أحيت الجزائر على غرار دول العالم اليوم العالمي لحقوق الطفل الموافق ل 20 نوفمبر من كل عام وهي تحاول تقييم وضعية أطفالها إيجابياتها وسلبياتها. إذ ورغم التقدم الملحوظ في مجال حقوق الطفل بالجزائر، يبقى الطفل الجزائري عرضة للكثير من النقائص التي يتصدرها العنف والاعتداء على البراءة والحرمان من التعليم ومن الدفء العائلي وغيرها من صور المعاناة التي مازالت تصدمنا ونحن نحيي مثل هذا اليوم، وهو ما دفع أغلب الأخصائيين في المجال لتجديد مطلب إنشاء مرصد لحقوق الطفل بالجزائر على غرار البروفيسور خياطي. ذكر تقرير رسمي أصدره الدرك الوطني الجزائري أن هناك 61 ألف طفل ضحية لمختلف أنواع الجرائم من بينهم 1787 قاصر، وذلك خلال العشرة شهور الأخيرة من العام الحالي. وأضاف التقرير أن هناك 6698 طفل ذهب ضحية الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص، و5846 طفل آخر ضد الممتلكات، فيما وجهت ل6 أطفال تهم الهجرة غير الشرعية، و195 طفل كان ضحية إرهاب الطرقات ويتراوح سنهم بين 13 إلى 18 سنة. وأشار إلى أن الأطفال الذين يبلغون من العمر 13 سنة يأتون على رأس قائمة ضحايا الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص والممتلكات بمجموع 595 طفلا، و453 طفل بين 13 إلى 16 سنة، و548 طفل بين 16 و18 سنة. وأن عدد الأطفال الذين وقفوا أمام المحاكم خلال الشهور العشرة الأولى من العام الحالي بلغ 51400 طفل، من بينهم 2674 قاصر فيما يبلغ 179 منهم سن 13 سنة و814 بين 13 إلى 16 سنة. وتعتبر الفئة التي يتراوح سنها بين 16 إلى 18 سنة الأكثر تعاطيا للجريمة، حيث تم إيقاف 1681 قاصر، ارتكب 424 منهم جرائم ضد الممتلكات، و411 جريمة ضد الأشخاص. كما لاحظ ذات التقرير تورط الأطفال في الجريمة المنظمة، منها التزوير، إذ أوقف 1665 طفل و1771 آخرين ارتكبوا جرائم تتعلق بالتهريب. ونقل تقرير cnn عن عبد الرحمان عرعار رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل، قوله إن تدهور وضعية الطفل في الجزائر تعود إلى العشرية السوداء، ما فتح المجال إلى تفشى متخلف أنواع الجريمة، وارتفاع ظاهرة العنف على الأطفال رغم سن مجموعة من القوانين التي تضمن للطفل الجزائري الحماية وتشديد العقوبات. تعرض 3 آلاف طفل لاعتداءات وتشريد 20 ألفا العام الماضي كما كشفت دراسات متخصصة بواقع الطفل في الجزائر لسنة 2009 تسجيل ارتفاع كبير لعدد الحالات التي كان فيها الطفل عرضة لكل أنواع التعدي على حقوقه، بالإضافة إلى تحوله من ضحية إلى مجرم. وأظهرت دراسات تعرض أكثر من ثلاثة آلاف طفل لحالة خطر جسدي أو معنوي على مستوى البلاد، واغتصاب 850 طفل، بينما تبين وجود نحو 20 ألف طفل يعيشون في الشارع، حسب إحصاءات الشرطة القضائية. فيما صرح مسؤول أمني جزائري لقناة ''CNN'' بالعربية، أنه ''تم تسجيل أكثر من 3124 حالة لأطفال تعرضوا لخطر جسدي ومعنوي على مستوى كل ولايات الجزائر، أغلبها خلال عشرة أشهر من سنة ,2009 منهم 2165 من الذكور، و1059 إناث. ورغم أن المسؤول قال إن السلطات الأمنية أوقفت ''عددا كبيرا من الأطفال وجدتهم في وضع خطر قبل ارتكاب جنح أو يصبحوا ضحايا لأي خطر''، إلا أن الظاهرة، كما تكشف التقارير، تبعث على القلق. ولفت المسؤول الذي يعمل في ''الأمن الوطني لإقليم الجزائر العاصمة''، إلى أن الأسباب التي تدفع بالأطفال إلى الهروب من منازلهم، كثيرة ومتعددة، كتعرضهم لمعاملة سيئة أو اعتداءات جنسية أو غيرها من طرف أوليائهم أو الجيران أو حتى الغرباء. وأضاف: ''تم إرجاع 2370 طفل إلى أوليائهم، فيما تم وضع 618 طفل في مراكز بعد أن تم عرضهم على قضاة الأحداث، حيث إن الشرطة تعمل بالتنسيق مع هؤلاء القضاة لدراسة ما يمكن توفيره من حماية لهؤلاء الأطفال''. ومن جهة أخرى، قالت سيدة جعفر، رئيسة قسم حماية الطفولة والأمومة في المستشفى الجامعي، إن ''عددا كبيرا من الأطفال يأتون إلى العيادة رفقة أوليائهم ليتم فحصهم وتقديم تقرير خاص يتم رفعه للسلطات الأمنية لمتابعة الجاني، وهي أمور أو أسرار تبقى غير قابلة للنشر عندنا، لأننا نعرف طبيعة المجتمع الجزائري الذي لايزال محافظا''. ''5 آلاف طفل لفظتهم المدارس إلى الشارع'' معاناة الأطفال بالجزائر ليست في العنف فقط، مثلما أكدت تقارير، بل حتى الممارسة اليومية لأوليائهم معهم، ويتعلق الأمر بما يسمى بعمالة الأطفال، إذ يؤكد مختصون أن الأرقام المتوفرة حول الظاهرة مخيفة، لأطفال دخلوا عالم العمل مبكرا. فهناك 30 ألف طفل يعملون وألفان منهم يعيشون في الخلاء، خمسة آلاف لفظتهم المدارس إلى الشارع. وأظهرت إحصاءات مديرية التخطيط لوزارة التربية الوطنية -حسب الدراسة التي قام بها عبد الناصر جابي - أن نسبة تمدرس الأطفال بولاية العاصمة هي الأعلى مقارنة بنسب ولايات الوطن المختلفة ب 36,6 نقطة فارق، حيث تبين مختلف الإحصاءات تميز تلاميذ وتلميذات العاصمة على وجه الخصوص عن باقي تلاميذ ولايات القطر الجزائري في عدد المتمدرسين ونسب التفوق الدراسي. إلا أن هذا التميز يفقده تلاميذ العاصمة عندما يتعلق الأمر بالسنوات الأخيرة والامتحانات المفصلية خاصة في شهادة البكالوريا، كما تشهد ثانويات العاصمة تسربا مدرسيا ملحوظا أرجعه المختصون لظاهرة توفر فرص العمل للشباب والمراهقين في القطاع غير الرسمي أو ما يعرف بالسوق الموازية.