أعجبتني فكرة تخصيص جائزة للقارئ التي اقترحتها الروائية أحلام مستغانمي على هامش حفل تكريمها مؤخرا في الجزائر، ولعلها تدرك أكثر من غيرها أهمية القارئ ومدى قدرته على جعل هذا الكاتب أو ذاك يرقى إلى أعلى المراتب أو يهوي إلى أسفلها .. هي صاحبة الرواية الأكثر انتشارا والأكثر مبيعات في العالم العربي .. كيف لا تكون مدينة لهذا القارئ الذي جعلها ملكة الرواية العربية ، واحتوى نصوصها باهتمام وحب خرافي حتى أضحت ظاهرة إبداعية وحالة أدبية غير مسبوقة في الوطن العربي؟ . هكذا هو القارئ هو الحكم وهو السيد ، وهو من يرفع الكاتب إلى عنان المجد وهو من يدوسه ويركله إلى قاع الحضيض .. لا أحد يشكك في ذوقه ولا احد يرتاب في أهميته وكفاءته فإما أن يرضى على النص المقترح عليه أو يرفضه ، إما أن يقبل عليه أو لا ، كل نص يدخل محكمة القارئ أعزلا إلا من كلماته ومعانيه ، إلا من حروفه ودلالاته ، والنص الفائز هو ما وجد حظوته لدى القارئ ولمس شغاف قلبه وتسرب إلى وجدانه وخاطب فكره وفؤاده بمنتهى العفوية والصدق ، القارئ يعشق الذي يتكلم بلسانه ، الذي يحكي قصته ، الذي يعالج همومه بحب الكلمة التي تلمس جرحه وتجس ألمه وتقول فرحه وحزنه ، الكلمة التي تبلغ أمله وتفسر حلمه ، ويحب النص الذي يقترح عليه جماليات أخرى، الذي يثير انتباهه بلغته وعمقه وبعده .. يحب بساطة التعبير وقوة المعنى ، لا يحب النص المبني على مخططات ،المحشو بالحسابات والحساسيات ، النص المقرف بمغالطاته وزيفه وتصنعه .. وكل الخطأ ألا يعطى القارئ حق قدره .. فمهما كان مستواه يجب عدم الاستهانة بقوة ملاحظاته وعمق رؤيته ورهافة حسه . من يكذب على القارئ يكذب على نفسه ومن يستخف به يستخف بنفسه ، على الكاتب إن أراد أن يفوز بتاج القارئ وأن يجعل منه نجما في سماء الإبداع أن يضطلع بمسؤوليته كاملة اتجاهه زان يكون في مستوى فطرته التي لا تخطئ أبدا .