انتشرت ظاهرة متابعة الأطفال للتلفزيون بشكل كبير،حيث أصبح هذا الأخيرالونيس الوحيد لهم عبرمختلف مراحل حياتهم ففي الماضي لم يكن الطفل يشاهد هذا الجهاز إلا عند بلوغه سن العشر سنوات و لفترات محددة ،لكن اليوم تحول التلفزيون من مجرد جهاز لتمضية الوقت إلى طريقة يستغلها الوالدان و بدرجة أكبرالأم في إلهاء هؤلاء الأبناء الذين لا يتوقفون عن الحركة ،و نظرا لخطورة ما يشاهدونه من برامج تؤثر سلبا على تصرفاتهم يدق المختصين في مجال حماية الطفولة ناقوس الخطرمن النتائج المترتبة عن ذلك والتي تتحمل الأسرة المسؤولية في استمرارها. أصبحت بعض التصرفات اللامسؤولة التي تقوم بها العائلة اتجاه أبنائها سواء عن جهل أوعن إدراك بنتائجها الخطيرة تهدد مستقبل شريحة كبيرة من الأطفال الذين تحولوا بفعل تلك الممارسات إلى وعاء يستقبل كل ما يأتيه من العالم الخارجي دون غربلة أو رقيب ومن بين تلك الوسائل التي تشكل المصدر الوحيد لهم التلفزيون الذي أصبح مرافقهم الأساسي عبر مختلف مراحل نموهم من خلال التعود على متابعة البرامج التلفزيونية المخصصة لهم و كذا تلك المتعلقة بالكبار و التي تتفنن القنوات الفضائية في عرضها ،و تساهم الأسرة بشكل كبيرفي فتح المجال أمام هؤلاء دون أن تفرض عليهم برنامج خاص يحدد ساعات مشاهدتهم لها . الرسوم المتحركة والمسلسلات التركية تحتل الصدارة أصبح الأطفال في مجتمعنا الجزائري معرضين لمختلف أنواع الخطر بما في ذلك الغزو الثقافي الأجنبي الذي يجتاح القنوات الفضائية و التي تؤثرعلى مختلف مكتسبات هذه الشريحة ، فمن خلال مشاهدتهم لتلك البرامج يتعود الأطفال على عادات و تقاليد لا تمت بصلة للمجتمع الذي يعيشون فيه و يتبنون أفكارا غربية تؤثر على أخلاقهم و مبادئهم ، و يساهم الأولياء بشكل كبير في هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل خطير في المنازل ، حيث تلجأ الأمهات إلى التلفزيون كسبيل مهم للتخلص من مشاكل الأبناء و تحركاتهم الكثيرة ، و ذلك بإشغالهم ببرامج متنوعة إلى درجة أصبح فيها الطفل يتحكم في البرامج التي يرغب في مشاهدتها . و لمعرفة الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة اقتربنا من مجموعة من الأولياء الذين كانت إجاباتهم تصب في اتجاه واحد و المتمثل في تجنبهم للإزعاج الذي يحدثه هؤلاء الأطفال في المنزل حيث يعمل التلفزيون في التخفيف من تلك المشاحنات التي يقومون بها لدا التقائهم ببعضهم البعض، و كذا تعويذهم على مشاهدة البرامج التي يريدون رؤيتها، و في هذا الإطار تقول السيدة " ليندة.ب " عاملة و أم لطفل في الخامسة من العمرأنها بمجرد الدخول إلى المنزل رفقة ابنها بعد قضاء يوم منهك في العمل تبدأ المشاكل مع هذا الابن الكثير الحركة الذي يمنعها من القيام بأشغال المنزل بهدوء و لم تتخلص من هذا الوضع إلا عندما اكتشفت حبه للرسوم المتحركة " توم و جيري " حيث لم تعد تشغل التلفزيون له فقط بل وصل الأمر إلى درجة شراء أعداد من الأقراص المضغوطة له ،مما جعله لا يقوم من أمام هذا الجهاز إلا من أجل النوم فقط. من جهتها حدثتنا السيدة "سميرة. ن" عن ابنها البالغ سنة و نصف و الذي لا يتوقف عن البكاء و إزعاجها لسبب و بدون سبب، إلى أن اتبعت النصيحة التي أسدتها لها صديقة و المتمثلة في المفعول السحري لقناة "طيور الجنة" على الأطفال حيث تجذب انتباههم من خلال البرامج المقدمة و