استنفرت امتحانات البكالوريا الحكومة والرأي العام على امتداد خمسة أيام، رافقتها تخوفات من تكرار سيناريو التسريبات الذي رهن نجاح ومصداقية هذه الشهادة المصيرية في السنوات الأخيرة، لكن الأصداء القادمة من مختلف ولايات الوطن أثبتت أن بن غبريت استطاعت قلب الطاولة على مافيا التسريبات، وتمكنت عبر تنسيق حكومي صارم من إيصال بكالوريا 2018 إلى شاطئ الأمان،بتطبيق إجراءات صارمة ومشددة لم يسبق لها مثيل. انطلقت امتحانات شهادة البكالوريا على وقع تشديدات أمنية كبيرة لتفادي التسريبات والتشويش الذي كان يلازم سير هذا الامتحان المصيري كل عام، ولإعادة الهيبة لهذا الامتحان سطرت وزارة التربية جملة من الإجراءات بدءا بقطع الأنترنت إلى تركيب أجهزة تشويش وكشف المعادن، بالإضافة إلى كاميرات مراقبة لكبح محاولات الغش التي أثرت بشكل سلبي على مصداقية البكالوريا في السنوات الماضية، وبالمقابل سخرت مديرية الأمن أزيد من 18 ألف شرطي لتأمين الامتحان، كما وافقت وزارة البريد والمواصلات على قطع الأنترنت تفاديا للغش، كل هذه الإجراءات ساعدت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت على "تأمين" البكالوريا وصد محاولات التشويش، ويبدو أن التجنيد المحكم والاستعداد التام لعدد من الهيئات الرسمية بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية جنب الوقوع في فخ التسريبات التي رهنت مصداقية البكالوريا في السنوات الماضية. 353 حالة غش خلال الأيام الأولى شهد امتحان شهادة البكالوريا تسجيل أكثر من 350 حالة غش في الأيام الأولى عبر عدة مراكز امتحان في ولايات مختلفة، رغم التحذيرات التي رفعتها الوزارة والتي أكدت قبيل انطلاق الامتحان أنها لن تتساهل مطلقا مع حالات الغش، واعتبرت الوزارة أن إدخال أجهزة الاتصال الحديثة من هواتف ذكية ولوائح إلكترونية وأجهزة "البلوتوث"، يعتبر حاملها في حالة غش، ولتحقيق ذلك اتخذت وزارة التربية هذه السنة إجراء صارما حيث خضع أكثر من 700 ألف مترشح لتفتيش دقيق، يقوم به موظفون من الأمانات باستخدام أجهزة كشف المعادن، وبالمقابل أعطت وزارة التربية تعليمات لمديريها التنفيذيين بتدوين غيابات الحراس خلال فترة الإجراء للشروع في تطبيق العقوبات ضدهم. إقصاء 202 مترشح وغياب 31 بالمائة من الممتحنين كما سجلت مديريات التربية إقصاء 202 تلميذ بسبب التأخيرات رغم أن الوزارة منحت ترخيصا للممتحنين دخول مراكز الإجراء خلال النصف ساعة الأولى من الاختبارات على اعتبار أن الأوراق لن توزع إلا بانقضاء هذه المدة، لكن ذلك للأسف لم يمنع من تسجيل حالات غياب بسبب التأخر. كما سجل تغيب نسبة 1 بالمائة من التلاميذ المتمدرسين و30 بالمائة لدى فئة الأحرار. تجنيد أمني محكم وصرامة أثبتت نجاعتها وضعت المديرية العامة للأمن الوطني مخططا وقائيا بتسخير أزيد من 18 ألف شرطي من مختلف الرتب لضمان التغطية الأمنية لمجريات امتحانات شهادة البكالوريا. وأوضحت المديرية في بيان لها أن هذا المخطط يشمل تأمين 2108 مركز امتحان عبر قطاع اختصاص الأمن الوطني بكامل ولايات الوطن, 14 مركز تجميع, 70 مركز تصحيح ومركزين للطبع, بالإضافة إلى مراكز حفظ المواضيع والبالغ عددها 66 مركزا, كما شاركت مصالح الأمن الوطني في حفظ المراكز المتقدمة لحفظ المواضيع. من جهة أخرى، تم تسخير كافة آليات الوقاية لتسهيل الحركة المرورية بالقرب من مراكز الامتحانات التي شهدت توافد التلاميذ والأولياء والحفاظ على سلامة الممتحنين عن طريق وضع نقاط مراقبة ثابتة وأخرى متحركة لضمان إنجاح كل الظروف المهيأة لسير هذه الامتحانات عبر كافة التراب الوطني، إلى جانب مكافحة التوقف العشوائي قرب هذه المراكز وتكثيف الدوريات الراجلة والراكبة بتفعيل نشاط وحدات الدراجات النارية مع تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية عبر كافة قنوات الاتصال للمديرية العامة الأمن الوطني تخص الحدث. من جانبها وضعت القيادة العامة للدرك الوطني مخططا أمنيا خاصا بامتحان البكالوريا بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية، قصد ضمان السير الحسن لهذه الامتحانات، من خلال تأمين مراكز الامتحانات ومحيطها الواقع ضمن إقليم اختصاص الدرك الوطني ومرافقة وحماية عملية توزيع مواضيع الامتحانات، انطلاقا من مديريات التربية إلى مراكز الامتحانات وضمان الحماية والمرافقة للمواضيع المنقولة جوا لفائدة مراكز الامتحانات المتواجدة في المناطق الصحراوية بالجنوب الكبير وتأمين ونقل أوراق الإجابة انطلاقا من مراكز الامتحانات إلى مديريات التربية ومن مديريات التربية إلى مراكز التصحيح، كما وضعت المديرية العامة للحماية المدنية مخططا من أجل السير الحسن لهذا الامتحان. قطع الأنترنت حتمية لابد منها دافعت وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال هدى إيمان فرعون مطولا عن قرار قطع الأنترنت خلال سير امتحانات شهادة البكالوريا بوصف الأمر بالحتمية التي فرضها سيناريو الغش المتكرر كل سنة وتسريب الأسئلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن هذا الإجراء سيعطي مصداقية أكثر للامتحان ويقي الممتحنين من الضغوط التي تعرضوا لها في الدورات السابقة. أزيد من 4300 محبوس يجتازون الامتحان اجتاز قرابة 5 آلاف محبوس على مستوى 43 مؤسسة عقابية متواجدة عبر التراب الوطني، ومعتمدة من طرف وزارة التربية الوطنية امتحانات شهادة البكالوريا، وأعطيت إشارة الانطلاق من المؤسسة العقابية بالحراش وبغرض مساعدة المحبوسين لاجتياز هذا الامتحان المصيري، خصصت لهم دروس دعم تحت تأطير ما يزيد عن 712 أستاذ من مختلف الشعب.