يوم الرابع عشر من مايو من هذا الشهر يُعتبر يوماً أسود وحزيناً على الأمة العربية والإسلامية، وخاصةً على الشعب الفلسطيني، وهو يوم نقل السفارة الأمريكية من مدينة يافا – تل الربيع المحتلة التي أطلق عليها الاحتلال باسم (تل أبيب)!، حيث يأتي تنفيذاً لقرار الرئيس الأمريكي "ترمب"، وبّصْمتٍ رّسمي عربي، وبموافقة خّفية من زُعماء بعض تلك الدول!، واقتحامات اليوم للمسجد الأقصى المبارك لأكثر من ألف مستوطن وبحماية وتعزيزات كبيرة من قوات الاحتلال الصهيوني، ويأتي الاقتحام اليوم للقدس في ذكرى احتلال مدينة القدس حسب التقويم العبري، وفي ذكرى نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدسالمحتلة.. تمر علينا ذكرى النكبة في يوم الخامس عشر من شهر مايو 1948م ذكرى النكبة الحزينة، وضياع واغتصاب فلسطين على يد العصابات الصهيونية؛ ومع ذكرى مسيرات العودة المتواصلة، وشلال الدم النازف المتواصل من خاصرة فلسطين، ومحاولة تفريغ القدس من سكانها المقدسيين، حيثُ تأتي تلك الذكرى الأليمة والمريرة على الشعب الفلسطيني، والذي لازالت تشتدُ عليه المِحّن ولوحدهِ يدفع ثمن الدفاع عن المقدسات؛ ويدفع فاتورة الدم بسبب النكبة ووعد بلفور المشؤوم الذي أقرتهُ بريطانيا في الثاني من نوفمبر 1917م، والتي يجب على بريطانيا أن تعتذر لشعبنا عن تلك الجريمة البشعة بحق الفلسطينيين؛ والتي أعطت وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وإعطائها وعدا لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين؛ والذي نتج عنه النكبة، وإقامة كيان الاحتلال الصهيوني، وما تبع ذلك من مجازر، ومذابح ومعاناة مستمرة لشعب فلسطين، واستمرار الاحتلال الصهيوني الإجرامي جاثمًا على أرض فلسطين؛ ولازالت عجلة الزمان تدور رحاها مُسرعةً، فالأيامُ تطويها الأيام والشهور تطوى مع مرور السنين ولا تزال فلسطين وشعبها المكلوم النازف دمًا بعد مرور ما يقارب سبعين عاماً واقتربنا من القرن من الزمان، ولازال شعبنا والأجداد والأباء والأبناء يحلمون بالعودة إلى فلسطين التاريخية رغم كل الجراح النازفة، وشلالات الدم الطاهر المسفوح من خاصرة قوافل الشهداء الأبرار، وآهات الثكالى والأرامل، والأيتام، ومعاناة آلاف من الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال العنصري، وتستمر في ذكرى النكبة سلسلة النكبات على شعبنا الفلسطيني وأشدها بعد نكبة الاحتلال، نكبة استمرار الانقلاب والانقسام الفلسطيني بين أخوة الدين والدم والمصير الواحد والمشترك!، ونكبة جديدة الآن عبر نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدسالمحتلة، ومحاولة طرد المقدسيين وإخلاء المدينة من سكانها العرب، ومحاولات الصهاينة مستمرة لهدم المسجد الأقصى المبارك، وبدعم كامل من الإدارة الأمريكية؛ وعلى الرغم من كل ما سبق من سوداوية المشهد وظلاميتهِ إلا أنني أجزم أن النصر بات قريباً، وإن أشد ساعات الليل ظلاماً وحِلكةً وصريماً، هي تلك الساعة التي تسبق بزُوغ الفجر، وأن مع المحِنّ تتولد المنِح، ومع الألم يولد الأمل، ومع الشدة يقترب الفرج، وأن شعب فلسطين شعب الجبارين الكنعانيين المؤمنين سيبقى صامداً متجذراً في أرضه، وسيفشل كل المؤامرات الصهيو أمريكية؛ وسيبقى الأمل بالعودة والتحرير يتجدد مع كل ذكرى للنكبة، وإن مؤامرة صفقة القرن أو العصر لن تمُر وستفشل، وسنجعل الاحتلال يحيا على حد الحراب والسيف، وسنبقى سيفاً بتاراً قاطعاً لكل مؤامراتهم قال تعالى"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ"، صدق الله العظيم"، قدرنا أن نكون قدركم أيها المحتلون إلى قيام الساعة أن نسومكم سوء العذاب، ويا جبل ما يهزك ريح، وكما كان يهتف دوماً القائد الشهيد البطل الرئيس أبو عمار رحمه الله "على القدس ريحين شهداء بالملايين"، والنصر حليفنا؛ ونحن ننتظر وعد الله عز وجل لنا فإذا جاء وعد الآخرة لِّنِسوءَ وجوهكم ولندخل المسجد الأقصى فاتحين.
الكاتب الصحفي الباحث والمفكر العربي الدكتور جمال عبد الناصر محمد أبو نحل