بعد ذلك بقوة وبأكثر بشاعة في سوريا والعراق ثم ليبيا وعرف الإرهاب تحولات عميقة في المفاهيم والدلالات والسلوكات والمنطلقات والأهداف والتمويل وانتشار محفزات، ويتحدث الخبراء عن ملامح جديدة لموجة خامسة من الإرهاب وبروز مؤشرات إرهاب طائفي وربما حتى عشائري وتحول الفعل الإرهابى إلى إرهاب "سيبراني" عبر الشبكات الرقمية وأخذ يتمدد مستغلا شبكات التواصل الاجتماعي كما انحسرت الممارسات الإرهابية من تكتيك الاستحواذ الجغرافي إلى أسلوب الإرهاب المتجول من خلال نشر هجومات إرهابية على نطاق واسع يصعب معها المواجهة وبالتالي محاولات الإرهاب ممارسة استعراض للقوة العابرة للحدود وهذا لتحقيق أهداف له وهو بذلك يعمل على تداخل الفعل الإرهابي مع الجريمة المنظمة والبحث عن ملاذات آمنة وتوفير ظهير اجتماعي ودعم لوجستيكي يستغلها بعد ممارسته أفعاله الإجرامية. وهذا ما يدعو إلى استمرارية اليقظة والقيام بمتابعة مستمرة ودراسة متأنية لدعم جهود مكافحة الإرهاب والعمل على طرح معضلة مدى فعالية إستراتيجية الإرهاب في ظل التسارعات والتحولات الكبيرة وفي ظل التنافس الدولي للتواجد مثل ماهو الحال عليه في الساحل الإفريقي، وإن دور المجتمع المدني والنخب والجامعات مهم في دعم جهود مكافحة الإرهاب من خلال المواجهة الفكرية للفكر المتطرف والعمل الإرهابي ومن خلال كسر الحقيقة الوهمية التي يحاول الفعل الإرهابي إرسالها عبر رمزيات ومؤشرات والبحث في كيف تكون الجهود الدولية والوطنية والإقليمية جهودا فعالة ومؤتية لثمارها بدل ما تتحول إلى محفزات للعمل الإرهابي وتكييف أعماله وتحوله إلى أطوار جديدة وتكتيكات إرهابية. إن بلدنا الجزائر وهي تخوض معركة ضمن الجهد الدولي لمواجهة الإرهاب تحتاج من طبقتها السياسية ومجتمعها المدني ونخبها التلاحم وتنسيق الجهود وإيجاد كل السبل التي تواجه الفكر الإرهابي وتحفز على متابعة أشكال وتطورات الفعل الإرهابي لتوفر الأدوات اللازمة في المواجهة الحضارية لهاته الآفة.