إذا ضربك أخوك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، هذه المقولة المحرفة عن المسيحية يريد وزير الخارجية الفرنسي أن يطبقها على الجزائر، من خلال رغبته في إجراء زيارة عمل في نفس التوقيت الذي اختارته حكومة باريس لفرض التضييق والتفتيش الأمني ضد المسافرين الجزائريين نحو فرنسا، على خلفية الإجراءات الأمنية لمحاربة الإرهاب. وزيادة على كون زيارة كوشنير للجزائر تعد '' استفزازا '' في حد ذاتها، من باب أنها ليست بعيدة عن '' قتل القتيل والسير في جنازته '' ، فإنها تمثل ''صحاحة وجه '' لا يقدر على أدائها سوى شخص مثل كوشنير. فمن جهة يريد كوشنير كسر الجمود الذي يلف العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ عدة أشهر لأسباب ساهمت فيها باريس بالدرجة الأولى، على غرار عدم إيفائها بتنفيذ الاتفاقات الموقع عليها سواء المتعلقة بالذاكرة والأرشيف والتعويضات عن تجاربها النووية، ومن جهة ثانية يسبق زيارته بتسويد صورة الجزائر من خلال تصنيفها في خانة الدول ال 14 التي تفرض عليها معاملة خاصة لرعاياها في المطارات عن طريق إخضاعهم لتفتيش مهين وتعريتهم مثلما ولدتهم أمهاتهم، وهو ما لم تفوته الحكومة الجزائرية التي أعلنت أن رئيس الدبلوماسية الفرنسية ضيف غير مرغوب فيه في أرض الشهداء. هذا الرفض مؤشر على أن الجزائر التي فوتت الكثير من الاستفزازات من باب حرصها على علاقات التعاون وحسن الجوار، واضطرت أيضا إلى غمض أعينها عن الكثير من سوء الظن من جانب المستعمر القديم بنية '' لعل وعسى '' يتوب فيها مسؤولو قصر الاليزي والكيدورسي ، إلا أنه تبين بما لا يترك مجالا للشك أن خير وسيلة يفهمها الفرنسيون هي '' أضربوا يعرف مضربو '' . إن الإعلان عن عدم الترحيب بزيارة برنار كوشنير، وان كانت ظرفية ، تعد رسالة قوية بعثت بها الجزائر إلى باريس لتخرجها من غيبوبتها السياسية في تعاملها مع الجزائر أو تدفعها إلى غير رجعة عن بناء علاقات ثنائية تريد الجزائر أن تكون مبنية على الندية والاحترام المتبادل وعن احترام سيادة كل بلد أو لا تكون أصلا وأبدا . الأكيد أن الرسالة وصلت خمسة على خمسة إلى ساسة باريس لأن لا أحد من دول العالم يحسن قراءة ما تفكر فيه هذه الأخيرة أفضل من الجزائر ، وإن غدا لناظره لقريب.