ووري أمس الإثنين جثمان الراحل المجاهد لخضر بن طوبال آخر الباءات الثلاثة للثورة التحريرية التراب في مقبرة العالية، بعد أن نقل جثمانه صباحا إلى مقر المنظمة الوطنية للمجاهدين لإلقاء النظرة الأخيرة عليه. وكانت ''الحوار'' قد حضرت مراسيم الدفن في مربع الشهداء في العالية، حيث ألقى وزير المجاهدين محمد شريف عباس كلمة تأبينية ذكّر فيها بخصال الفقيد وبأبرز محطات ومسارات الرجل في الثورة التحريرية، والتي كان أبرزها قيادته للولاية الثانية التاريخية وهجومات الشمال القسنطيني نائبا عن قائد الولاية الشهيد زيغود يوسف أوت ,1955 ليصبح بعد ذلك قائدا لها، وتشاء الأقدار أن تنتقل روحه الطاهرة إلى بارئها في نفس الشهر، إضافة إلى ذلك عرج المتحدث على السنوات التي تلت ذلك ودوره في الحكومة المؤقتة الجزائرية وصولا إلى سنوات بعد الاستقلال. الوزير محمد شريف عباس أكد على فكرة مفادها أن رحيل المجاهد بن طوبال لن يثنينا على الاعتناء بما تركه من إرث يتمثل في مذكرات هامة بالنسبة لتاريخ الثورة الجزائرية، قال إنه بات من الضروري الاستفادة منها لكونها هامة حتى في صياغة مستقبل الجزائر. وكانت جنازة الراحل لخضر بن طوبال قد شهدت حضور أغلب الشخصيات السامية وإطارات الدولة يتقدمهم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم ونائب الوزير الأول نور الدين يزيد زرهوني، وأبو جرة سلطاني زعيم حمس وعبد المالك سلال والفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، واللواء أحمد بوسطيلة قائد الدرك والسفير عبد القادر حجار وخالد نزار وعلي كافي وكل وزراء الطاقم الحكومي وأغلب قادة أحزاب التحالف الرئاسي ومواطنين ورفقاء الفقيد. وجدير ذكره أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعث برقية تعزية إلى كافة أفراد أسرة المجاهد المرحوم لخضر بن طوبال عبر لهم فيها عن تعازيه الأخوية ودعواته الخالصة للفقيد بالرحمة والمغفرة والثواب، جاء فيها: ''نعى إلي بمزيد من الحسرة والأسى النبأ الأليم بوفاة المجاهد وقائد من قادة الثورة البارزين المرحوم بإذنه تعالى لخضر بن طوبال بعد مرض عضال طهر المولى تربه وعطر ذكره. كان الراحل واحدا من أبناء الحركة الوطنية المخلصين ومن رواد ثورة نوفمبر الظافرة ناضل منذ فجر شبابه في سبيل إنضاج وعي وطني يرتقي إلى فعل تحرير شامل يضع قطيعة مع الاحتلال الاستيطاني ومآسيه متعددة الأبعاد ويعيد بعث مشروع الدولة الوطنية السيدة. لقد انخرط المرحوم في هذا الوعي الوطني مبكرا وكابد في سبيله السجن والتعذيب والملاحقة إلى جانب أبناء نوفمبر من رعيله ذلكم الرجال الذين ختم الله على قلوبهم بالإيمان واصطفاهم لخدمة الحق وأهلهم للاضطلاع برسالة تفردوا بها في التاريخ. إن رحيله اليوم يعد صدمة لرفاقه ولأبناء الجزائر قاطبة بالنظر لما يمثله الرجل من رمزية كبيرة ولما وفاه من تضحيات جسام ولكن أمثاله ستخلدهم الذاكرة الجماعية لا محالة وستقتدي بهم الأجيال مستقبلا فيما رسموه من قيم ورفعوه من شمائل في سبيل عزة وكرامة وسؤدد هذه الأمة. ابتهل إلى المولى جل جلاله أن يكرم مثواه ويجل مأواه ويغدق عليه من لدنه رحمة واسعة ويحتسب له جهاده إلى جانب الذين قضوا من قبله على درب المحجة البيضاء ويتنزل على قلوب أسرته وذويه ورفاق دربه صبرا جميلا وسلوانا عظيما. وأعرب لهم جميعا عن تعازي الأخوية ودعواتي الخالصة له بالرحمة والمغفرة والثواب. وبشر الصابرين الذين اذ أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون''.