عرض مركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة (سيداف) نتائج التحقيقين الميدانيين اللذين كان قد شرع في فيهما في جوان 2007 حول ''معرفة حقوق المرأة والطفل بالجزائر''، والتي خلصت نتائجها إلى أنه وبالرغم من التقدم الذي يشهده المجتمع الجزائري إلا أنه لا يذهب في اتجاه تكريس المساواة بين المرأة والرجل بسبب تخلف الذهنيات، ما يفسر ارتفاع نسبة العنف الممارس ضد المرأة والطفل، حسب ما جاءت به الدراسة. أظهرت نتائج الدراسة التي قامت بعرضها الآنسة إيمان حايف إيغيل أحريز أول أمس بالمعهد الوطني للصحة العمومية، أعدها مركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة بالتعاون والاشتراك مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، تراجعا في احترام وتطبيق حقوق المرأة والطفل في الجزائر في الفترة ما بين 2000 و ,2008 ما تبرزه جليا الأرقام المعروضة والتي شملت المرأة والطفل معا مبينة عدم التفرقة بين الفئتين من ناحية التعرض للعنف. ففيما قدر عدد النساء المعنفات أسريا بأزيد من ألف 750 امرأة شملتها الدراسة كان الرقم المقدم لدى الأطفال والمراهقين يقدر ب 600 ألف طفل معنف خلال نفس الفترة. 5ر1 مليون امرأة محرومة من الشغل بسبب العنف أوضحت الدراسة أن اكثر من مليون ونصف امرأة محرومة من الشغل واقتحام ميادين العمل بسبب العنف الممارس عليها في الوسط الأسري سواء من قبل الزوج أو الأب أو الأخ، وتوصلت هذه الدراسة التي شملت 14 ألف أسرة إضافة إلى 2800 شخص، من بينهم 2000 مراهق 74 بالمائة منهم تقل أعمارهم عن 14 سنة كعينات لأخذ مختلف آرائهم حول قضايا متنوعة تخص المرأة والطفل وفي مقدمتها الطلاق، الزواج، العنف الأسري، وكذا مدى احترام الحريات الفردية، إلى ضرورة دق ناقوس الخطر من تفكك البنية الأسرية نتيجة للتدهور الكبير في العلاقات التي تربط الوالدين بأبنائهم، والتعدّي المستمر على حقوق المرأة والطفل سواء داخل الأسرة أو المجتمع، فقد ورد في الدراسة أن ما نسبته 70 بالمائة من الرجال يرفضون عمل المرأة خارج بيت الزوجية. 47 بالمائة من المراهقين يشتكون الاعتداءات الجسدية ومما تبين في الجزء الثاني من التحقيق المتعلق الطفل والمراهق، ارتفاع في أرقام الاعتداءات الجسدية التي يتعرض لها الأطفال وتحديدا الذكور منهم إما داخل المحيط الأسري، أو التربوي وحتى الأماكن العامة. حيث أثبتت الدراسة بأن واحدا من بين ثلاثة ذكور متمدرسين أي ما يعادل 36 بالمائة كانوا عرضة للاعتداءات الجسدية داخل مؤسساتهم التربوية خلال الموسم الدراسي الماضي 2007 - 2008 بزيادة تقدر بضعفين عن ما تتعرض له الإناث، ويعتبر الأستاذ أو المعلم المسؤول الأول عن تلك الاعتداءات بنسبة 74 بالمائة، في حين بينت الدراسة بأن هناك 47 بالمائة من المراهقين، 35 بالمائة منهم ذكور تم الاعتداء عليهم جسديا في أماكن عمومية. وأرجعت خلاصة الدراسة استفحال الاعتداءات ضد الذكور المراهقين دون الإناث إلى عدة أسباب، أهمها التدخين، النتائج السيئة في الامتحانات، وكذا عدم احترام رأي الوالدين، البقاء في الشارع لمدة طويلة. بالمقابل، أكدت نتائج الدراسة التي أعدها مركز التوثيق لحقوق الطفل والمرأة أن هناك تضييقا على حرية المرأة عن طريق حرمانها من حقها في الزواج والشغل وحتى الطلاق، الأمر الذي اعتبرته الدراسة تعديا خطيرا على حق دستوري للمرأة، خاصة وأنه يتنافى مع ما جاء في قانون الأسرة، وحذرت الدراسة من ارتفاع هذه النسبة السلبية، خاصة وأن المجتمع الجزائري هو المسؤول عن ممارسة التمييز بين المرأة والرجل من خلال تلقين الأطفال مبادئ عدم المساواة بين الطرفين، الأمر الذي تفسره الدراسة بتأييد أكثر من 46بالمائة من المراهقين الذين مستهم الدراسة لعدم السماح للمرأة بالعمل، حيث شددت الدراسة على دور المؤسسات التربوية في تغيير الذهنية السائدة حول هذا التمييز الذي لا يخدم الجنسين. وأضافت الدراسة بأن المجتمع الجزائري لا يتقبل وجود امرأة في الشغل خاصة كموظفة مسؤولة، حيث اعتمدت على الانخفاض الكبير لعدد النساء اللائي تشتغلن، حيث لا تتعدى نسبتهن 14 بالمائة في جميع القطاعات، واكدت نادية آيت زاي رئيسة المركز في تصريح ل''الحوار'' على هامش عرض الدراسة أن هذا يسجل في ظل توفر النصوص القانونية والإرادة السياسية اللازمة للمسؤولين أي أن الإشكال مرتبط بتخلف الذهنيات لا غير، وهنا يبرز دور الحركة الجمعوية في تغييرها والسير بها نحو التفتح.