تكتسب القمة العربية التي احتضنتها سرت الليبية أهمية خاصة بالنظر إلى المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها الأمة العربية خاصة في ظل استمرار التعنت الإسرائيلي بتصعيد عمليات الاستيطان وتهويد القدس والتهرب من أي محاولة لإحياء عملية السلام.. وإذا كانت قضية القدس قد شكلت المحور الرئيسي لأعمال هذه القمة، فإن إنقاذ القدس يتطلب مواقف محددة سياسيا واقتصاديا لمواجهة التعنت الصهيوني لعل أولاها إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني من خلال إتمام المصالحة الفلسطينية خاصة بين حركتي فتح وحماس .. وعليه فاختيار العرب شعار دعم صمود القدس لقمتهم الدورية ال 22 يجب ألا يكون مجرد شعار فقط للاستهلاك وإنما المطلوب أن يتحول إلى موقف واضح في شكل قرار عربي جماعي لإنقاذ القدس المهددة بالتلاشي والاندثار بسبب ما تتعرض له من هجمة إسرائيلية شرسة في إطار سياسة التهويد التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية والموجهة بشكل أساسي تجاه القدس، خاصة وأن كل الخبراء قد دقوا ناقوس الخطر وأعلنوا أن الأقصى بات مهددا بالانهيار في أي لحظة بسبب الحفريات الإسرائيلية في أسفله والتي جعلته معلقا في الهواء .. إن الوضع الراهن الذي تعيشه القدس والقضية الفلسطينية برمتها يضع العرب أمام امتحان عسير لا تنفع معه الشعارات والكلام المعسول والجميع يدرك أن إسرائيل أعلنت بكل وضوح أنها لن تتخلى عن سياسة الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة في تحدي سافر أطلقته حتى في وجه راعيتها الولاياتالمتحدةالأمريكية دون أن تصون كرامتها واحترامها أمام العالم أجمع وهو ما وضع البيت الأبيض في موقف حرج للغاية وكان هذا أيضا بمثابة رسالة واضحة للعرب يقتضي التعامل معها بجدية وصرامة .. إن إنقاذ القدس أصبح اليوم واجبا عربيا وإسلاميا وأن المجتمع الدولي قد فشل في إلزام إسرائيل بإيقاف الاستيطان الأمر الذي جعلها تطلق يدها وتفاجئ العرب في كل يوم بمخطط جديد، فهي تارة تعرقل محادثات السلام مع الفلسطينيين وتارة أخرى تصادر الأراضي وتزيد من وتيرة الاستيطان والجميع يتفرج عليها وحان الوقت للعرب أن يتخذوا موقفا يلزم المجتمع الدولي أولاً بإجبار إسرائيل على الامتثال لقراراته وهذا ما يجب أن يتم في قمة سرت التي تتجه إليها كل الأنظار باعتبارها المحاولة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. .. وحتى إشعار آخر يتأجل إعلان نتائج الامتحان العسير الذي تمر به الأمة العربية اليوم إلى أن يستطيع العرب ليس إعلان الحرب على الكيان الصهيوني ولكن للدفاع عن مدينة السلام بطرد الغزاة!