نظرا لارتفاع حدة العنف الممارس من قبل المراهقين ضد بعضهم البعض أو ممن كانوا هم ضحية للعنف سواء في المدرسة، في الشارع أو في البيت، استطاع مركز التوثيق والإعلام لحقوق الطفل والمرأة ''سيداف'' أن يجري دراسة ميدانية حول الظاهرة. ففي المدرسة مثلا التي كان من المفروض أن تكون مكانا خاليا من هذه السلوكيات المشينة والدخيلة في نفس الوقت على المجتمع الجزائري، تبين أن ثلث المراهقين من الذكور تعرضوا لعنف جسدي مرة واحدة على الأقل في القسم أو الساحة من قبل موظفي المؤسسة أو من زملائهم بالإضافة إلى 15 بالمائة من الفتيات تعرضن هن أيضا للعنف ذاته. من خلال الدراسة الميدانية والاستفتاء الذي أجرته ''سيداف'' في مؤسسات تربوية موزعة على مناطق مختلفة من الوطن تبين أن 7 من أصل 10حالات عنف مسجلة في المدارس التربوية يكون المدرس هو المسؤول المباشر عنها، حيث يلجأ هذا الأخير أي المدرس إلى استعمال العنف لأسباب تتعلق بالانضباط في القسم الذي يتراوح بين المشاجرات الشفوية مع التلميذ أو اللجوء إلى الضرب لردعه. وأرجعت الدراسة العنف الممارس ضد التلاميذ إلى اكتظاظ الأقسام حيث يتراوح عدد التلاميذ في القسم الواحد بين 35الى45 تلميذا في مختلف المؤسسات التربوية عبر الوطن. 74 بالمائة من مستعملي العنف أساتذة تختلف الأسباب المؤدية إلى استعمال العنف ضد التلاميذ المراهقين في المدارس. وحسب ما جاء في الدراسة فإن المدرس يكون المتسبب في العنف ضد التلميذ بنسبة 74 بالمائة يليه المراقب العام بنسبة 24 وفي المرتبة الأخيرة العنف الذي ينشأ بين التلاميذ. والمثير في الأمر أن هذا النوع من العنف لم يسجل إلا نسبة 1بالمائة وهي نتيجة لم تكن متوقعة أبدا. أما عن الأسباب المؤدية إلى العنف فقد جاء التشويش في القسم في المرتبة الأولى يليه الرد على المدرس بطريقة استفزازية وعدم القيام بالواجبات المنزلية، حيث أجمع عدد من التلاميذ الذين شملهم الاستقصاء والدراسة أن هذه الأسباب الثلاثة هي الأكثر شيوعا في المدارس والتي ينجر عنها استعمال العنف ضد التلاميذ من قبل أساتذتهم. أما عن الطريقة التي يستعملها المدرس في تنفيذ العنف ضد التلاميذ المراهقين، فذكر التلاميذ أن استعمال المسطرة أو العصا للضرب احتل المرتبة الأولى يليه الصفع الذي يوجه في الغالب للذكور أكثر من الإناث، أما عن وسائل العنف الأخرى فقد شكل استعمال الركلات واللكمات 21بالمائة من الطريقة المستعملة لتعنيف التلاميذ. 38بالمائة من التلاميذ يخفون تعرضهم للعنف أثبتت الدراسة التي أعدها مركز الإعلام والتوثيق حول حقوق الطفل والمرأة أن 38بالمائة من المراهقين لا يخبرون أولياءهم بالاعتداء الممارس ضدهم من قبل الأساتذة نتيجة الخوف من رد فعل الأولياء، في حين أكد 43بالمائة من التلاميذ أن أولياءهم الذين تم إعلامهم بما يحدث في المدرسة لم يتنقلوا إلى رؤية أو التحدث إلى الأستاذ وإدارة المدرسة، في حين أن 18بالمائة منهم فقط صرحوا بأن أولياءهم تنقلوا لمقابلة مسؤولي المؤسسة أو المدرس. ولا يختلف الشارع كثيرا عن المدرسة في كونه مكانا لمختلف الاعتداءات المسجلة على المراهقين، حيث سجلت الدراسة في الاثني عشر شهرا الأخيرة تعرض مراهق من أصل أربعة إلى اعتداء جسدي في الأماكن العامة مع تباين في العنف المسجل بين الذكور والإناث، حيث تعرض 3مراهقين ذكور من أصل عشرة إلى عنف بدني في الشارع في حين تعرضت فتاة واحدة من بين عشر فتيات إلى عنف مماثل. وعن أنواع العنف المسجل ضدهم تحدث 24بالمائة منهم عن تعرضهم للسرقة أما عن الأسباب التي كانت وراء الاعتداء الجسدي فتنحصر في أغلب الأحيان لدى الذكور في رد فعل على تحريض تجاههم أو تجاه صديق، تأتي بعد ذلك الاهانة اللفظية، التورط في شجار غير متعمد من أجل الدفاع عن النفس أو الدفاع عن صديق، وأحد هذه الأسباب ذكر من طرف 7مراهقين من أصل عشرة. أما الفتيات اللاتي تعرضن لاعتداء جسدي فان طبيعة الأسباب تختلف وتتنوع بين السرقة والتحرش وهي الأسباب الأكثر انتشارا، وقد ذكرت من طرف خمس فتيات من بين عشر شملتهن الدراسة. س.ح