بن جاب الله: أزيد من 2،5 مليار ضاعت في ظرف ستة أشهر مسدور: يجب تغريم المتسببين في الخسائر وافي: الظاهرة سببها الحالة الاجتماعية السيئة خالدي: فعل تاريخي مترسب في المجتمع الجزائري تطرح ظاهرة رشق القطارات بالحجارة الكثير من التساؤلات حول هذه السلوكات التي تكبد مؤسسة “اسنتياف” أموالا طائلة، حيث تشهد قطارات الجزائر منذ مدة تتعدى التسع سنوات، ظاهرة سلبية متمثلة في التعرض للرشق بالحجارة من قبل أطفال ومراهقين ما تسبب في تلف العديد من القطارات كانت حديثة العهد في الدخول إلى الخدمة، مما كلف خزينة الدولة مبالغ باهضة لإصلاحها وتجديدها، ورغم الحملات التحسيسية بشأن هذا السلوك والعمل على الحد من الظاهرة إلا أنها تتصاعد سنة بعد سنة، مما يدفعنا للبحث عن الأسباب الخفية وراء هذه التصرفات، ما سبب هذه الظاهرة والإقدام عليها؟ ما هي النتائج التي ترتبت عن هذا السلوك؟ وما هي الإجراءات المتبعة للحد من الظاهرة؟ وفي محاولة لإيجاد إجابات عن هذه الأسئلة ارتأت جريدة “الحوار” التعمق في أعماقها. هذه هي حصيلة الخسائر المسجلة في ظرف 8 سنوات إن المتتبع لهذه الظاهرة في السنوات القريبة فقط يصطدم بأرقام خيالية للأحداث دون أن يجد لها تفسيرا مقنعا، فعلى الرغم من إجماع غالب الناس من مختصين و مواطنين على أنه فعل همجي تلقائي أصبح من يوميات الأطفال والمراهقين إلا أنه يدعو للتمعن ومحاولة إيجاد تفسير، ففي سنة 2010 سجلت القطارات 192 اعتداء أسفر عن 17 إصابة، وفي 2015 كان 244 اعتداء نتج عنه 30 إصابة، وسنة 2016 بلغ عدد الاعتداءات الذروة إذ سجلت 239 اعتداء نتج عنه 45 إصابة، كما سجلت سنة 2018 أزيد من 195 حالة اعتداء نتج عنها أزيد من 30 إصابة بين سائقي القطارات والركاب. ليس هناك حل غير الحملات التحسيسية في السياق صرح مدير الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية ياسين بن جاب الله، في حديثه الخاطف مع “الحوار”، أن تكلفة إصلاح القطارات الجديدة (كوراديا) للستة أشهر الأولى من سنة 2018 بلغت أزيد من 2 مليار و خمسمائة مليون سنتيم، مع عدم حساب القطار السريع بورقلة الذي اعتدي عليه في أولى رحلاته، ما نتج عنه إتلاف 40 نافذة من أصل 90 نافذة، مع العلم أن الزجاج الأمامي لوحده يصل ثمنه إلى أزيد من 80 مليون سنتيم، وبالرغم من الحملات التحسيسية التي قامت بها جهات مختلفة من جمعيات ومؤسسات إلا أن النتيجة لم تتغير وظاهرة الرشق بالحجارة تتصاعد يضيف المتحدث، لكن مدير الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية يبقى يراها الحل الوحيد والأمثل للحد من هذه الظاهرة، لأن الظاهرة مستفحلة وقديمة جدا في المجتمعات الجزائرية، لهذا النتيجة ستكون بعيدة نوعا ما وتتطلب صبرا للوصول إليها. على المؤسسة وخزينة الدولة والمواطن خصوصا، إذ وقت الاعتداءات تحدث حالات فزع كبيرة بين الركاب تصل إلى الإغماءات، ناهيك عن الإصابات بالرشق. القطار بالنسبة للمواطن شيء مزعج أما من جانبه فقال الخبير الاقتصادي فارس مسدور، إن القطار بالنسبة للمواطن كبير أو صغير شيء مزعج يجب التخلص منه، وبالتالي هذه الظاهرة ستتفاقم أكثر طالما لا توجد إجراءات ردعية قانونية، مثل تغريم الذين يقومون بهذا الفعل، وجعلهم يدفعون ثمن ما أتلفوه، وتركيب كاميرات داخلية وخارجية لجعل الناس يخافون من الإقدام على هذا العمل، والذي كلف الدولة ملياري سنتيم خلال ستة أشهر، وبتقدير قريب جدا سيصل إلى تكليف خزينة الدولة عشرة ملايير على الأقل، لذا فالردع واجب مثل التحسيس. غياب المرافق العمومية وراء تفاشي الظاهرة كما أرجع مجموعة من الأخصائيين الاجتماعيين وعلى رأسهم الدكتور نبيل وافي هذه الظاهرة إلى الحالة الاجتماعية السيئة التي يعيشها بعض الأفراد في المجتمع، والتي تساهم في ارتفاع نسبة العداوة للممتلكات العمومية والأشخاص خصوصا أولئك الذين يعيشون في أماكن قصديرية وتربوا ونشأوا في بيئة فقيرة، ما يدفعهم إلى الاحتقان والاعتداء على ممتلكات الدولة، كما أن أغلب هؤلاء الأطفال والمراهقين لا يجدون مرافق عمومية لاستغلال أوقات فراغهم، وهذا باب واسع جدا للآفات الاجتماعية وظواهر العدوانية في المجتمع. توارثت الأجيال تحطيم الممتلكات الاستعمارية ما مددها إلى وقتنا هذا وأرجع آخرون الظاهرة إلى ترسب تاريخي من فترة الاستعمار، حيث اعتبر الخبير النفساني الاجتماعي خالدي محمد في تصريحه ل”الحوار”، أنها استمرارية لحرب الحجارة التي كان يقدم عليها أبناء الجزائر ضد الممتلكات الفرنسية من بينها القطار، أي منذ إنجاز أول سكة حديد في 1859 بين العاصمة والبليدة، إلى يومنا هذا، أين توارثت الأجيال تحطيم الممتلكات الاستعمارية ومحاربة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، بشتى الطرق، وتتواصل بعد الاستقلال لتتحول من عمل ثوري وقومي إلى عمل عبثي وجبان ضد الممتلكات العمومية في صورة لنظرية الاكتساب دون إرادة أو معرفة. الظاهرة مفتعلة بينما فريق آخر من مواطنين قاطنين بنقاط مرور القطار والتي يتم الرشق منها من بينهم خ.ف \ و م.ع، نفوا أن تكون هذه الظاهرة وليدة الصدفة، أو الأمر غير مقصود، مؤكدين أنها عمل تخريبي مقصود ومنظم، بتحريض هؤلاء الناس لتخريب القطارات وتوقفها عن العمل، وهذا الفعل من طرف المستفيد الأكبر من توقف القطار السريع عن الخدمة والخاسر الكبير من استعمال المسافرين للقطارات السريعة هم أصحاب حافلات نقل المسافرين بين الولايات وسيارات الأجرة. والذين تتقلصّ خدمتهم كلما تم فتح خط سريع جديد. وعلى هذا الأساس، تبدو فرضية دفع شركات النقل البري بعض الأموال للمراهقين والأطفال من أجل تخريب القطارات السريعة فرضية واضحة وقائمة. آمنةسماتي