وقال خالد في تصريحات لقناة الجزيرة، إن ''حزبه يحترم خيارات قوى المعارضة في الانسحاب أو مواصلة المشوار، وبالتالي فإننا لن نتخذ قرارا من وراء ظهورهم''، مستبعداً اتفاق جميع قوى التحالف على الانسحاب، ومرجحاً انسحاب بعض القوى الرئيسة كحزب الأمة القومي وغيره. وكانت حركة العدل والمساواة قد دعت يوم الاربعاء على لسان زعيمها خليل إبراهيم ،إلى تأجيل الانتخابات وتسريع عملية السلام في دارفور، مشيرة الى أن اجراءها سيؤدي إلى فوضى عارمة في البلاد تمتد من العاصمة الخرطوم إلى عواصم الأقاليم، لأن هناك كثيرا من المناطق السودانية التي ستقاطعها خاصة في دارفور وكردفان واللاجئين والنازحين والمهجرين من مناطقهم في دارفور. ووصف خليل الانتخابات المقبلة بأنها «مجرد مسرحية لترسيخ حكومة الرئيس البشير الفاشلة''، حسب تعبيره، باعتبار أن نتائجها جاهزة ومعلومة. الدور الأميركي في التقريب بين وجهات النظر وكان المبعوث الأميركي للسودان سكوت غريشن قد اجتمع مع أحزاب المعارضة السودانية يوم أمس الجمعة لبحث مشاركتها بالانتخابات المقررة في 11 من الشهر المقبل، وذلك بعد يوم من إعلان الحركة الشعبية لتحرير السودان انسحابها من السباق الانتخابي. وكان مبارك الفاضل مرشح حزب الأمة للإصلاح والتجديد لرئاسة الجمهورية قال فى ختام الاجتماع إن أحزاب المعارضة تتجه نحو اتخاذ قرار مشابه لقرار الحركة الشعبية بالانسحاب، موضحاً أن غريشن جدد للمعارضة تمسكه بإجراء الانتخابات في موعدها. وقد التقى جرايشون الذي وصل الخرطوم الاربعاء الماضي بشكل منفصل كل من قيادات حزب الامة والشيخ حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي ومحمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي في محادثات ماراثونية بشأن الانتخابات ومشاركة مناطق دارفور فيها. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية فيليب كراولي بأن الولاياتالمتحدة لا تزال تعتقد بإمكانية انقاذ الاقتراع في السودان. ومن جانب آخر أرجأت قوى تحالف جوبا (أحزاب المعارضة والحركة الشعبية)، عملية اتخاذ قرار بمقاطعة الانتخابات بغية الوصول الى صيغة موحدة من قبل كل مرشحي الرئاسة على مضمون القرار بالمقاطعة. وقال تحالف جوبا في بيان أصدره إنه سيتخذ موقفا موحدا مع تضامن المرشحين للرئاسة ''لحماية الاستقرار في السودان''. اسباب انسحاب عرمان علل عرمان في قراره بعدم المشاركة بأن الحركة الشعبية لتحرير السودان وقوى المعارضة تمتلك لائحة طويلة من المآخذ على الطريقة التي تدار بها الانتخابات من تسجيل اللوائح وحتى طباعة أوراق التصويت. وأبدى ثقته في أن باقي المرشحين للرئاسة سيقاطعون الانتخابات. ولدى سؤاله عما إذا كانت الحركة الشعبية قد اتخذت موقفا نهائيا من المشاركة في الانتخابات التشريعية، قال ''نحن الآن لن نشارك في الانتخابات بجميع مستوياتها في دارفور''، مبيناً أن لدى الحركة مشاورات مع بعض الأحزاب ''التي لديها مصاعب في سحب أعداد كبيرة من الذين ترشحوا على مستوى عدد من الولايات، ولكن إذا ما اتفقت كل المعارضة يمكن أن نقاطع الانتخابات بجميع مستوياتها في ما تبقى من ولايات الشمال'' إضافة إلى دارفور التي اعتبر أنها في حالة حرب ولا يمكن أن تجرى فيها انتخابات. ولكن عرمان أكد مشاركة حزبه في الانتخابات بالجنوب التي هي شرط لازم لقيام الاستفتاء حسب اتفاقية نيفاشا، وقال إنه يحمّل حزب المؤتمر الوطني الحاكم مسؤولية دفع الجنوب إلى الانفصال الذي توقع أن يؤول إليه استفتاء يناير/كانون الثاني .2011 ويقول محللون إن انسحاب عرمان