يعيش اتحاد الكتاب الجزائريين هذه الأيام على وقع زلزال عنيف تخطت درجة شدته العتبة القصوى على سلم الأدب الجزائري، مما تسبب في انهيار جدران هذه الهيئة الفكرية وأضحى أعضاؤه مشتتين ومنقسمين إلى شيع وأحزاب بفعل قوة التصدع التي خلخلت أركانه وأحدثت عطبا في آلية التفكير لدى ممثليها الذين عجزوا عن احتواء الأزمة، ما أدى إلى عدم التحكم في زمام الأمور و تعميق الهوة بين جماعة يوسف شقرة المتمسكة بمفاتيح الاتحاد بقبضة من حديد والجماعة المعارضة التي يتزعمها جيلالي نجاري و بوزيد حرز الله الذين أعلنوا تمردهم ضد الرئيس الجديد لهيئة اتحاد الكتاب الجزائريين شقرة. لعل ما زاد الطين بلة مسألة إعادة تجديد الثقة في الرئيس الحالي للاتحاد يوسف شقرة الذي أعيد انتخابه مجددا على رأس الهيئة بالإجماع، إثر الانتخابات التي أجرها أعضاء الاتحاد خلال المؤتمر التاسع العادي الذي انعقد مؤخرا بمقر الاتحاد بشارع ديدوش مراد بالعاصمة. تجديد أثار حفيظة المعارضين ممثلين في جماعة حرز الله الذين توعدوا برفع الطعن إلى أعلى هيئة في الجزائر والعالم العربي للنظر في القضية باعتبار انتخاب شقرة غير نزيه ويفتقد للمصداقية، بالنظر إلى عدم شرعية المؤتمر. وأكد المعارضون في حديث خصوا به ''الحوار'' على رأسهم الشاعر علي مغازي أن الداخلية أعلنت مؤخرا عدم اعترافها بالمؤتمر التاسع المنعقد مؤخرا بالعاصمة لحمله نفس طبعة مؤتمر سكيكدة الذي انعقد ايام 23 - 24 - 25 نوفمبر 2005 والذي أفضى إلى رفض تنصيب شقرة كرئيس لهذه الهيئة. واستنادا إلى مصادر مقربة من اتحاد الكتاب الجزائريين اكدت لنا أن الجماعة المنشقة قد حررت وثيقة تمحور موضوعها حول ''طعن في اللجنة التحضيرية للمؤتمر التاسع التي تتكون من 22 عضوا''، وقد وقع عليها أزيد من 99 مبدعا. كما سيتم خلال الأيام القادمة إجراء مؤتمر جامع لكل الفئات المبدعة الجزائرية باللغات الثلاث العربية والأمازيغية والفرنسية والذين يمثلون مختلف جهات الوطن دون إقصاء. ولمعرفة حيثيات الأزمة تقربت ''الحوار'' من أطراف النزاع قصد الوقوف على المتسبب في إثارة هذه العاصفة الهوجاء التي ضربت هذه المؤسسة الفكرية الجزائرية. يوسف شقرة: اتحاد الكتاب لا يقصي أحد إلا من أراد إقصاء نفسه نفى يوسف شقرة نبأ تنحيته من على رأس اتحاد الكتاب الجزائريين من قبل وزارة الداخلية والجماعات المحلية، كما تروج له بعض الأطراف التي وصفها شقرة بالأصوات الناعقة همها الوحيد إحداث البلبلة، داعيا إياهم للعودة إلى جادة الصواب من أجل إنقاذ الكاتب والفكر والثقافة الجزائرية. مضيفا يجب على هؤلاء الكف عن إطلاق الإشاعات المغرضة التي تهدم قيم الوطن. كما أعرب الكاتب يوسف شقرة عن سعادته إثر الثقة التي جددها فيه أعضاء الاتحاد إثر انتخابه للمرة الثانية لاعتلاء كرسي الاتحاد. وقال شقرة الذي استجوبته ''الحوار'' فور إعلان نتائج الانتخابات ''أثني بالمناسبة على هؤلاء المبدعين الذين وضعوا فيّ ثقتهم والذين سلموا لي مفتاح اتحاد الكتاب على طبق من ذهب وأعتقد أن اختيارهم لي كان مبنيا على إرادة حقيقية بعيدة كل البعد عن منطق الغش وأن المؤتمر التاسع الذي نظمه اتحاد الكتاب مؤسس على قواعد شرعية وقانونية''. وتعهد شقرة ببناء اتحاد قوي يشمل كل القوى الفكرية الفاعلة في الحقل الأدبي دون إقصاء، وأنه سيعمل على تخليص هذه الهيئة الفكرية من فكرة المركزية وذلك بفتح المجال لكل من يحمل هم الحرف والكلمة .''