يستنكر المجتمع الجزائري بشدة ظاهرة الدعارة، ورغم القطيعة التامة التي يتخذها المجتمع مع ممارسي البغاء إلا ان انهيار بعض القيم والمعايير الأخلاقية ساهم بشكل كبير في ازدياد معدلات الانخراط في شبكات الدعارة، وهو ما كشفه التحقيق المنجز من قبل الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث ''فورام''. كشفت آخر دراسة قامت بها الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث ''فورام'' بدعم من الصندوق العالمي عن 749 امرأة تعمل في تجارة الجنس عبر 13 ولاية، حيث ركزت الدراسة التي قام بها أطباء تابعون للهيئة وطلاب الطب على التقرب من مجموعة من المومسات وطرح بعض الأسئلة التي حددتها مجموعة من الخبراء سلفا على شكل استطلاع. وعن أهداف الاستطلاع يقول الدكتور صحراوي ممثل الفورام إن التحقيق تم إطلاقه بهدف استبيان بعض الأمور المهمة والخطيرة في نفس الوقت من بينها سن العاملين في هذا المجال، وتقييم مستوى المعرفة لديهم خاصة فيما يتعلق بالأمراض المتنقلة عن طريق الاتصالات الجنسية خاصة الايدز ومعرفة مدى استعمالهم للواقيات، واستمر التحقيق لمدة أربعة أشهر مس 749 مومس ومثليين جنسيا. 45 بالمائة من المومسات في العشرينيات من عمرهن حملت الدراسة الكثير من الحقائق الصادمة التي يغفل عنها المجتمع والتي لم تكن منتظرة على الإطلاق، حيث بين التحقيق ان معدل عمر فئة ممارسات البغاء يتراوح بين 13سنة الى 49سنة. وتعتبر الفئة العمرية التي تتراوح بين 22 و30سنة الأكثر عملا في ميدان تجارة الجنس بنسبة تجاوزت 54بالمائة، اما الفئة التي يتراوح سنها بين 31و42 سنة، فقد شكلت نسبتها 22 بالمائة. ومن بين الحقائق المؤسفة التي خرجت بها الدراسة ان 20بالمائة من ممارسي البغاء من الجنسين لا يتعدى سنهم العشرين سنة، حيث كشفت الدراسة عن تواجد أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 الى 16سنة يمارسون البغاء بنسبة واحد بالمائة ومن 17 الى 18سنة يمارسون البغاء بنسبة 5بالمائة من مجموع من شملتهم الدراسة اما من 19الى 21سنة فقد شكلوا نسبة 14 بالمائة، وهي أرقام تبين وجود تجارة جنسية رائجة باستعمال الاطفال في الجزائر رغم وجود قوانين صارمة تجرم هذا الاستغلال الجنسي البشع للأطفال. 11بالمائة من تجار الجنس مثليون كشفت الإحصاءات المقدمة من قبل الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث عن أن 11 بالمائة من العاملين في تجارة الجنس هم من الذكور أي مثليو الجنس، حيث يمارسون نشاطاتهم في الملاهي الليلة وبيوت الدعارة او في الشقق الخاصة بحرية تامة. اما النساء فيمثلون النسبة المتبقية أي 89 بالمائة، وهي أرقام تعكس مستوى انتشار تجارة الجنس بأنواعها المختلفة في ولايات عديدة عبر الوطن. واستطاعت الدراسة أيضا ان تبحث في أصول المومسات خاصة أن المعروف عنهن هو ابتعادهن عن مسقط رأسهن لكي لا يتعرف عليهن أحد، وهو ما يفسر استمرارهن في العمل في تجارة الجنس دون حسيب او رقيب. كما تبين من خلال استجواب بعض المومسات أنهن قادمات من ولايات بعيدة جدا عن الولاية التي يمارسن فيها البغاء، وهو تكتيك معروف لدى بائعات الهوى لتفادي التعرف عليهن او تعريض حياتهن للخطر. 42 بالمائة من المومسات فخورات بعملهن وعن مدة عملهن في تجارة الجنس أكدت 66بالمائة من العاملات في هذا المجال أنهن دخلن ميدان البغاء منذ اقل من 5 سنوات فقط، اما النسبة المتبقية فقد تجاوزت مدة انخراطهن في ممارسة البغاء العشر سنوات وأكثر. وتضمنت الدراسة أيضا سؤالا يتعلق بحبهن لهذه المهنة جاء على النحو التالي ''هل انتم فخورون بما تفعلونه وهل تحبون هذا العمل؟ والمفاجأة جاءت بها نتيجة التحقيق التي بينت أن 42بالمائة من ممارسي البغاء أكدوا أنهم راضون عن الأفعال التي يقومون بها، اما 55بالمائة منهم فقد أكدوا عدم ارتياحهم لدخولهم عالم تجارة الجسد و4بالمائة منهم لم يستطيعوا الإجابة عن هذا السؤال . 29 بالمائة منهن يجهلن السيدا تضمن التحقيق الذي سلط الضوء على ظاهرة ممارسة الدعارة في الجزائر استفسارات عن مدى إدراك ممارسي البغاء في الجزائر للنتائج الوخيمة التي تترتب عن مثل هذه السلوكات خاصة ما تعلق منها بالأمراض الجنسية، حيث بينت النتائج إدراك 70بالمائة من ممارسي البغاء ان السيدا يمكنها وبكل بساطة ان تفتك بأجسادهم عن طريق ممارستهم الجنس. واظهرت نسبة معتبرة منهم تقدر بأكثر من 29بالمائة عدم معرفتها بخطورة انتقال السيدا عن طريق العلاقات الجنسية نتيجة الجهل وقلة التعليم التي تميز فئة كبيرة منهن. وعن مدى حرصهم على تجنب هذه الامراض باستعمال الواقي الجنسي أكدت أكثر من 59بالمائة منهن أنهن لا يستعملن أي احتياطات وقائية في ممارساتهن الجنسية المتعددة وأكدت 24بالمئة منهن أنهن يستعملن الواقي أحيانا بأمر من الزبون فقط إذا طلب منهن ذلك. وعن تسجيلهم لحالات السيدا في أوساط المومسات وعائلاتهن أكدت 95 بالمائة منهن خلون من المرض رفقة معارفهن في حين مس المرض 3 بالمائة من المستجوبات او احد معارفهن. وعن سؤال حول مدى قدرتهن على استيعاب معلومات وشروحات حول السيدا وبأي لغة ردت أكثر من 69بالمائة من المستجوبات أنهن يفضلن التعرف على السيدا من خلال منشورات مقدمة باللغة العربية و25بالمائة منهن يفضلن الفرنسية. والملاحظ ان تجارة الجنس لا تقتصر في الجزائر على ممارسين من داخل الوطن، حيث كشف التحقيق عن تواجد مومسات من مختلف الدول المجاورة واستطاع التحقيق ان يكشف عن وجود 5مومسات من تونس تم استجوابهن ومغربية و 5ماليات. وخلصت الدراسة الى ضرورة القيام بحملات تحسيسية داخل المجتمع وان كل ما حدث جاء نتيجة قلة التحسيس وجهل الكثير من العاملين في مجال الجنس في بلادنا بخطورة العلاقات الجنسية غير الشرعية وتأثيرها السلبي على صحة الشخص والمجتمع ككل. ودعا المختصون الى ضرورة التركيز على التوعية والتحذير من خطورة الانخراط في مثل هذه النشاطات التي لا يقبلها لا الدين ولا العرف والتقاليد. س.ح