سلم فعليا السباق الانتخابي للبشير، وقد يكون جزءا من صفقة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالشمال لضمان إجراء استفتاء على استقلال الجنوب ينص عليه اتفاق السلام الموقع بين الطرفين عام .2005 موقف البشير من جانبه جدد الرئيس السوداني عمر البشير التزامه بإجراء الانتخابات في موعدها، متهماً المطالبين بتأجيل الانتخابات بالتبعية للخارج، ومضيفاً في خطاب أمام مؤيديه في مدينة سِنجة بوسط البلاد، أن كلمة الحسم يجب أن تكون للشعب السوداني. ورفض البشير في وقت سابق تأجيل الانتخابات المقررة في أفريل ''ولو ليوم واحد''، وهدد بأن الحركة الشعبية إذا رفضت قيام الانتخابات فإنها ترفض بذلك قيام الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان. وأعلنت الأحزاب السودانية الرئيسية مقاطعة الانتخابات السودانية، وأمهلت الأحزاب المقاطعة في بيان لها الحكومة السودانية وحزب المؤتمر الوطني حتى تشرين الثاني القادم لاجراء الانتخابات شريطة الاستجابة للمطالب التي قدمتها إلى المفوضية العليا للانتخابات. وقالت الأحزاب لوكالة أنباء البي بي سي، إنها قررت مقاطعة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وانتخابات الولايات بسبب مخاوفها من تزوير النتائج والوضع الامني في دارفور، مؤكدة في بيان اصدرته وقرأته مريم الصادق المهدي عضو المكتب السياسي لحزب الأمة القومي أن إجراء الانتخابات في الوقت الراهن لا يضمن نزاهتها. واوضحت تلك الحزاب بان العودة إلى الانتخابات مشروطة بتحقيق المطالب التي تقدمت بها هذه الأحزاب إلى المفوضية العليا للانتخابات ومنها تصحيح الخروقات التي انتابت عمليات التسجيل. وجاء هذا البيان بعد اجتماع عقد في دار حزب الامة ضم اجتماع احزاب المعارضة الرئيسية وفي المقدمة منها حزب الامة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الامة - الاصلاح والتجديد والحزب الشيوعي السوداني. ويترك هذا القرار المؤتمر الوطني منفردا في خوض الانتخابات الرئاسية الى جانب حزب المؤتمر الشعبي وحزب التحالف الوطني. وانفرد زعيم حزب المؤتمر الشعبي والزعيم السابق للجبهة الاسلامية التي وقفت وراء انقلاب الانقاذ في عام 89 بتأكيد مشاركة مرشح حزبه في انتخابات الرئاسة القادمة. من هو ياسر عرمان؟ ينتمي ياسر سعيد عرمان إلى طينة السياسيين الذين ولدوا من رحم النقاشات والسجالات بين التيارات الطلابية في الجامعات، وسطع نجمهم قبل مغادرتهم أسوار الكليات ومدرجاتها. فعرمان عرفته ساحات جامعة القاهرة-فرع الخرطوم منافحا قويا عن أفكار وتوجهات الحزب الشيوعي الذي كان من قيادات تنظيمه الطلابي المعروف بالجبهة الديمقراطية حتى تخرجه في كلية الحقوق عام .1986 وبعد نحو عقد من العمل في الحزب الذي انتمى إليه منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي، انشق عرمان وهرب بإرثه السياسي إلى خارج السودان ليلتحق بالحركة الشعبية لتحرير السودان أواخر العام .86 وقد جلب إليه الأنظار لكونه من القيادات القليلة التي استطاعت الحركة أن تكسبها من شمال السودان، كونها في الأصل حركة نشأت في جنوب السودان الذي دخل في حرب مع الشمال دامت أكثر من عقدين. وفي الحركة الشعبية أضاف عرمان إلى تجربته السياسية تجربة عسكرية، حيث انضم إلى صفوف جناحها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان، وحمل السلاح منافحا عن فكرة «السودان الجديد» التي بنى عليها الراحل جون قرنق حركته منذ أسسها عام .1983 اللغة العربية والانتماء إلى الشمال انضافا إلى القدرات الخطابية التي