اقترن اسم ناصر الزفزافي الذي حُكم الثلاثاء في الدار البيضاء بالحبس النافذ 20 سنة، ب"حراك الريف"، وتحول إلى رمز لهذه الحركة الاحتجاجية بنبرته الخاصة وأسلوبه في إلقاء الخطب الذي لم يغب عنه حتى أثناء محاكمته. كان الزفزافي (39 عاما) يواجه احتمال فرض عقوبة عليه قد تصل إلى الإعدام بالنظر للاتهامات الموجهة إليه والمتعلقة بالتآمر للمس بأمن الدولة، وهي تهم ينكرها. ولم يمثل أمام المحكمة أمس لسماع الحكم الصادر بحقه، بعد ان اخذ ورفاقه والدفاع عنه منذ فترة، قرارا بالتزام الصمت، باعتبار ان المحاكمة التي حصلت "سياسية بامتياز′′، برأيه. واعتقل الزفزافي السنة الماضية وزادت ملابسات توقيفه من تسليط الأضواء عليه. وتراجع زخم "الحراك" إثر اعتقال قادته ونشطائه الذين تقدّر منظمات حقوقية عددهم بحوالى 450 فردا، وطالبت هيئات عدة وشخصيات حقوقية وسياسية بالافراج عن المعتقلين، معتبرة مطالبهم مشروعة. – "محاكمة سياسية" – وتمكن الزفزافي من تحقيق شعبية كبيرة، خصوصا بين الشباب في مسقط رأسه، الحسيمة، ما مكنّه من تعبئة آلاف المتظاهرين. الا انه كان يواجَه بانتقادات أيضا بسبب مزايداته، وخطبه البالغة العنف والطريقة التي استبعد بها العديد من أنصار حركته. وأصبح الزفزافي عاطلا عن العمل بعدما عمل حارسا ليليا ثم صاحب متجر صغير لبيع الهواتف النقالة. وبرز صاحب موهبة في مخاطبة الحشود بنبرة حادة ونظرات غاضبة حولته الى رمز "الحراك". وشدّت جلسات محاكمته الأنظار واهتمام الإعلام، وواجهته المحكمة بتسجيلات مكالمات هاتفية وصور وإفادات شهود اعتبرتها أدلة إدانة في حقه، لكنه أنكر كل الاتهامات الموجهة إليه، وقال إن "الشرطة القضائية حرّفت أقوالي، ومحاضر الاستماع إليّ مزوّرة". وأثار الزفزافي الجدل عندما أكد في المحكمة انه تعرض للتعذيب والاهانة. وطالبت جمعيات حقوقية بالتحقيق في هذه التصريحات. وقرر في منتصف حزيران/يونيو 2018، رفقة 52 معتقلا آخرين حوكموا معه في هذا الملف، مقاطعة ما تبقى من جلسات. وأصدر القاضي بغرفة الجنايات في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء أحكامه في غياب المتهمين الذين يحاكمون منذ منتصف ايلول/سبتمبر 2017. وقال المتهمون انهم اتخذوا قرار المقاطعة بعدما أدوا ما أسموه "واجبهم في كشف الحقيقة. وتختلف حقيقة "الحراك" بالنسبة للزفزافي، عما وجه إليه من اتهامات. فقد كان، بحسب ما قال للقاضي، يعبر عن الرسالة التي "جاءت بها الخطب الملكية التي تؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتدين الحسابات السياسية الضيقة". وكان يشير بذلك إلى قرارات بإعفاء وزراء ومسؤولين كبار أُخذ عليهم التقصير في تنفيذ مشاريع إنمائية بمدينة الحسيمة، مركز "الحراك" الذي حمل على مدى أشهر مطالب تتعلق بإنماء المنطقة ووقف تهميشها، على إثر حادث أودى ببائع السمك محسن فكري في تشرين الأول/أكتوبر 2016. وكانت الحكومة المغربية أعلنت في وقت سابق إطلاق مشاريع إنمائية والتسريع بإنجاز أخرى تجاوبا مع مطالب "الحراك"، كما تم إعفاء وزراء ومسؤولين كبار اعتبروا مقصّرين في تنفيذ تلك المشاريع. وتأسف محام من هيئة الدفاع لكون "المحكمة لم تأخذ بالاعتبار العديد من الخروقات التي سجلناها طيلة مجريات هذه المحاكمة"، وتابع محذرا من أن "تزيد هذه الأحكام التوتر في المنطقة". وينتظر أن يطلب الدفاع استئناف الأحكام التي وصفها ب"القاسية" بعد التشاور مع الزفزافي ورفاقه، في حين وصف محام يمثل الطرف المدني تلك الإدانات ب"المخففة".