1. دول المغرب العربي مطالبة بالاستثمار في مبادرة الجزائر 2. لا بد أن نصل إلى فتح الحدود، لكن وفق شروط 3. -يجب إخراج قضية الصحراء الغربية من النطاق الثنائي 4. التبادلات التجارية بين دول المغرب العربي لا تتجاوز 2 بالمئة 5. ضرورة إعادة النظر في الشكل الهندسي للبناء المغاربي 6. يجب بناء تكتل اقتصادي استراتيجي مغاربي 7. إقامة مراكز للمهاجرين فوق أراضي دول الاتحاد فكرة مرفوضة
كشف الأمين العام للمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي، سعيد مقدم، عن موقف هيئته من مختلف قضايا الساعة التي يشهدها الفضاء المغاربي، حيث تطرق في لقائه مع “الحوار” إلى مبادرة الجزائر، واصفا إياها بالالتفاتة التي بإمكانها إعادة الدفء للعلاقات بين دول المغرب العربي. وقال سعيد مقدم إن “جميع هيئات وهياكل هذا الاتحاد منصبة، وهي مقسمة على دول الفضاء المغاربي بكيفية محكمة، ولم يبق سوى تفعيلها من أجل تحقيق الأهداف الذي أنشئ من أجلها التكتل المغاربي”. كما تحدث عن تركيبة المجلس الشوري لاتحاد المغرب العربي، والذي يشغل منصب أمانته العامة، وقال إنه “هو بمثابة برلمان يضم 150 نائبا عن دول الاتحاد، حيث يمثل كل بلد من البلدان الخمسة (الجزائروتونس وليبيا والمغرب وموريتانيا) ب 30 برلمانيا، لكن -حسبه- هو بحاجة إلى صلاحيات أكبر وأوسع. هذا ولم يفوت الأمين العام للمجلس الشوري لاتحاد المغرب العربي الفرصة للحديث عن تحديات الاتحاد ومشكل الهجرة والعصابات الإجرامية المتاجرة بالبشر، بالإضافة إلى ظاهرة الإرهاب، فضلا عن التوتر في منطقة الساحل وأزمة ليبيا، حيث بالنسبة إليه، أن “الربيع العربي في بعض دول المنطقة ساهم في تعطيل حركية الفضاء المغاربي”
ما هي قراءتكم لدعوة المغرب الطرف الجزائري لعقد لقاء ثنائي؟
في الحقيقة هي مبادرة من شأنها أن تعيد الدفء للعلاقات المغاربية، سواء ثنائية أو متعددة الأطراف طالما أن الدعوة أو الدعوات قائمة على النية الحسنة وأيضا قائمة على الإيمان بأنه لا محيد عن بناء صرح مغاربي يكون مبنيا على شراكة متوازنة وتبادل المنافع بين أبناء المنطقة المغاربية. طبعا لا نجد في أيامنا هذه بين أبناء الشعب المغربي الواحد من لا ينتظر تجسيد هذا الحلم الذي طالما راود أبناء المنطقة المغاربية من الموحدين إلى مؤتمر طنجة الشهير إلى يومنا هذا. هذا مشروع حضاري استراتيجي ينبغي أن نعمل سويا ومعا من اجل تحقيقه على أرض الواقع.
لكن البعض يقول إن دعوة المغرب للجزائر من خلال لقاء ثنائي الهدف منه مناقشة فتح الحدود وقضية الصحراء الغربية؟
ينبغي التمييز بين مسارين، فبالنسبة لمشكل الحدود بين الجزائر والمغرب فالحدود لم ترسّم حتى تكون مغلقة، لكن من أجل أن نضمن للشعبين حق التمتع معا بحرية التنقل والتملك وبحرية بناء مواطنة مغاربية. الحدود يجب أن نصل إلى فتحها ولا ينبغي أن تظل مغلقة، ولكن وفق توافقات بين بلدين على ضمان الأمن وحرية تنقل الأفراد ووفق قوانين البلدين لأن القضية قضية سيادية بالدرجة الأولى. أما قضية الصحراء الغربية فينبغي إخراجها من النطاق الثنائي لأنها ليست جزائرية مغربية وإنما قضية مغربية أممية، ولأن طرفي النزاع هما المغرب وجبهة البوليساريو وتشرف عليها الأممالمتحدة. وبهذه المناسبة، أوجه ندائي لطرفي النزاع المدعوين بداية الشهر المقبل للجلوس حول طاولة واحدة ومحاولة إيجاد حل في إطار الشرعية الدولية والخروج من النزاع الذي طال أمده.