اكتسبها عرمان في فترته الطلابية فحملتاه ليجلس وراء الميكروفون والعمل في القسم العربي للإذاعة التي أطلقتها الحركة الشعبية آنذاك من إثيوبيا. عرمان المولود في أكتوبر عام 1961 في حلة سعيد القرية الصغيرة القريبة من مدينة طابت بمنطقة الجزيرة وسط السودان، عُين بعد ذلك ممثلا للحركة الشعبية في دولة إريتريا. ونجح عرمان في كسب ثقة جون قرنق في وقت مبكر من انضمامه إلى الحركة الشعبية، وارتقى في مدارجها إلى أن أصبح ناطقا رسميا باسمها، ونائبا للأمين العام لشؤون قطاع الشمال، ثم أمينا عاما للقطاع. تزوج ياسر عرمان من ابنة السلطان دينق مجوك ناظر عموم قبيلة دينكا نقوك التي تقطن منطقة أبيي، واشتهر الناظر مجوك بتمسكه بوحدة الشمال والجنوب، ومن أبنائه المسؤول الأممي الكاتب د. فرانسيس دينق والقيادي في الحركة الشعبية وزير شؤون الرئاسة بحكومة الجنوب د. لوكا بيونغ. وكان عرمان أيضا من القيادات التي ساهمت في صياغة وتوقيع اتفاقية السلام الشامل التي أنهت الحرب بين شمال السودان وجنوبه عام ,2005 والتي حملته إلى البرلمان ضمن حصة الحركة فصار رئيسا لكتلتها البرلمانية. في الآونة الأخيرة تحول عرمان إلى معارض شرس لحزب المؤتمر الوطني الذي تشاركه الحركة الشعبية الحكم، وصار عنوانا للخلاف السياسي معه، حيث كال له الكثير من الانتقادات خصوصا في فترة الشد والجذب التي شهدها البرلمان السوداني نهاية 2009 بشأن إجازة القوانين المسماة «قوانين التحول الديمقراطي». الصادق المهدي كاد يكون اسمه ''إبراهيم المهدي'' لأن جده عبد الرحمن الصادق لما بلغه خبر ميلاده يوم 25 كانون الثاني 1935 كان يقرأ سورة إبراهيم، لكنه بعد أخذ ورد قرر أن يمنحه اسمه الثاني (الصادق) أملا في أن يملأ مكانه بعد موته، حسب ما ينقل الصادق المهدي عن أمه. يقول في برنامج ''زيارة خاصة'' الذي بثته الجزيرة في أيار 2005 إن أمه احتفلت مرة بعيد ميلاده -الذي يوافق يوم ميلاد المسيح عليه السلام- فقط لأنه وافق عيد الفطر، واستبشرت كثيرا بهذا التوافق بين مناسبتين دينيتين إحداهما مسيحية والأخرى إسلامية، غير أنه يؤكد أن ذلك بالنسبة إليه لا يترتب عنه ''أي معنى غيبي''. كثيرون يرون أن الرجل ولد وفي فمه ملعقة من ذهب الزعامة السياسية والدينية، فقد ورث عن أسرته المهدية حزبا سياسيا -هو حزب الأمة- تولى زعامته وتولى رئاسة الوزراء مرتين باسمه. كما ورث طائفة تسمى ''الأنصار''جعلت منه أيضا زعيما دينيا للحركة المهدية، نسبة إلى جده الأكبر محمد أحمد المهدي القائد السوداني الذي فجر الدعوة والثورة المهدية في السودان. يؤمن إيمانا راسخا بما يعرف ''بالرؤيا الصادقة''، ومعناها أن يرى الإنسان شيئا في المنام فيحدث في الواقع كما رآه أو قريبا منه، ويقول إن له نحو عشرين رؤيا صادقة ذكر منها أنه رأى في المنام في سجنه وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر. غير أن الصادق المهدي يقول إنه لم ير من ملعقة الذهب هذه شيئا، ويكرر دائما أنه الزعيم السياسي الوحيد في بلاده الذي لم تزده السياسة شيئا، بل أفقرته، حيث أكد في البرنامج المذكور أنه لم يتسلم راتبا من مال الدولة طيلة سنوات توليه رئاسة الوزراء، في المرة الأولى من 1966 إلى ,1967 وفي الثانية من 1986 إلى .1989 ويضيف أنه لم يسكن قط في بيت حكومي، وأنه الوحيد من المسؤولين الذي كان كلما رجع من رحلة إلى الخارج يعيد إلى خزينة الدولة الميزانية التي خصصتها لسفره. في الفترتين اللتين تولى فيهما رئاسة الوزراء تمت الإطاحة به، في الأولى بائتلاف سياسي بين جناح منشق من حزب الأمة