يحل اليوم بالجزائر وزير الشؤون الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني في إطار زيارة رسمية جاءت تلبية لدعوة تلقاها من نظيره مراد مدلسي بهدف تعزيز التشاور بين البلدين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والتعاون الاقتصادي، إضافة إلى الاتحاد من أجل المتوسط. وواضح بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية أن هذه الزيارة ''تندرج في إطار مواصلة الحوار وتكثيف التشاور المنصوص عليهما في معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي تربط البلدين''، مضيفا أنها ستسمح للوزيرين ''بإجراء دراسة مستفيضة لوضعية العلاقات الثنائية'' و''ستوفر الفرصة لتبادل وجهات النظر والتحليل لعدد من القضايا الجهوية والدولية الراهنة''. وأشارت الخارجية الجزائرية في بيانها أن المحادثات التي سيجريها فراتيني مع مدلسي ومع عدد من المسؤولين الجزائريين ستمكن من ''إعطاء دفع جديد للعلاقات بين البلدين التي تميزت خلال السنوات الأخيرة بنمو استثنائي في مختلف مجالات التعاون''. وكان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل قد أعلن خلال الزيارة التي قامت بها كاتبة الدولة الإيطالية للشؤون الخارجية ستيفانيا غراكسي في 23 ماي الماضي إلى الجزائر، أن فراتيني سيزور الجزائر في 14 جويلية 2010 في إطار التحضير لاجتماع القمة المقرر عقده خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة ذاتها، والتي يتوقع أن تكون بين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني، والتي كانت مقررة عام .2009 وينتظر أن يكون ملف الأمن في المنطقة الإفريقية والمتوسطية من أهم القضايا التي ستتطرق إليها المحادثات التي ستجمع مدلسي بفراتيني، خاصة بعد أن صارت بعض العواصم الأوروبية مكانا لتدعيم نشاطات الجماعات الإرهابية في المنطقة الإفريقية، إضافة إلى قيامها من حين لآخر بتفجيرات في عواصم أوروبية مثلما جرى في باريس ومدريد ولندن. وقد يكون مصير الرهينتين الايطاليين سيرجيو سيكالا وزوجته فيلوميني كابوري اللذين اختطفا في ديسمبر 2009 في موريتانيا من قبل التنظيم الإرهابي الذي يطلق على نفسه اسم ''القاعدة في بلاد المغرب'' ولم يطلق سراحهما لحد الآن في صلب المحادثات التي ستجمع بين الوزيرين، خاصة وأن روما تعلم ثقل الجزائر ضمن تجمع دول الساحل، إضافة إلى أن الطرف الجزائري سيعمل المستحيل لإنقاذ حياة الرهينتين الايطاليين لأن حكومة برلسكوني تتفق مع موقفه الرافض دفع فدية للشبكات الإرهابية، والذي لا تزال ملتزمة به لحد الآن رغم مرور أكثر من نصف عام عن اختطاف رعيتيها. وسيشكل ملف محاربة الهجرة غير الشرعية أحد أهم النقاط التي سيناقشها الطرفان بالنظر إلى العدد الكبير لوفود الحراقة الجزائريين الذين يحجون إلى ايطاليا، خاصة في هذا الموسم، والذين تبقى أعدادهم مجهولة، بالرغم من أن الوزير مساهل، قال إن عددهم لم يتجاوز إلى غاية شهر ماي الماضي 25 شخصا، وكذا باعتبار أن ايطاليا تعد من بين أكبر ثلاث دول أوروبية تعرف شواطئها قدوما متواصلا للحراقة، وهي تحتضن 16 ألف مهاجر جزائري يقيم بطريقة قانونية. وتتزامن زيارة فراتيني إلى الجزائر مع إطفاء مشروع الاتحاد من أجل المتوسط لشمعته الأولى التي كانت أمس الثلاثاء، وهو المشروع الذي لم يقدم شيئا لحد الآن ويظل في نظر البلدين مشروعا فاشلا، وتخشى روما ''أن تكون نهاية الاتحاد من أجل المتوسط كنهاية مسار برشلونة''، بالرغم من وجود قناعتها بضرورة التعاون بين دول المنطقة، حيث قال برلسكوني أمس خلال افتتاحه النسخة الثانية من المنتدى الاقتصادي الأورومتوسطي بميلانو ''إن ثمة فرصا كبيرة لتطوير العلاقات بين بلدان البحر الأبيض المتوسط والحكومة الإيطالية المستعدة للقيام بكل ما هو ضروري لذلك، وتقوم بالفعل بجهد كبير جدا في هذا الاتجاه''. ويرى برلسكوني أن استمرار إيطاليا في تطوير علاقاتها مع البلدان الإفريقية المطلة على المتوسط، من شأنه أن يساهم في التغلب على العقبات السياسية والبيروقراطية بين الجانبين. وفي السياق ذاته سيشكل موضوع تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجزائروروما موضوعا لمحادثات فراتيني مع مختلف المسؤولين الجزائريين الذين سيلتقي بهم، خاصة وأن الجزائر تريد تعزيز الشراكة في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي يمثل 65 بالمائة من الاقتصاد الإيطالي.