تيارات ثورية في تونس ترفض الانضمام للحكومة الجملي: الإعلان الرسمي عن الحكومة بداية الأسبوع المقبل نفى رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي أن يكون قد اختار أسماء معينة لتشكيل الحكومة، لافتا في تصريحات عبر صفحته الفيسبوكية أمس السبت إلى أنه ما زال في مرحلة التشاور وفحص السير الذاتية للأسماء المرشحة لأن تكون في قائمته الحكومية. وأضاف الجملي أنه سيطلع الشعب التونسي بكل كبيرة وصغيرة عن نتائج اللقاءات، لافتا إلى أنه لم يتلقى لحد الآن تشريحات الأحزاب التي ستكون في الحكومة، معلنا أن الاعلان الرسمي للتشكيلة الحكومية وتقديمها للبرلمان سيكون بداية الأسبوع المقبل. أعلنت حركة الشعب التونسية وحزب التيار الديمقراطي عدم مشاركتهما في حكومة الحبيب الجملي، في خطوة غير متوقعة من الحزبين، بعد مختلف المشاورات والمساعي التي عقدها حزب “حركة النهضة” لإشراك الحزبين في الحكومة. وقال حزبا التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وهما حزبان رئيسيان في تونس، إنهما لن يشاركا في الطاقم التنفيذي تحت قيادة رئيس الحكومة المستقل الحبيب الجملي، ويأتي ذلك بعد أسابيع من المفاوضات عقب الانتخابات التي جرت في السادس أكتوبر الماضي والتي شكلت برلمانا مشتت القوى مع فوز طفيف لحركة النهضة الإسلامية. وأكد رئيس حزب التّيار الديّمقراطي محمد عبو، أنّ “التّيار غير معني بحكومة الحبيب الجملي ولن يشارك في تشكيل هذه الحكومة بناءا على قرار المجلس للسّياسي لحزب التيار”. وعزا عبو هذا القرار إلى أنّ “المناخ سياسي سيئ داعيا حركة النّهضة إلى رفع يديها على وزارتي الدّاخلية والعدل.” وأضاف رئيس حزب التّيار أنّ” الحزب دخل في المفاوضات بخصوص تشكيل الحكومة وأكّد الجملي على أنه سيضمن الاستقلالية ويحارب الفساد موضحا: “الجملي تراجع في كلامه بخصوص وزارة العدل بالرّغم من أنّنا عندما قابلناه قال أنّه لا توجد مشكل”، مشيرا إلى انّ التيّار عرض شخصيّتين مستقلّتين على رئيس الحكومة المكلّف لتولي منصب وزير داخلية. وقال عبو إن “البلاد قادمة على أزمة، جراء تشكيلة الحكومة الجديدة، مؤكّدا عدم التصويت لهذه الحكومة في جلسة منح الثقة للحكومة في البرلمان”. من جانبها، أصدرت حركة الشعب بيانا بتاريخ الخميس 5 ديسمبر 2019، اعتبرت فيه أن ”الأسلوب والمنهج المعتمد في تشكيل الحكومة هو استمرار للفشل، وسيؤدّي بالضرورة لما آلت إليه الحكومات المتعاقبة منذ الثّورة، ممّا يضع الكثير من الشّك حول قدرة رئيس الحكومة المكلف وفريقه المرتقب على وضع حلول للتّحديات الكبرى في كل المجالات”، مؤكدة رفضها ”المشاركة في تعميق الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة وارتهان القرار الوطني للمحاور والدوائر الأجنبيّة”. وشددت حركة الشعب في بيان لها أنها “حرصت على التّواصل والتّشاور مع حبيب الجملي بمجرد اقتراحه من طرف حركة النهضة وتكليفه رسميّا بالعمل على تشكيل الحكومة، كما حرصت على تقديم تصوّرات تضمّن حدّا أدنى من النجاح في المرحلة المقبلة، فعبّرت عن استعدادها لتحمّل المسؤوليّة والمشاركة في الحكومة شرط تغيير منهجيّة تشكيلها وإقدام رئيس الحكومة المكلف على إعلان سياسي يمكّن من ”تسييج الحكومة وتحديد الأطراف الحزبيّة المشاركة، ويحدّد موقع ودور الدولة في الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية، ويوضّح موقع ومكانة التّنمية الجهويّة ومراجعة العلاقة الظالمة بين المركز والأطراف، ويحدّد السّياسة الماليّة والنّقدية ودور النّظام البنكي وخاصة البنك المركزي والموقف من سياسة التّداين، ويرسم توجّه العلاقات الدّوليّة ودورها في توفير فرص تنمية حقيقيّة لتونس”. ولكن لاحظت الحركة “استمرار نفس الأسلوب القديم والمنهج المعتاد في تشكيل الحكومة وغياب الجديّة المطلوبة والشّروط الدّنيا الضّامنة للنّجاح وتقديم منجزات للشّعب” بحسب البيان، إذ أضاف المصدر أنها “سجلت عدم جديّة رئيس الحكومة في التّعاطي إيجابيّا مع المقترحات المقدّمة وإصراره على إعادة إنتاج الفشل”. وعكفت النهضة التونسية تحت قيادة راشد الغنوشي على مشاورات ولقاءات بهدف دفع الحزبين الرئيسيين للمشاركة في الحكومة باعتبارهما فعاليات سياسية قوية يمكنها أن تشكل ما يسمى “القوى الثورية” التي تشكلت عقب ثورة جانفي 2011، غير أن هذه المساعي لم تجد طريقا نحو الانفراج. وتتوقع بعض الأوساط السياسية في تونس أن يذهب الجملي إلى إشراك حزب” قلب تونس” الذي يقوده المرشح للرئاسة في الدور الثاني رجل الأعمال نبيل القروي، رغم أن “النهضة” تتحرج من ذلك، مع وعودها لناخبيها بعدم التوافق مع حزب محسوب على المنظومة القديمة، إذ عبرت حركة النهضة الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، عن رفضها بمشاركة قلب تونس في الحكومة لضلوعه في قضايا الفساد. ومن جانبه، أعلن الجملي في عدة تصريحات إعلامية، أن هناك وزارات سيادية واستراتيجية، من بينها الداخلية والعدل والدفاع والخارجية سيقودها مستقلون وليس محسوبين على تيارات أو أحزاب سياسية، ما أزعج الأحزاب التي كانت عينها على هذه الوزارات. اللافت أن الوضع الاقتصادي في تونس يحتاج إلى حكومة قوية لمواجهة مطالب الشعب التونسي، خاصة البطالين وأصحاب الشهادات العليا، وعمال الوظيف العمومي، إذ تعتبر المرحلة الحالية فترة إصلاحات عاجلة لإنقاذ الاقتصاد. غير أن تقلص عدد الأحزاب الراغبة في الانضمام إلى الحكومة التي يريدها الحبيب الجملي، يجعلها حكومة هشة، حتى وإن تم تمريرها على البرلمان خلال قادم الأيام، نظرا لتخندق المنظمات العمالية ونقابات الشغل والفلاحين والصناعيين، علاوة على تراكات المطالب الاجتماعية والوعود التي قدمتها الأحزاب السياسية خلال الحملة الانتخابية في التشريعيات الأخيرة. وبالحديث على الوضع الاقتصادي، ورثت تونس منذ ثورة جانفي 2011، أزمة اقتصادية تزايدت حدتها مع ارتفاع معدلات البطالة، رغم المسار الديمقراطي الذي حظيت به وتوجت به الثورة التونسية على نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي.