دعوة خير بقلم الأستاذ: حسين مغازي أعتقد أن دور النخب ورجال الفكر لا يزال دون طموحات الأمة الجزائرية ودون ما يجري من تحولات عالمية سريعة، والموجع في كل هذا أنه لا يوجد منبر يسمح لهؤلاء بالتحرك وإثراء العقول وتنويرها بكل ما يحدث من طوارئ، بل وفي تلقيح افكارها باستشراف المستقبل خيره وشره كما تفعل العديد من نخب العالم. وأنت تتجول في قنواتنا التلفزيونية لا تكاد تجد فرقا بينها اطلاقا، كلها قنوات لحراسة اللهو وتشتيت الوعي عما يدور من حولنا من تغيرات بالغة الأهمية، ولا زلت لحد الساعة لم أفهم لماذا تعرض هذه النخب عن الخوض في تنوير العقول بمفاهيم معرفية جديدة تتشكل من حولنا لتدفعنا نحو مسارات لا نفقه شيئا عن مخرجاتها. كم هو مؤسف أن تعيش نخبنا كل هذا الشتات ولا تحرك ساكنا، عندما نلوم المواطن البسيط على تصرفاته الطفولية زمن الأزمات فإننا نظلمه لأن سياسات اعلامية واقتصادية وثقافيه تريده أن يكون بلا وعي حتى يسهل التحكم في مطالبه، ما ذنب هذا المجتمع الذي غزت عقله صيحات الإشهار والتقليعات الساخرة من كلام غير معصوم وحركات مقززة للأخلاق. مجتمعنا لا يزال يجهل تاريخه ولا يعرف كيف يتحرك ثقافيا وعلميا واجتماعيا، ولا تحتفظ ذاكرته بصور الماضي الذي عاناه الأجداد طوال عقود لتكون المنصة التي يرى منها هذا الكون المتحرك. القناة التلفزيونية المختصة في الذاكرة التى ستفتح مستقبلا خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لن تكون كافية لاحتواء وتذليل وتبسيط كل التعقيدات الداخلية والخارجية وحقنها في عقل المجتمع في زمن يتسارع بشكل غريب، سوف نكون بحاجة الى كومندوس من النخب الاعلامية والجامعية والرجال العصاميين للتخصص بكل حرفية في كل مجالات الفلسفة السياسية والاقتصادية وكل حركة في هذا العالم.. إلخ، ومخاطبة الوعي بكل هدوء ورزانه وبمناهج علمية مميزة، ان صناعة المستقبل لم تعد متاحة للجميع في ظل هذا الطوفان المعرفي والاعلامي الذي أصبح يلتهم عقول الشعوب ويعمل على تغييبها بمنهجية خبيثة وحرفية عالية، غيرأن الهمس الدافئ في أذن المجتمع، الهمس الذي يجمع بين العقل والعاطفة، وبين ما يضمنه رخاء اليوم وما تفتقده سفينة الغد من أحوال غير محسوبة، تدفع هذا المجتمع ليستشعر الخطر فيتوحد تلقائيا ليتسلح بالمناعة الاجتماعية التي تسمح له بمواجه الصعاب والانتصار عليها، إن المجتمعات لا يمكنها التحرك بسلامة نحو الأفضل الا بمحركات عملاقة ذكية، وهذه المحركات هي النخب بكل شعبها وأنواعها، ولمّا كانت السماء لا تمطر ذهبا فإن نواميس الكون لا تحابي مخلوقا قعد عن صنع مستقبله. صح رمضانكم