جنبنا الله الشبهة وعصمنا من الحيرة وأرانا ما في الباطل والظلم من الذلة، وما في الجهل والعار من القلة... دعاء به ابتدأت حتى يتيسر لنا تفسير مايجري على أرض النبوات ومهد الرسالات، لقد انتهكت حقوق الإنسان، واستباح القوم هناك الأموال والدماء والأعراض، وماصارت تفارق شاشات التلفاز مناظر الجرارات وهي تزحف على البيوت تهديما وتدميرا، ولا صور عساكرهم وهي تسعى في الحرث والنسل إفسادا وتقتيلا، ودعك من الأحوال الوحشية التي يوضع في جحيمها ونارها المعتقلون. وآخر الطامات الحصار الظالم الذي يعانيه أهل غزة منذ أشهر... لقد كان فيما درسناه من مباحث في الفلسفة والكلام الإسلاميين أن الأعم الغالب ممن وهبوا ما يميزهم عن العجماوات يعتقد أن في الأشياء حسنا وقبحا عقليين، وأن العقل بما جبل عليه من تمييز يستطيع إدراك قبح الكذب والظلم مثلما يعتقد بحسن وجمالية الصدق والعدل، فما الذي يجعل شعوب العالم تقف واجمة لما يحدث في ثالث الحرمين، وأولى القبلتين، من حصار ظالم وبغي- سيكون آجلا أو عاجلا- مرتع مبتغيه وخيم. وماحسَّنت بآرائها دفاع صاحب الدار عن بيته، ولا قبحت صولة المغتصب وطغيانه الذي جاوز الحد، ولا جرائمه التي جلت عن العد. إن بني إسرائيل لا يبيتون لأهل فلسطين غير الدواهي والفتن المتتابعة كقطع الليل المظلم . ونذكر كم من الجلسات عقدها مجلس الأمن حول أعقد وأوضح قضية في هذا العصر ، وكيف اطلع في أحد الجلسات على مائة وأربعين صفحة تصف ما ينزله اليهود بالعرب ثم تقرر أغلب الدول إدانة إسرائيل واستنكار خروجها على المواثيق الدولية...وما تشذ غير دولة واحدة عن تجريم إسرائيل هي الولاياتالمتحدة.. ولا تمتنع إلا القلة من أصدقاء إسرائيل عن التصويت. وحق للأمريكيين أن يخجلوا من المواقف المخزية لبلدهم تجاه قضية فلسطين ، بعد أن وضح الصبح فيها لذي عينين . الكثير من الناس يذكر أن أهل الكتاب أقرب إلينا من غيرهم من الأمم التي لا تدين بخالق الوجود، وكأنه يريد أن يوهم السامع أن الفجوات يمكن أن تردم بين الشعوب بجرة قلم لاشتراك القوم في معبود واحد، والاشتراك في قواسم إيمانية محددة، والحقيقة أن دين الغرب لا علاقة له بأنبيائهم فدينه الوحيد هو السلب والنهب، والانقضاض على غيره من الأمم، والمتمسحون بالسيد المسيح لارتكاب الفظائع التي تشيب لها الولدان يعتقدون في قرارة أنفسهم أن الكتاب المقدس عندهم ينصحهم أن من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، ويطبقون عكس النصيحة وفي وقاحة بالغة، وما يُبتغى من القوم أن يحسنوا لنا إذ التاريخ القريب والبعيد خير شاهد. نريد منهم أن يتركونا وشأننا ليس إلا...