المتكونة من أغاني ذات طابع تربوي محض ، وهي النصيحة التي كانت بمثابة طوق النجاة الذي خلصها من إزعاج هذا الطفل الذي يقضي الساعات أمام الشاشة حتى تنتهي من جميع أعمالها المنزلية. و تحتل المسلسلات التركية الصدارة في قائمة البرامج المتابعة من طرف الأطفال بسبب مشاهدة الأمهات لها بشكل كبير فلا يوجد طفل أو بنت على وجه الخصوص لا تعرف لميس و يحي أبطال سنوات الضياع و كذا مهند و نور أبطال مسلسل نور التركي حيث تحرص الأمهات خلال مشاهدتهن لها أن تجلسن أبنائهن بالقرب منهن حتى لا يزعجنهن و يسمحن لهن في متابعة كل لقطة من تلك المسلسلات ،فالسيدة " فتيحة.ع" تقول أنها من المدمنات على مشاهدة الدراما التركية بمعدل مسلسلين أو أكثرفي اليوم لذا عند بدايتها أحاول توفيرالجو المناسب من أجل ذلك عن طريق إرغام أبنائي على مشاهدتهم معي وعدم إحداث أي إزعاج، هذا الأمر –تضيف- جعل من أطفالها هم أيضا من متتبعي هذه المسلسلات إلى درجة أنه في أحد الأيام اضطرت ابنتي البالغة خمس سنوات للسهر إلى العاشرة مساء من أجل مشاهدة الحلقة الأخيرة من مسلسل عاصي الذي لم تتمكن من مشاهدته بسبب خروجها مع والدها. مشاهدة الأطفال للتلفزيون من التعود إلى التقليد يجهل العديد من الآباء أو يتجاهلون النتائج المترتبة عن إفراط أبنائهم من مشاهدة التلفزيون ، فهناك من الأطفال من يتلقى مضامين تلك البرامج دون التأثربها في حين يقوم آخرون بتقليد ما يشاهدونه على أرض الواقع غير مقدرين العواقب نظرا لصغرسنهم ، فكثيرة هي الحالات التي تعرض فيها هؤلاء إلى حوادث خطيرة كادت أن تودي بحياتهم ورغم ذلك تستمر بعض الأمهات في تجاهل الأمر وتفضيل مصلحتهم الخاصة على مصلحة أبنائهم و من بين تلك الحوادث تروي إحدى السيدات تجربتها في الموضوع قائلة "هي تجربة كانت الصفعة التي أيقظتني من غفلتي ،خاصة و أن الثمن كاد أن يكون غاليا لولا لطف الله، حيث كان ابني مهووسا بمشاهدة الرسوم المتحركة باتمان و يردد دائما أنه سيحلق مثله لكني لم أعر الموضوع أي اهتمام معتبرة ذلك كلام أطفال إلى أن جاء اليوم الذي فعلها حقا من شرفة المنزل و تحين فرصة انشغالي في المطبخ ، و لحسن الحظ أننا نقطن في الطابق الثاني و وقع فوق إحدى السيارات حيث لم يتعرض لجروح خطيرة". تصرفات الأمهات لم تتوقف عند هذا الحد بل تعدتها إلى أمور لا يتقبلها العقل و في هذا الإطار تقول " نسرين.و" أنها استغربت لحال زوجة أخيها التي كانت تسعى جاهدة لتلقين ابنها اللغة الفرنسية منذ صغرسنه ، حيث كانت وسيلتها في ذلك التلفزيون من خلال البرامج التي تتحدث بالفرنسية و كذا الرسوم المتحركة التي كانت تقتنيها بلغة موليير لكنها لم تدرك خطورة ذلك إلا عندما أدخل للمدرسة أين وجد صعوبة كبيرة في التأقلم مع أقرانه و سجل تأخرا ملحوظا في اللغة العربية ،مما اضطرها إلى بدل نفس المجهود من أجل تعليمه إياها ". فمشاهدة تلك البرامج يدفع الأطفال إلى اكتساب عادات وتقاليد مغايرة لمجتمعهم فتترسخ لديهم أفكارأجنبية تفسد أخلاقهم خاصة تلك التي تروج للعنف و تستعمل الرعب،وحول هذا الموضوع يحذر المختصين في مجال حماية الطفولة من تفشي هذه الظاهرة التي تتزايد بكثرة حتى أصبح الأطفال مدمنين على التلفزيون و يقضون بقربه الساعات أمام تجاهل الأولياء الذين يسعون من خلال هذه التصرفات إلى التخلص من إزعاج أبنائهم غير مكثرتين للعواقب المترتبة عن ذلك.