استمر الغضب الجزائري على بماكو ليصل إلى حد توقيف وساطة الجزائر في حل النزاع القائم بين الحكومة المالية والمتمردين الطوارق الذي من المقرر أن يعقد مؤتمر بشأنه في مارس الجاري، إلا أن التطورات الجديدة قد أجلت الأمر إلى موعد غير معلوم. قررت الجزائر تعليق وساطتها في الأزمة في شمال مالي ردا على إفراج مالي على أربعة إرهابيين في باماكو بما في ذلك جزائريان كانت قد طلبتهما الجزائر من مالي سابقا. وحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الإفريقية سيتم الانسحاب التدريجي من كيدال، والذي انطلق اعتبارا من أمس حيث قرر الجزائريون الرحيل والانسحاب من لجنة المتابعة للملف والتي كونت عندما تم التوقيع على اتفاق الجزائر، مع العلم أن هذه اللجنة موجودة في كيدال. ويأتي القرار الجزائري بعد خرق الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين البلدين ببماكو وإفساد العلاقات التي تربط البلدين، عندما استجابت لطلب الجماعات الإرهابية وبضغط باريس من أجل إطلاق الرعية الفرنسي المختطف من قبل هذه الجماعات، والقاضي بالإفراج عن الإرهابيين الأربعة الذين كانوا معتقلين في سجونها ودفع فدية مقابل عدم قتل الرهينة الفرنسي والإفراج عنه بعدها، وذلك بالرغم من أن هذا الإجراء سيعقد من الوضع الأمني في دولة الرئيس ممادو توري، والذي هو في الأصل غائب منذ فترة ليست بالقصيرة وأفرجت مالي استجابة للجماعات الخاطفة على الإرهابيين الأربعة وهم الجزائري محمد بن علي المولود عام 1969 والذي كان يعمل سابقا في السكك الحديدية والمتهم بارتكاب جرائم عديدة فوق الأراضي الجزائرية، والجزائري الآخر المدعو تعياد نايل المتهم هو أيضا بالقيام بعمليات إجرامية، في حين أن الاثنين المتبقين هما الموريتاني بيب ولد نافع والبوركينابي هود كاريفو ويتوقع أن يتسبب الإجراء المالي غير محسوب العواقب في قطع الجزائر لتعاونها العسكري والقضائي مع الحكومة المالية بعد عدم التزام هذه الأخيرة ببنود الاتفاقيات التي تجمعهما. وتجدر الإشارة إلى أن الموقف الذي اتخذته الجزائر هو ذاته المتخذ من طرف موريتانيا التي قامت باستدعاء سفيرها لدى بماكو للتشاور، بعد أن تسبب القرار المالي في نسف التعاون الذي كان يجمع الدول الثلاث في مجال مكافحة الإرهاب. وكان الطوارق الماليون المنخرطون في التحالف الديمقراطي من أجل التغيير، قد أكدوا الشهر الماضي من الجزائر بأنه بعد تقييم الوضع، تم التعرف على أن ''اتفاق الجزائر'' الذي تم توقيعه في 2006 غير مطبق في أرض الواقع، وهذا ما أدى إلى تدهور الوضع الأمني لاسيما عمليات اختطاف السياح الأجانب، مشددين على أن ''اتفاق الجزائر''، هو المرجع الوحيد للحفاظ على الأمن في الأراضي المالية. وأوضح الناطق الرسمي المكلف بالعلاقات الخارجية للتحالف الديمقراطي، من أجل التغيير جما أغا سيد احمد، أن الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة المالية بخصوص تطبيق ''اتفاق الجزائر''، لم تحترم كلية في أرض الواقع، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية في مالي، مشددا في ذات السياق، بأن الحكومة قد أعلنت عن سوء نيتها فيما يتعلق بتنكرها لتطبيق ''اتفاق الجزائر'' في الميدان.