تعرف المركبات الهوائية أو ما يعرف ب ''التليفريك'' التي تربط حي ''الحوض الكبير'' بهضبة ''لالة ستي'' الواقعة على ارتفاع 600 متر عن مدينة تلمسان كل يوم بعد الإفطار، إقبالا كبيرا من طرف المواطنين لإحياء سهرات رمضان بهذا الموقع السياحي الخلاب. ومباشرة بعد صلاة التراويح تتجه العديد من العائلات التلمسانية إلى هذا المكان المتميز بمناظره الطبيعية الخلابة للاستمتاع بالسهرات الرمضانية في أجواء عائلية، حيث يلتقي الجميع حول الطاولات الحجرية المهيأة لهذا الغرض على ضفاف الغابة وتحت أضواء الإنارة العمومية التي تزودت بها الهضبة للترويح على النفس، حيث يتواصل السمر العائلي بتناول الحلويات التقليدية والشرقية إلى ساعات متأخرة من الليل. وحسب بعض الساهرين بهذه الهضبة التي عرفت خلال السنوات الأخيرة أشغالا كبرى في إطار برنامج عام يرمي إلى تهيئتها وإدماجها ضمن المخطط الخاص بإنعاش الحركة السياحية بالمدينة، ''فإن كل أسباب الراحة والتسلية وكذا الأمن متوفرة داخل هذا المحيط الغابي الجميل مما يشكل حافزا للكبار والصغار من أجل الإفلات من ضوضاء المدينة وحركاتها المرورية المكتظة ليلا''. وإلى جانب ''التليفريك'' فإن وسائل نقل أخرى متاحة عبر كل أرجاء مدينة تلمسان لتمكين الساهرين من التنقل إلى وجهاتهم المفضلة حسب اهتمامات وميولات كل شريحة، على غرار الشباب الذي غالبا ما يتوزع على قاعات الانترنت للغوص في أعماق الشبكة العنكبوتية والاستفادة من خدماتها أو يلجأ الى المقاهي حيث يجد ملاذا، في ظل غياب وسائل النشاطات الثقافية الملائمة مثل قاعات السينما التي تبقى منعدمة بعاصمة الزيانيين. كما أن العديد من المواطنين يترددون على دار الثقافة ومسرح الهواء الطلق بحي الحوض الكبير لحضور السهرات الفنية و المسرحية التي برمجتها مديرية الثقافة طيلة هذا الشهر. ومن جهتها تتبادل الأسر خلال هذه السهرات الرمضانية الزيارات الودية في إطار صلة الرحم التي يحث عليها الدين الإسلامي من أجل السمر في جو عائلي يتم من خلاله تكريس بعض العادات الموروثة عن الأسلاف مثل الاحتفال بالصيام الأول للصبيان. وخلال هذه السهرات العائلية تعكف النساء خصوصا منهن الطاعنات في السن اللائي يحافظن بغيرة لا متناهية على التقاليد، على بعض الأعمال اليدوية المرافقة لحكايات المثوارثة أبا عن جد. بيد أن هذه الاعمال تتطلب الصبر مثل تحضير عجائن ''المقطفة'' و''ترشتة'' التي تدخل ضمن المكونات التقليدية المستعملة منذ عهود في طهي ''حريرة'' رمضان التلمسانية. في حين ينتشر الأطفال مباشرة بعد الإفطار في شوارع المدينة بغرض التسلية بالألعاب المفضلة لديهم وترديد الأغاني المتوارثة عن الأجيال السابقة والتي لا تؤدى إلا في هذا الشهر الفضيل. وهكذا تتواصل الحركة والنشاط بعاصمة ولاية تلمسان الى ساعات متأخرة من الليل، حيث يهم الساهرون بمغادرة الشوراع شيئا فشيئا والالتحاق بمنازلهم ثم تناول ''السحور'' وبذلك تعود المدينة إلى سكونها المعهود في انتظار يوم آخر من الصيام.