الشيخ بوعمران، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، قرر تنظيم ملتقى دولي حول التسامح في الإسلام بنزل الأوراسي! وليس فوق قمة سيدي علي بوناب، حيث يعشعش بقايا الإرهاب، أو حتى في محمية الدولة، حيث نبتت لغة الغاب وجانحت الصواب! وعندما يطرح المجلس المذكور موضوعا ''أكل عليه الدهر وشرب''، كما يقول الكاتب المصري أحمد أمين، فإنه لا يضيف في الواقع شيئا.. مادام أن الغاية والهدف هو إبراز سماحة الدين وتسامحه ونبذه للعنف، وهي أمور ندركها جميعا، بمن فيهم سكان الجبل على ما أظن وقاطني المحمية من أهل الضوء وأهل الظل، بعد أن أعياهم أمر الاقتتال والنزال والكر والفر لمدة عشرين عاما! وحتى الخارج وعلى فرضية أن الموضوع موجه إليه، يجب أن نعترف أن أصداءه، لن تتجاوز ساحة الأوراسي. كما أن هذا الغرب يعرف وبالتجربة عبر التاريخ، أن الإسلام هو الذي حمى شتات اليهود والمسيحيين حين كانوا مستضعفين، وهم أنفسهم الذين يريدون أن يتحول التسامح إلى انبطاح على طريقة إذا لطمك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر! تلمح هذا اليوم في طريقة تعاملهم معنا حين يعترفون بأن 09% من معتقلي ''غونتانامو'' و''غوانتا رقدوا'' أبرياء من تهمة التطرف الإسلامي ومعاداة أمريكا، ويقول جنودهم اليهود إنهم قتلوا أبرياء وعزل في غزة بعد أن حولوها إلى محرقة لقطع دابر أي فلسطيني، أو كل من آزرهم ولو منهم، على شاكلة النائب البريطاني غالاوي الذي قاد قافلة إنسانية لغزة. الجزائر عبر التاريخ عرفت بدار الجهاد... أو المحروسة .. والتسمية الأولى قد تصير حساسة حتى في الداخل، بعد أن تحول الجهاد ضد النفس والكفار إلى جهاد في المال العام للعبث فيه بشتى أنواع الطرق فيندثر ويبعثر ويهرب ويحرث ويحترق. لكن التسمية الثانية، أي المحروسة قد تكون أقل حساسية، حتى وإن تحولت المحروسة إلى معسوسة من الذين يتظاهرون بعس المال لينقضوا عليه حين بغتة، والذي يعس الثوابت الوطنية (بالكلام) وحتى الذي يعس المصلحة الوطنية، وهو أول من يبيعها بقشرة بصل! ومادام أن الجزائري عموما ليست له حساسية لا مع اليهودي (الذي انقرض) على هذه الأرض تقريبا، والمسيحي أو المتمسح ممن انقلبوا على دينهم أو هكذا يزعم مع موجة التنصير التي يتحدثون عنها، فإن مشكلة التسامح مع نفسه أولى من غيرها بالدرس والملتقيات والنقاشات، بدليل أن التسامح الديني هذا لم يمنع البرابرة والعرب والشاوية من التناحر (في السر والعلن) في كل مرة، كما رأينا في بلاد القبائل والقلاقل وفي بلدة بريان التي توهمت أنها دولة، والحال أن الجزائر كلها 08% من البريطانيين مثلا لا يعرفون موقعها الجغرافي!