وجهت الجزائر، نهاية الأسبوع المنصرم، دعوة لعقد لقاء على مستوى وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي في أقرب الآجال.. ما هي قراءتكم للمبادرة؟
الاتحاد المغاربي لديه مؤسسات وأجهزة، ومن بينها آلية مجلس وزراء الشؤون الخارجية الذي لم يلتقِ منذ عام 2016 وكان آخر لقاء له في تونس. ولهذا أعتقد أن الدعوة هي بمثابة مبادرة من أجل التئام المجلس باعتباره آلية من آليات الاتحاد المغربي ويقع على عاتقها تقييم وتيرة العمل المغربي ومسيرته. كما أشير إلى أن لقاءاته موسعة ويحضرها علاوة على وزراء الخارجية، كل من كتّاب الدول إلى جانب المؤسسات، ومنها المجلس الشورى، لتقديم عرض ورفع التوصيات إلى مجلس الرئاسة.
لكن هذا الأخير لم يجتمع منذ 1994؟
نعم هناك تأخر كبير أمام تحديات جمة تعاني منها المنطقة المغربية، سواء من حيث الأمن والتنمية المستدامة والتهديدات الإرهابية التي تعرفها المنطقة والعصابات الإجرامية والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى الأمن الغذائي والتصحر. وعليه ينبغي تفعيل التسيير المشترك للمسائل المشتركة، والوصول إلى منظومة اتحادية مغاربية تؤمن لنا مستقبل 100 مليون نسمة حاليا، وهي مدعوة في غضون 2050 لمضاعفة الجهود، لأن العامل الديمغرافي في تزايد، وسنصل إلى 180 مليون نسمة في ظل عدم تواجد لا أسواق مغاربية ولا مناطق للتجارة الحرة، والبنية التحتية ضعيفة جدا، في حين أنها أقوى لدى سكان ضفة شمال البحر المتوسط، حيث تصل نسبة التبادلات التجارية بينهم إلى 70 بالمئة في حين لا تتجاوز 2 بالمئة بين دول المغرب العربي.
ما هو سبب تعطيل اتحاد المغرب العربي؟
في الحقيقة هناك عدة أسباب، وقد أقول إن ثورات الربيع العربي ساهمت هي الأخرى في تعطيل الفضاء، بحيث حولت دول المنطقة أولوياتها من خارجية إلى أولويات داخلية استجابة للشارع. لقد فضلت بعض دول المغرب العربي إعطاء الأولوية للداخل على حساب المغرب العربي، ولا يمكن أن نبحث اليوم خارج آليات ومؤسسات الاتحادية عن حصيلة لتقييم العمل الاتحادي فنحن متأخرون جدا.
لكن ما دخل ثورات الربيع العربي في تعطيل عمل اتحاد لم يجتمع رؤساؤه منذ عام 1994؟
بالرغم من أن الأجهزة والمؤسسات كانت تشتغل بصفة عادية، إلا أنك تثير مشكلة حقيقية، والمعاهدة التأسيسية للاتحاد يجب مراجعتها لأنها أسست الاتحاد على اتخاذ القرار بالإجماع، ولا سيما على مستوى رئاسة الاتحاد، في حين ينبغي علينا اليوم إعادة النظر في الشكل الهندسي للبناء المغاربي، بمعنى أننا نمكن الأجهزة ومؤسسات الاتحاد بنوع من الاستقلالية والمرونة في إطار العمل التدريجي بالتنسيق والانسجام للوصول إلى تحقيق الأهداف التي أسس من أجلها هذا الاتحاد. جيراننا في الاتحاد الأوروبي لديهم مؤسسات مستقلة وبرلمان أوروبي، ولدينا برلمان مغاربي يتكون من 150 برلمانيا بمعدل 30 برلمانيا عن كل دولة، لكن لا يملكون الصلاحيات للتشريع أو المراقبة، ولذا يجب إعادة النظر في توحيد المنظومة المغاربية، وبالتالي مراجعة طبيعتها القانونية جذريا حتى من حيث اختيار أعضائها.
هل يمكن شرح هذه النقطة الخاصة بطريقة اختيار الأعضاء؟
لقد اقترحنا في وقت سابق بدلا من تعيين أعضائها من المجالس الوطنية والبرلمانات، اللجوء إلى الاقتراع المباشر خارج البرلمانات حتى يكون لنا نواب مغاربيون يدافعون عن المشروع المغاربي والصرح المغاربي، ومنه العمل على بناء تكتل اقتصادي استراتيجي حتى يشعر المواطن أننا نعيش في فضاء واحد.
هل يمكن القول إنه لم يتم تحقيق أي هدف من أهداف الاتحاد؟
الأهداف تحققت فيما يخض بناء الأجهزة والمؤسسات والانتهاء منها وآخرها مصرف التجارة والاستثمار المغربي والذي تحتضنه تونس وهو حاليا يشتغل بكيفية منتظمة، لكن ليس بالكيفية المطلوبة، لأن بإمكانه أن يساعد البلدان المغاربية في الاستثمارات بإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، والتي من شأنها بدورها القضاء على البطالة أو التخفيف من شبحها.
