وري جثمان المجاهد لخضر بن طوبال أمس الثرى بمربع الشهداء بمقبرة العاليا بالجزائر العاصمة وسط حضور مكثف لمسؤولين سامين في الدولة وشخصيات سياسية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني وجمع غفير من المواطنين ورفاق الراحل أثناء الثورة وأفراد عائلته. وكان الحضور الرسمي والسياسي والشعبي لافتا أمس بمقبرة العاليا، وجاء الجميع لإلقاء النظرة الأخيرة وتوديع قائد الولاية التاريخية الثانية إلى مثواه الأخير والدعاء له بالرحمة ومواساة أفراد أسرته وبخاصة أبنائه الذين رافقوا نعشه منذ خروجه من منزله بحي حيدرة وصولا إلى مقر منظمة المجاهدين بحي غرمول ثم إلى مقبرة العاليا. وسار في جنازة الراحل لخضر بن طوبال المعروف باسم سليمان وكذا عبد الله مسؤولون سامون في الدولة منهم رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري والوزير الأول السيد احمد أويحيى ونائب الوزير الأول السيد نور الدين يزيد زرهوني ورئيس المجلس الدستوري السيد بوعلام بسايح ووزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح ووزراء في الحكومة الحالية ووزراء سابقون ورؤساء حكومة سابقون إضافة إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا السيد علي كافي وأمين عام منظمة المجاهدين السيد سعيد عبادو. وشهدت مقبرة العاليا أيضا حضور شخصيات سياسية من بينها رئيس حركة مجتمع السلم السيد أبو جرة سلطاني ورئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية السيد سعيد سعدي وكذا ممثلين عن منظمات للمجتمع المدني. ووصل نعش الراحل بن طوبال إلى مقبرة العاليا في حدود الواحدة زوالا وهو مسجى بالعلم الوطني، تحمله مجموعة من عناصر الجيش الوطني الشعبي وسار وراءه السيد علي كافي والسيد أويحيى ووزير المجاهدين السيد محمد الشريف عباس وأفراد عائلته ليتم تشريفه بتحية عسكرية من طرف مجموعة عسكرية، ثم الصلاة عليه ليتم بعد ذلك دفنه بمربع الشهداء بمحاذاة قبري الرئيسيين الراحلين هوراي بومدين ومحمد بوضياف والشهيد العربي بن مهيدي. وألقى وزير المجاهدين السيد محمد شريف عباس أمام جمع غفير من المشيعين كلمة تأبينية ضمّنها مناقب الراحل، حيث أشاد بخصاله التي جعلته يتبوأ مكانة مرموقة بين زملائه في الثورة ويساهم مع مجموعة من الزعماء في تفجير ملحمة أول نوفمبر. وقال السيد محمد شريف عباس إن الجزائر ''تودع اليوم رجلا ليس مثل جميع الرجال، فقد كان من الرجال القلائل الذين تجود به الأرحام ويصطفيهم الله من أجل خدمة بلدهم''. وأشار إلى أن الراحل كان يتميز بحسن الخلق وبالشجاعة والبصيرة وصحوة الضمير ونور في العقل''. ومن خصال الراحل يقول وزير المجاهدين ''إن ما كان يهمه في هذه الدنيا الجزائر وأبناؤها فقط... وكان مثالا في حب الوطن ومن أجله أخلص وأحب، ومن أجله حارب وجافى وابتعد، ووهب للجزائر عقله وشبابه وروحه'' وأضاف إن بن طوبال ''لم تكن تؤثر فيه النوازع ولا تبدله الأموال وكان يحيا من أجل المواقف ورحل وهو متشبث بمواقفه''. ومن خصاله أيضا أنه كان جامعا لكثير من القيم الإنسانية وكان مثالا لرباطة الجأش وذكيا، وهو ما أهله لأن يتمكن من تنفيذ تصوره مع إخوانه بضرورة المضي في الكفاح المسلح وتجاوز الكفاح السياسي السلمي.وفي مستهل حديثه عن مسار الفقيد أثناء الثورة التحريرية أكد بأنه نجح في أداء المهمة التي بدأها، وهو الذي يصنف ضمن الكوكبة الأولى التي صنعت المعجزة وخططت لمجرى آخر من التاريخ كانت تراه عصبة الاستعمار غير ممكن التحقيق. وعدّد مراحل حياته في الكفاح المسلح منذ التحاقه بحزب الشعب وانضمامه إلى المنظمة الخاصة سنة 1947 والحكم عليه غيابيا من طرف العدو الفرنسي سنة .1951 وذكر بأن الراحل كان ضمن مجموعة 22 وشارك في التحضير لهجومات 20 أوت 1955 ثم شارك في مؤتمر الصومام وعين عضوا في لجنة التنسيق والتنفيد وقائدا للولاية الثانية خلفا للشهيد زيغود يوسف ثم عضوا في الحكومة المؤقتة إلى غاية الاستقلال. وتحدث وزير المجاهدين عن الرجل الذي فضّل مغادرة الساحة السياسية بعد الاستقلال وفضل العزلة والابتعاد عن الأضواء وقلص من حضوره في الحياة العامة غير أن هذا الموقف يقول السيد محمد شريف عباس ''لم يقلص من مقامكم''. ومن جهة أخرى عبر وزير المجاهدين عن أمله في أن ترى مذكرات الراحل نور النشر وأن تطلع عليها الأجيال القادمة كما رغب في ذلك سي عبد الله. وحول هذا الموضوع بالذات ذكر نجله خالد ان مذكراته جاهزة وسيتم نشرها في حينها.وبدوره نفى رئيس جمعية مجاهدي قدماء وزارة التسليح والاتصالات العامة السيد دحو ولد قابلية أن يكون هناك قرار سياسي لمنع صدور مذكراته، مشيرا إلى أن المتداول أن مشكلا حدث مع كاتب المذكرات الذي يريد أن يبرز اسمه في غلاف الكتاب غير أن الراحل رفض ذلك.