إعتادت الأسر التلمسانية مع مقدم شهر رمضان استقباله بتغيير ما ألفته من حياتها اليومية، خصوصًا ما تعلق بالأثاث ولوازم الطبخ• حيث غالب العائلات التلمسانية تعني بتغيير الديكور العام لوضعيات أثاثها وكذا إضافة أطقم طبخ جديدة خاصة بهذا الشهر الفضيل•• وهو استعداد له دلالاته على الحياة العامة لهذه العائلات• تكاد كل العائلات تشترك في هذا، ويبدأ هذا العمل في الإستقبال أسبوعًا قبل حلول رمضان، كما يتعاون سكان الأحياء في أخذ سجادات المساجد لغسلها في بيوتهم وهذا استكمالا للاستعدادات التي يعرفها الشهر وذلك من أجل صلاة التراويح التي تجمع الشيخ بالطفل والمرأة بالرجل، وما يزيد من روحانية المنظر خصوصا في المساجد هو ارتياد الأطفال للمساجد في ثياب نظيفة وجميلة• وبالرغم من هذه المظاهر التي تطبع الحياة العامة للتلمسانيين، وهي تقاليد يشترك فيها جميع الجزائريين، فإنّ هناك الكثير من العادات كانت تحافظ عليها العائلات خلال شهر رمضان، أصبحت آيلة للزوال ويقضى عليها بمرور الزمن برامج الفضائيات كالمسلسلات مثلا التي باتت هذه الفضائيات تخصصها في شهر رمضان• ولعل من نفحات التقاليد التي كانت تميّز السهرات التلمسانية وتطبع جوّا حميميا تجتمع فيه العائلات، ويكون للجدّات دور كبير في تنشيط السهرة بالحكايات والألغاز والأحجيات، هذه السهرات عادة ما تكون بعد صلاة التراويح أين يجتمع أفراد العائلة والجيران لسماع أغرب الحكايات التي تتداخل فيها العبر والعظات لنقل الحضور إلى حلاوة الإستمتاع، ويغلب عليه طابع الأحاجي المضحكة التي لا تخلو من الطرفة والفكاهة وألغاز تتباين بين الدينية والدنيوية، وقد يستعصي على المجتمعين حلها، ممّا يستدعي التفكير في حلّها إلى يوم أو يومين، وهنا تكون النكتة في تواصل السهرات وسط أجواء تنافسية محضة، تتداخل فيها قصص اجتماعية حقيقية وأخرى خيالية من عالم الأسطورة التي عرفتها عاصمة الزيانيين• ولقد تأسفت الكثيرات من النساء والعجائز لغياب جزء من ذلك الموروث الشعبي الذي كان يساهم في الإرتباط والتواد والتواصل، ولو في شهر رمضان المبارك على موائد الشاي والقهوة وأصناف الحلوى كحلوة االشامية والكعك والغريبية التلمسانيين، حقا إنّ مثل هذه القعدات في هذه السهرات من التقاليد تمثلها ثقافتنا الشعبية بولاية تلمسان والتي أصبحت تزول شيئا فشيئا برحيل أمهاتنا وجدّاتنا اللواتي ظلت يحافظن على هذه التقاليد، بالإضافة إلى تعلق الجيل الجديد بالهوائيات المقعرة والفضائيات، ممّا يغيّب روح الحديث وعبق التواصل بين الأجيال ومن ثم المحافظة على تماسك الأسر ولو في هذا الشهر الفضيل، وكل عام وأنتم بخير•