تمر اليوم الذكرى العشرون على سقوط جدار برلين الذي كان محطة فاصلة ومنحى جديدا في مجريات العلاقات الدولية، وصراع الإيديولوجيات، ونذيرا بزوال الثنائية القطبية لصالح الأحادية في توزيع جديد لأدوار الحلفاء والأعداء. جدار أكد تحطيمه على فعالية المقاومة والقوى الشعبية مقابل إفلاس الاستبداد والتعسف، وفتح الباب واسعا أمام الوحدة الأوربية في درس قل المنتبهون إلى أهميته في العالم لاسيما من العرب. ففي الوقت الذي تنعم فيه ألمانيا وأوروبا بحسنات تحطيم الجدار لا زال العرب والمسلمون يعيشون وراء جدر التخلف والنزاعات الداخلية الهشة، والانخراط في المعارك الهامشية رغم أن آثار سقوط أو إسقاط جدار برلين عمت العالم بأجمعه، حتى أن الكثيرين آنذاك دعوا إلى إدخال منظمة عدم الانحياز إلى المتحف وبشروا برأسمالية انتهى بها المطاف إلى توحش أكل الأخضر واليابس حتى وصل بها الأمر إلى أكل أبنائها ومنظريها في الأزمة المالية الأخيرة، وأسس لمراجعات اقتصادية غلب على أكثرها الحنين نحو صاحب كتاب رأس المال. وليست الجدر وإسقاطها حكرا على الغرب فقد لقن الجزائريون العالم دروسا في إسقاطها، وقد حطموا قبل أكثر من خمسين سنة جدار اليأس والخنوع والجهل بثورة تحريرية في عز الحرب الباردة، كان الراحل بشير بومعزة الذي ووري الثرى أمس أحد عرابيها رفقة شلة لا بأس بها من الثوريين والمجاهدين الأخيار الذي لقنوا المحتل دروسا في فعالية الإرادة الشعبية على أسلحة الحلف الأطلسي الظاهرة والخفية. وكما أسقط الألمان جدار برلين، وقبلهم الجزائريون جدار الاستعمار ما على ساكنة العالم الثالث إلا أخذ العبرة من آثار إسقاط الجدر التي تعبد في مجملها الطريق نحو الاستقلال والوحدة على شاكلة الوحدة الأوربية.