وبين الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي، وفي الثانية بانقلاب عسكري قاده عام 1989 الرئيس الحالي عمر حسن البشير وهندسه الزعيم الحالي لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي، المتزوج من السيدة وصال المهدي شقيقة الصادق المهدي. وهي تجربة أوصلت زعيم حزب الأمة إلى أنه لا بد أن يحرم الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية ولو باسم الإسلام، بالنظر إلى أن انقلاب 1989 -المعروف بثورة الإنقاذ- بني على قاعدة حركة إسلامية هي ''الجبهة الإسلامية القومية'' بزعامة الترابي. ومثلما توزعت رحلة التحصيل العلمي للصادق المهدي بين مسقط رأسه والعاصمة الخرطوم وكلية فيكتوريا بالإسكندرية بمصر وجامعة أكسفورد ببريطانيا، حيث درس الاقتصاد والسياسة والفلسفة، توزعت سنوات عمره التي فاقت السبعين بين كراسي السلطة وزنازين السجون ومنافي الغربة. فقد دخل السجن عدة مرات سنوات 1969 و1973 و1983 و,1989 كما نفي إلى مصر والسعودية وهاجر سرا عام 1996 إلى إريتريا المجاورة للسودان والتحق بالمعارضة السودانية هناك، ولم يعد إلا أواخر عام 2000 بعد توقيع اتفاق مصالحة مع النظام أواخر عام 1999 سمي «نداء الوطن» تحت رعاية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر قيله. اتهمه كثيرون بنشر التشيع في السودان وبالعلاقة مع إيران، معتبرين أن العائلة المهدية تعود أصولها إلى المذهب الشيعي، لكنه يرفض هذه التهمة ويعتبر أن السودانيين ''شيعة عاطفيون'' ويحبون آل البيت، مؤكدا أنه ليس في السودان شيعة بالمعنى المذهبي، مضيفا أن السودان نموذج مصغر للقارة الأفريقية بإثنياتها وثقافاتها. زعيم حزب الأمة قارئ نهم للشعر والأدب، وله عدة مؤلفات كتب أكثرها في السجن أو في الغربة، حتى إنه ممن ينطبق عليهم القول إنهم رجال حَرَمت منهم السياسةُ مجالَ الفكر والأدب. منذ نحو ثلاث سنوات قال الصادق المهدي إن الناس سيحتاجون إلى الكثير كي يقنعوه بالترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أبريل/نيسان ,2010 واعتبر ما هو فيه كافيا، مضيفا أنه يريد أن ينشغل بأشياء أخرى مثل تفسير القرآن والتأليف عن السيرة النبوية. وفي مقابلة صحفية أواخر أيلول 2009 أكد مجددا أن لديه مشروعات أخرى كثيرة، وأن ترشيحه للرئاسة سيكون صعبا جدا، وأنه لن يترشح إلا إذا كانت هناك ضرورة قصوى ولا يوجد بديل. ويبدو أن الضرورة وانعدام البديل اجتمعتا عند حزب الأمة بداية هذا الأسبوع، وتوارت وراءهما صعوبة الترشح للرئاسة لأن الصادق المهدي سينافس رسميا على الرئاسة الرجل الذي أطاح به منذ عقدين من الزمن. البشير قضى الرئيس السوداني عمر حسن البشير القسط الأكبر من حياته بين ثكنات الجيش -الذي التحق بصفوفه في سن مبكرة- وارتقى في سلمه إلى أعلى الدرجات، بل كان بوابته إلى الرئاسة عبر انقلاب عسكري، ثم أصبحت الرئاسة نفسها بوابته نحو سابقة تاريخية، حيث أصبح أول رئيس دولة تطلب المحكمة الجنائية رأسه وهو ما يزال جالسا على كرسي السلطة. ينحدر الرئيس السوداني من إحدى أكبر القبائل في بلد ما زالت تلعب فيه القبيلة دورا محوريا ومحددا في السياسة، فهو من قبيلة الجعليين التي تقول بعض المصادر التاريخية إنها وصلت إلى السودان في بداية القرن الأول الهجري قادمة من شبه الجزيرة العربية. ورغم أن أغلب المنحدرين من هذه القبيلة ينتشرون في وسط وشمالي السودان، فإن الكثيرين منهم دفعهم اشتغالهم بالزراعة والتجارة إلى الترحال المستمر، ولعل ذلك ما دفع أسرة البشير إلى ترك مسقط رأسه والتوجه نحو