سأمد يدي لكل مبدع حتى لهؤلاء الذين أمطروني بأقبح الأوصاف وشوهوا صورتنا.. وسأسعى لإعادة القوة والنزاهة لاتحادنا خدمة للمثقف والثقافة الجزائرية. الاتحاد اتحادهم والمطلوب هو الرصانة والتعقل والحكمة معا لإعادة ترميم ما تم هدمه وبنظرة استشرافية نحو مستقبل واعد''. الشاعر عبروس: 90 بالمائة ممن حضر المؤتمر التاسع للاتحاد هم نكرة وليسوا بكتاب أكد الشاعر عبروس أن كل من حضر المؤتمر التاسع للاتحاد هم نكرة لا علاقة لهم لا بالكتاب ولا بالقلم ولا يعرفون معنى الاتحاد. ''نحن لا نعرف عن أي مؤتمر يتحدثون، هؤلاء الكتاب المزعومون يفتقدون لأسلوب الحوار ولا يعرفون أصول المعاملة ، كلهم أميون ، إن الكتاب الحقيقيون مهمشون ومقصون من هذا الذي أسموه بالمؤتمر الذي يفتقد إلى الشرعية القانونية. نحن مخدوعون منذ البداية وعليه فالمؤتمر لم يقم على أسس وضوابط قانونية مما يفقد هذا اللقاء شرعيته''. الشاعر علي مغازي : نريد رئيسا حقيقيا للاتحاد وليس متعهد حفلات عبر الشاعر علي مغازي عن استيائه إزاء الوضع الذي آل إليه اتحاد الكتاب الجزائريين، وقال ''إن هذا المؤتمر سيجسد حالة الانهيار التي تعانيها المنظومة الأخلاقية لهذا البلد، يوسف شقرة هو الصورة المثالية للتبعية المطلقة حيث الفكر لا ينتقد ولا يستطلع، وحيث الكتابة لا تتلاءم مع صوت الناس. إنني لا أتكلم عن شقرة كشخص إنما أتكلم عن تلك القوة التي تدفعه نحو إقصاء وحرمان الكتاب الجزائريين من الدخول إلى بيتهم بديدوش مراد. ويذهب مغازي الى ابعد من هذا عندما قال ''نحن لا نتوسم خيرا في مستقبل الثقافة الجزائرية ولا في الاتحاد لأن هذا الأخير في النهاية مؤسسة تابعة للسلطة وهي إرث ايديولجي محض. نريد اتحادا يتطلع إلى دوره النقابي يرأسه مفكر وصانع أمجاد وليس متعهد حفلات.. اتحاد يتبنى القضايا الجوهرية التي تخدم الإنسان المعاصر. علينا إعادة التفكير بشكل نهائي في مشروع اتحاد الكتاب الجزائريين واستعادته من المافيا الذين استولوا على أموال هذه المؤسسة الثقافية الرمزية واستغلوها لحسابهم الخاص''. الشاعر جلالي نجاري وبوزيد حرز الله: لا نرضى بنتائج المؤتمر العار اعتصم أتباع الشاعرين جلالي نجاري وبوزيد حزر الله وعلى رأسهم عفاف فنوح، عيسى شريط، عبد القادر مكاريا، عيسى ڤارف، عبد العالي مزغيش، أمحمد زابور، بشير بن عبد الرحمان وشرف الدين شكري.... أمام مدخل الاتحاد بعضهم أيديهم مقيدة بأغلال وآخرون يحملون لافتات مكتوب عليها ''مؤتمر غير شرعي'' و''لا نرضى بنتائج المؤتمر العار''. وأضاف هؤلاء ''جئنا لنشاهد نهاية اتحاد الكتاب بتنصيب يوسف شقرة المهرج الذي يقود حملة انتخابية ويتوسل أشخاصا لا علاقة لهم بعالم الكتاب بتزكيته بدل طرح قضايا النقاش وفتح باب الحوار أمام الأعضاء الشرعيين لهذه المنظومة الثقافية التي انهارت اليوم''.