ماذا ينقصنا لتجسيد حلم مغرب عربي موحد؟
هذا ما طلبته الجزائر اليوم من خلال المبادرة إلى عقد لقاء على مستوى وزراء خارجية دول الاتحاد، حيث تنوي إعادة النظر فيما ينبغي القيام به، بمعنى آخر الجزائر تبحث عن تحديد المسؤوليات من خلال ضبط جدولة ورزنامة تقوم على أساس زمني محدد ومكان محدد للوصول إلى استراتيجية من أجل بناء الصرح المغاربي. لكن هذا لا يعني أن المبادرات الثنائية غير مرحب بها، حيث نعتبر أن كل مبادرة في إطار العلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف من شأنها أن تقوي البناء المغاربي، المهم أن يكون العمل.
وهل فتح المعبر الحدودي بين الجزائر وموريتانيا مؤخرا يمكن تصنيفه في هذه الخانة؟
نعم فتح ذلك المعبر هو جزء لا يتجزأ من المشروع المغاربي الأكبر حتى الطريق السيار أو كما نسميه الطريق السريع هو في مرحلته الأخيرة بالمغرب، وانتهى الشريط الهام منه، والجزائر هي الأخرى استكملت طريقها فيما شرعت تونس فيه. ونتمنى أن ينطلق إخواننا الليبيون في تجسيده في أقرب وقت ممكن من أجل العودة السريعة في أحضان الاتحاد، وهي مطالبة ببناء طريق مثله، لأنه لا يمكن للاقتصاد أن يبنى أو ينتعش بدون هياكل وبنى تحتية حتى يكون التبادل سريعا بينها، سواء عن طريق البر أو البحر أو حتى الجو لأن هناك عملا كبيرا ينتظرنا.
وما هو رأيكم في مساعي بعض الدول الأوروبية إقامة مراكز للمهاجرين فوق أراضي دول الاتحاد؟
هذه الفكرة مرفوضة رفضا قاطعا، ولا يمكن أن تتحول دول المغرب العربي إلى دركي يخدم مصالح الدول الأوروبية وجيراننا من الشمال، وهذا مطلب مرفوض. هناك مشاكل في الساحل والجنوب، ومشاكل في دول غرب ووسط إفريقيا، وينبغي على دول أوروبا تنسيق العمل مع الدول الإفريقية المعنية. لقد كنا في وقت سابق بلدان عبور وأصبحنا اليوم بلدان استقرار، والمهاجرون يأتون من دول غرب إفريقيا والساحل للاستقرار في بلداننا، وهذا مكلف ينبغي على الدول الأوروبية أن تبحثه باهتمام وجدية مع الدول الإفريقية المعنية بالهجرة وإيجاد حلول اجتماعية واقتصادية للحد من الظاهرة.
هذا موضوع يهم بلدان المغرب العربي، وقد يجعلهم يتوحدون؟
هناك لقاء بداية ديسمبر المقبل في الرباط لتناول موضوع الهجرة وانعكاساتها على الاستقرار والأمن والتنمية في بلداننا المغاربية، بالإضافة إلى انعكاساتها على علاقاتنا مع دول أوروبا. هذا الموضوع يتطلب تنسيقا بين دول المغرب العربي للحفاظ على سلامتها ووحدتها، وبتفعيل المقاربة التنموية لأن لا تنمية بدون أمن وسلم.
وماذا عن الملف الليبي؟
لقد شاركت الجزائر في الاجتماع بباليرمو بإيطاليا ومثلها الوزير الأول أحمد أويحيى، وتما دراسة مختلف الجوانب المتعلقة بالملف الليبي وبضرورة تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون السداسي الأول من السنة المقبلة. وهذا الموقف هو موقف موحد على مستوى دول المغرب العربي، وكلها تسعى وتأمل أن يعمل الإخوة الفرقاء في ليبيا من أجل صياغة والتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف ويضمن لهم وحدة وسلامة ترابهم وأيضا بناء دولة ديمقراطية حديثة تضمن العيش لأبناء ليبيا.
لكرة الآن بين أيدي الدول الأعضاء في الاتحاد، والجميع تابع الصدى الذي عرفته المبادرة، حيث لقيت الترحاب من الاتحاد الأوروبي، وحتى الجامعة العربية التي ولأول مرة ثمنت المبادرة من أجل لمّ شمل دول الفضاء المغاربي، وهذه المبادرة يمكن استغلالها والاستثمار فيها لإعادة الدفء للعلاقات المغاربية، والنظر والتداول في المسائل المشتركة. لكن هذا لا يعني أن اجتماع مجلس وزارء شؤون خارجية دول الاتحاد يقصي أي مبادرة في العمل الثنائي، وإنما يدعم ويعزز العمل المتعدد الأطراف.
هل أنتم متفائلون؟
أنا دائما متفائل، ولولا تفاؤلي لغادرت وظيفتي منذ سنوات عديدة، لكن بحكم علاقاتي الطيبة مع كامل المتعاملين معنا في أقطار دول المغرب العربي، نعمل ونحاول تقريب وجهات النظر من أجل تحقيق الأهداف السامية لشعوبنا في منطقة المغرب العربي.