العاصمة الخرطوم حيث تلقى دراسته الثانوية. قدر البشير الذي ولد في الأول من كانون الثاني عام 1944 بقرية ''حوش بانقا'' وهي إحدى ضواحي مدينة شندي شمالي السودان- قاده إلى مهنة السلاح والقتال منذ سن 16 سنة، حيث التحق بالكلية العسكرية السودانية سنة .1960 بعد سبع سنوات تخرج في الكلية، ثم نال بعدها ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان عام ,1981 فماجستير العلوم العسكرية من ماليزيا في عام ,1983 وزمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام .1987 وقبل ذلك وبينما كان يشارك في دورة تدريبية للمظليين في كلية ناصر العسكرية بمصر، انضم إلى صفوف القوات المصرية التي واجهت الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام .1973 ميول البشير وشعاراته المتأثرة بالتيار الإسلامي لا تخفى حتى في خطاباته، كما أن الانقلاب الذي قاده في 30 حزيران 1989 ضد حكومة الصادق المهدي، والذي سمي ''ثورة الإنقاذ''- دعمه الإسلاميون، ومنذ ذلك التاريخ وهو رئيس للسودان ورئيس لوزرائه أيضا، وتعتبر فترة حكمه الأطول في تاريخ البلاد. عايش البشير منذ كان ضابطا في الجيش السوداني كثيرا من فصول الصراعات والنزاعات التي شهدها بلده على مدى عقود من الزمن، ومنها صراع الجنوب والشمال، حيث كان تسلم بعد عودته من مصر قيادة العمليات العسكرية ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان، الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان، المتمركزة في جنوبي البلاد. وهكذا واجه البشير في جنوبي السودان صراعا هو الأطول في القارة الأفريقية، وتعود جذوره إلى الاستعمار البريطاني، حيث انخرط فيه وهو على ظهر دبابات الجيش، ورافقه ملفه إلى كرسي الرئاسة ليوقع نائبه الأول علي عثمان محمد طه مع أعداء الأمس اتفاقية للسلام بمدينة نيفاشا الكينية في 25 أيلول .2003 وفي عام 2005 وقعت حكومة البشير اتفاق سلام وتقاسم ثروات بين الشمال والجنوب، الذي حظي بحكم ذاتي. أما الصراع الثاني الأبرز الذي طبع مسيرة البشير السياسية والعسكرية، فهو النزاع القائم في إقليم دارفور غربي البلاد. فقد أقر مجلس الأمن ابتداء من 2001 مجموعة من العقوبات الاقتصادية على السودان وحظر السفر على بعض المسؤولين في الحكومة اتهمهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور. وفي آذار 2007 أمرت المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الوزير المنتدب للداخلية آنذاك أحمد محمد هارون وأحد قادة مليشيا الجنجويد يدعى علي عبد الرحمن كوشيب، وطالبت بتسليمهما ليحاكما بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، وقد رفض البشير تسليمهما. ولم يلبث الرئيس السوداني أن دخل في لائحة المتابعين في قضية دارفور، ففي 14 تموز ,2008 طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو من قضاة المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة. وفي الرابع من آذار 2009 أصبح البشير ثالث رئيس دولة تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بعد رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلر والرئيس السابق ليوغسلافيا سلوبودان ميلوسوفيتش. غير أن الفرق بين البشير وسابقيه، هو أن تايلر وميلوسوفيتش طلبت المحكمة اعتقالهما بعد أن تركا منصبيهما، أما الرئيس السوداني فصدرت مذكرة الاعتقال بحقه وهو ما يزال رئيسا يعتبره قسط من السودانيين ''رمزا من رموز البلد''، ويرى فيه معارضوه ''ديكتاتورا'' يجب الإطاحة به ولو كان ذلك بأياد غير سودانية.