بقلم: مصطفى بونيف ضربت رائحة المثوّم الذي طبخته الحاجة فطوم أرجاء العمارة، ولم يطق جارنا حبزلم صبرا فأصبح ينزل ويصعد على سلالم العمارة وهو يحمل صحنا فارغا في يده… لأنه من عشّاق المثوم، بينما فضلت والدته أن تطبخ الخرشف باللحم في اليوم الأول.. لأن الخرشف هو رمز للصبر والكفاح الطويل، والمواطن الصالح، خصوصا إذا كان موظفا، هو الذي يجعل من الخرشف طبقه الرئيسي على المائدة، خصوصا إذا وضع قرب الخرشف قرن فلفل بسكري حار مغموس في زيت الزيتون… أخرجت الحاجة فطوم رأسها من باب شقتها وهي تصرخ “يا حبزلم هات صحنك، المثوم أصبح جاهزا”.. وخذ معك الصحن الآخر لمصطفى هو أيضا يحب المثوم مثلك، ولقد تألم كثيرا لأن بعض زملائه أقاموا ولائم مثوم ولم يوجهوا له دعوة، قل له خالتك فطوم لا تنسى جيرانها”. كاد حبزلم أن يتسلل بالصحنين إلى بيتهم لولا أنني قطعت عليه الطريق.. ثم وبّخته: ” لقد سمعت بأذني الحاجة فطوم وهي تحملك أمانة، هل تريد أن تأكل الأمانة يا حبزلم؟”. فقال لي: “الحاجة فطوم عندها كورونا، وخفت عليك من العدوى، فرأيت بأن آخذ الصحنين.. وأتصرف فيهما”. – كورونا لا تعيش في الحرارة، وبالذات حرارة الفرن، إذا كانت هناك كورونا فعلا فقد شوتها الحاجة في الكوشة، هات الصحن يا حبزلم”. وأمام إصرار حبزلم العجيب على الصحنين طلبت منه أن يحضر لي طبق خرشف باللحم، وأظنها مقايضة عادلة. وبالفعل… كان طعم الخرشف لذيذا كما تعودت طيلة العام، سبحان الله له مذاق يشبه القرنون، بل ألذ منه، ولكنها مسألة حظوظ.. القرنون للأغنياء والخرشف للفقراء. صحّة فطوركم