بقدر ما تعمل وزارة التجارة ممثلة في مديرياتها الموزعة على تراب الوطن جاهدة على حماية المستهلك الجزائري من الغش والسلع المقلدة، وبقدر ما ترفع أطراف عديدة تعمل بدورها على حماية الزبون الجزائري من ال ''كونتر فاسون'' و''الغش'' و''التدليس'' و''التطفيف'' و''الخداع التجاري'' و''المضاربة'' و... و... و ناقوس الخطر، بقدر ما يجد التجار المخالفون دوما ''ألف حيلة وحيلة'' للمراوغة والنيل من زبائنهم بدافع الربح السريع والدخل ال''الفاسيل''، حتى وإن كان على حساب جيب وصحة وسلامة المواطن الفقير، الضعيف، المغلوب على أمره، وإن كان جميعنا يؤمن بشكل أو بآخر بمقولة:'' دراهم الحرام يروحو فالظلام''، فلا ريب إن خرجنا أحيانا عن ''طريق الصواب.. ولكم أن تتصوروا الآتي مستقبلا خصوصا وأننا على أبواب شهر رمضان الفضيل، الأمر الذي تطلب تدخل الرئيس شخصيا منذ أيام لإصدار تعليمات صارمة ب ''اتخاذ كل التدابير اللازمة'' لتنظيم عملية تزويد السوق بالمواد ذات الاستهلاك الواسع و''محاربة المضاربة في الأسعار وفرض احترام قواعد الصحة'' خلال شهر رمضان القادم، تفاديا لارتفاع الأسعار بسبب ندرة المواد. شدتني كثيرا تلك الأرقام الخطيرة التي قدمها واحد من منتجي مشروب ''القازوز'' في بلادنا، بشأن الشركات ''الخفاشة'' العاملة في الظلام، والمنتجين ''اللي ما يخافوش ربي'' ممن أتقنوا مهنة ''دراهم الحرام'' والذين أغرقوا السوق الجزائرية بورشاتهم الموازية المصنعة ل''القازوز المغشوش'' في مستودعات لا تحترم شروط النظافة ومقاييس العمل الصحي، فالجزائري يستهلك تصوروا ما بين 200 إلى 300 لتر ''يوميا'' من المشروبات الغازية والعصائر ''المتلاعب بها'' التي يتم إنتاجها بمحتويات غريبة عجيبة مقلدة بطريقة خاطئة لتلك الأصلية. أرقام أعتقد أن على الدولة أن تدق بشأنها ليس فقط ناقوس الخطر، بل تحرك لردعها مئات الأعوان والمراقبين، فالجزائري و''القازوز'' وجهان لعملة واحدة، في ظل غلاء الفواكه وأسعارها الملتهبة التي لا يقدر عليها ضعيفو الدخل، الذين يلقون في قارورة ''قازوز'' حتى وإن كان بلا ''ماركة'' طريقا للذة في هذه الأوقات الحارة. ولا زلت أتذكر جيدا ما ذكره أمامي أحد التجار الذي راح يروي قصة أحد منتجي العصائر بإحدى الولايات الداخلية الذي تبين أنه كان يحذف مادة السكر المرتفعة الثمن في الأسواق الدولية ليعوضها بمادة اصطناعية سامة وقاتلة، تسببت في إصابة عدد من المواطنين بداء سرطان المعدة، ألقت عليه مصالح الأمن القبض ونالت منه، لكن بعد ماذا؟؟ بعد أن راح ضحيته عشرات المواطنين ''الغلابى'' ممن اقتنوا مشروبات هذا التاجر ''عديم الأخلاق''. صحيح أن تسقيف الأسعار أمر مطلوب، وصحيح أن متابعة السوق الجزائرية أمر أكثر من ضروري، وكذلك الأمر بالنسبة لإجراءات الضبط والرقابة المفروضة على الباعة والتجار، لكن ترسيخ الجانب الأخلاقي كما دعا إليه مصطفى بن بادة إليه باحترام الأخلاق في التجارة هو مربط الفرس، وعنده يصبح ''الحرام حلال'' في أعين البعض.