أحيت الجمعيات ومختلف الهيئات المرافعة عن حقوق الطفل بالجزائر أمس الذكرى ال 21 لميلاد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الموافقة ل20 نوفمبر من كل سنة، مجددة عزمها على مواصلة الجهود لتحقيق أوضاع أفضل للطفولة، بعيدا عن ظواهر العنف والانحراف ووفق ما تنص عليه بنود هذه الاتفاقية. وتعد هذه المناسبة، حسب المختصين، فرصة هامة لمناقشة واقع الطفولة في الجزائر أمام حالات الاختطاف والاعتداء والعنف التي تطال هذه الفئة والتي ترتفع نسبها من سنة الى أخرى. وفي هذا الإطار، أكد رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ''ندى'' السيد عبد الرحمان عرعار في تصريح ل''المساء'' أن الواقع الحالي للطفولة بالجزائر يستدعي تحرك جميع الأطراف الفاعلة في القطاع قصد الإسراع في إعداد تقييم شامل عن وضعية حقوق الطفل ومدى مسايرة التشريعات الوطنية لهذه الاتفاقية. وأوضح السيد عرعار أن هذه المناسبة تستوقف جميع الناشطين في حق الدفاع عن الطفولة بالجزائر للتفكير في كيفية تبني سياسات تتماشى مع تطلعات الأطفال، خاصة أمام الاحصائيات الأخيرة المخيفة حول حالات العنف والاختطاف المرتكبة ضد الأطفال، داعيا إلى وجوب الاستثمار في هذه الفئة بتمكينها من حقوقها الشرعية. وأضاف المتحدث أن المشاركة في إحياء ذكرى تأسيس الاتفاقية لحقوق الطفل التي عرفت مدا وجزرا بين الدول، دام 30 سنة وستشهد تشكيل لجان وزارية خاصة تعمل على بلورة مناهج ملموسة تحمي الأطفال من المخاطر والآفات الاجتماعية. وأشار رئيس شبكة ''ندى'' الى التنسيق الجاري مع اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان باعتبارها أحد الشركاء الفاعلين في ترقية القطاع، حيث يجري التفكير في إثراء نقاش وطني جاد لحماية الطفل بالجزائر والرقي بحقوقه الى مستوى المعاهدات والمواثيق الدولية. وعبر من جهة أخرى، عن ارتياحه الكبير للمكاسب التشريعية المحققة في ميدان حماية حقوق الطفل على ضوء القوانين المقترحة ومتابعة مدى تنفيذها، مشيرا إلى أن تمرير رسالة المرافعة عن الطفولة وإيجاد الحلول الجوهرية لمشاكلها لقي نجاحا مهما مقارنة بالأوضاع السابقة. الا أن المسؤول لم يستبعد وجود ثغرات في تنفيذ هذه القوانين على أرض الواقع. ودعا السيد عرعار بالمناسبة ''الى ضرورة فرض ارادة سياسية جادة لإرساء استراتيجية وقائية في مختلف القطاعات المعنية للرقي بمستوى الحوار السياسي الرامي لتحسين ظروف الطفل الجزائري''. ومن جهته، أوضح رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث ''فورام'' البروفيسور مصطفى خياطي أن إحياء الذكرى ال21 للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تعد فرصة سانحة للمعنيين لوضع النقاط على الحروف فيما يخص التكفل بشريحة الطفولة الذي يستدعي مشاركة المختصين النفسانيين والأطفال الضحايا في حد ذاتهم، للتعبير عما يشعرون به. وقال البروفيسور خياطي في تدخل له بالقناة الاذاعية الثالثة امس أن الهيئات المدافعة عن حقوق الطفل بالجزائر مدعوة أكثر من أي وقت مضى للتحرك العاجل لتدارك الوضع، خاصة مع مصادقة الجزائر على هذه الاتفاقية الدولية منذ 1993 والتي كرست حقوقا مشروعة كالصحة والعيش والتعليم وحق المشاركة ...وغيرها. كما أرجع ضمان حقوق الأطفال وحمايتهم من مختلف أشكال العنف المسلط عليهم الى المشاركة الفعلية للوالدين اللذين يشكلان الحلقة المفقودة في معادلة الحد من الأخطار المهددة للطفل، باعتبار أن معظم الأولياء يفتقدون لروح المسؤولية بسبب الأمية وجهلهم بحقوق أبنائهم. وفي السياق وصف مكتب الأممالمتحدة للطفولة بالجزائر ''اليونيسيف'' وضعية الطفولة بالحسنة رغم النقائص المسجلة فيما يخص حمايتها وتكريس حقوقها بمنطقة الهضاب العليا ومناطق الجنوب الكبير. وأوضح السيد فيصل عولمي المكلف بالاتصال والشراكة بمنظمة اليونيسيف بالجزائر أن واقع الطفولة بالجزائر يبقى حسنا الى أبعد الحدود رغم المخاطر التي تواجه هذه الفئة كالعنف الجسدي والجنسي والاختطاف والاستغلال من الجماعات الإرهابية..لاسيما بالمناطق الداخلية للوطن والصحراء الكبرى، نظرا لتوفر الظروف الملائمة لانتشار هذه الظواهر. ودعا السيد عولمي في تصريح اذاعي الى ضرورة تغيير السلوك تجاه الأطفال باعتماد أسلوب الاتصال الدائم مع هذه الشريحة لتمكينها من إفراغ مكبوتاتها والتعبير عما تعانيه من مشاكل للتدخل قبل استفحال الوضع. وبلغة الأرقام يبقى الوضع يدعو الى القلق إزاء الارتفاع المذهل للحصيلة السنوية للعنف الممارس ضد الأطفال، حيث تشير الإحصائيات الرسمية الى تعرض أكثر من 4600 طفل الى مختلف أشكال العنف خلال السنة الجارية 2010 على المستوى الوطني. وتشير معطيات مصالح الشرطة القضائية على لسان المكلفة بالمكتب الوطني لحماية الطفولة وجنوح الأحداث بمديرية الشرطة القضائية عميدة الشرطة خيرة مسعودان الى تعرض 4612 طفلا مراهقا لشتى أشكال العنف ما بين الفاتح جانفي و31 أكتوبر 2010 منهم 2698 ضحية عنف جسدي. ومن مجموع ضحايا العنف تعرض 1359 طفلا لعنف جنسي منهم 781 طفلة، في حين تعرض 374 آخرين الى سوء المعاملة، بينما سجل 17 طفلا مراهقا كضحية قتل عمدي و157 أخرى ضحايا اختطاف. وأوضح المصدر أنه من مجموع 4612 طفلا مراهقا وقعوا ضحايا العنف يتراوح سن 1620 منهم بين 16 و18 سنة، فيما يتراوح سن 1502 آخرين ما بين 13 و16 سنة، كما يقل سن 848 طفلا ضحية عن 10 سنوات. ويمثل عدد الضحايا المسجل، الحالات المصرح بها فقط، حيث لايزال العديد من الأطفال يعانون في صمت دائم.