بعد انتهاء العرس العالمي الذي أقيم في جنوب إفريقيا يمكن للفيفا أن يصفق بيديه احتفالا بالنصر مقدما، لأن أموالا ضخمة ومرضية قد دخلت خزينته. إذ قدرت عائداته فقط من خلال حقوق النقل التلفزيوني والشركات الراعية بأكثر من 3 مليارات دولار أميركي لتصبح بذلك هذه الدورة لكأس العالم الأكثر ربحية للفيفا في التاريخ، لكن تبقى هناك جهة مظلمة للبيانات الاقتصادية فجنوب إفريقيا البلد المضيف لنهائيات كأس العالم استثمرت إجمالي نحو 4,3 مليار دولار أميركي أي ما يعادل 1,72 من ناتجها المحلي الإجمالي، ما سجل رقما قياسيا بالاستثمار الأعلى في تاريخ دورات كأس العالم، وهذا المبلغ المستثمَر يساوي 11 ضعف التكلفة الإجمالية التي توقعتها جنوب إفريقيا في خطتها لاستضافة كأس العالم قبل ست سنوات، وعليه تثير تلك التكلفة الضخمة لاستضافة كأس العالم وبناء سلسلة من المشاريع المتعلقة سؤالا مشروعا لدى عموم شعب جنوب إفريقيا: إذا كان الفيفا وهذه الشركات الراعية قد كسبت أموالا ضخمة من كأس العالم، فماذا كسبت جنوب إفريقيا بالمقابل؟ فيما حققت الجزائر عائدات مالية معتبرة من جوائز الفيفا بالرغم من الخروج من الدور الاول حيث حصلت الفاف باعتبار ان الخضر خرجوا من الدور الاول على 6,3 مليون دولار امريكي وهي منحة مالية معتبرة حيث كانت الفاف تنتظر الحصول على 5 مليون دولار بعد الخروج من الدور الاول غير ان العائدات المالية والارباح الكبيرة التي جنتها الفيفا من وراء التنظيم الناجح للمونديال زاد من حصة المنتخبات التي خرجت من الدور الاول حيث حصلت كلها على 6,3 مليون دولار فيما تحصل البطل الاسباني على 23,7 مليون دولار والوصيف الهولندي على 19 مليون دولار اما المنتخب الالماني فحصل على 15,8 مليون دولار مع منتخب الاوروغواي من جهة أخرى، ووفقا للإحصاءات الرسمية فإن نحو 456 ألف سائح أجنبي قد زاروا جنوب إفريقيا في النصف الأول من يونيو وهذا يقل كثيرا عن المليون زائر الذي توقعته جنوب إفريقيا، ويعزى ذلك لأسباب كثيرة من بينها المخاوف الأمنية والاختناقات المرورية وسوء الطقس، ويمكن القول بأنه إذا كان الفيفا هو الرابح الأكبر من كأس العالم 2010 فإن الأمر يبدو مغايرا تماما بالنسبة للبلد المضيف وسكانه، وبصرف النظر عن الوعود والآمال والتوقعات بالتأثيرات الإيجابية التي ستخلفها استضافة جنوب إفريقيا لهذا الحدث الكبير «في المستقبل البعيد» على الشعب والاقتصاد والسياحة تبقى أولى المشكلات التي يتعين مواجهتها «في المستقبل القريب» تتمثل في كيفية إدارة وصيانة واستغلال 10 ملاعب حديثة لكرة القدم تكلف تشييدها مئات الملايين من الدولارات، لكنها ستصبح في حالة شبه الركود بعد كأس العالم، وقد تتحول إلى ديون ضخمة تراكمية على خزينة الدولة تضيف إليها عجزا سنويا يقدر بما لا يقل عن عشرات الملايين من «راند» العملة المحلية.