إن المرأة الجزائرية والعربية بشكل عام تفتك من الدنيا حياة صعبة بالتأكيد مهما تنوعت مسؤولياتها فحياتها تبدأ وتنتهي بتحديات جمة.. تُحاصَر بالعيب والعرف والألسن الأفاكة من صغرها.. تحاصر بمجتمع يرتاب منها لأنها جميلة؛ ويستصغرها إن لم تكن جميلة. مجتمع يضغط عليها إن لم تكن تقليدية، ويستغلها إن كانت تقليدية.. يتبدى لي أحياناً أن مجتمعنا يقدر الرجل أكثر مما يجب، ويتقاوى على بنات حواء.. مجتمعنا برجاله ونسائه طبعاً!! خاصة في الأماكن البعيدة عن التحضر الشمالي حيث يحيط بالمرأة لفيف من الخطوط الحمراء التي تبقى ظلما في حقها حتى بلغ بالأمر بها أنه بعد ذكرها يقال ''حاشاك'' وهذه كارثة لا يرضى بها الله ولا رسوله الذي كان رحيما بالنساء وكانت آخر وصاياه عنهن فقال صلى الله عليه وسلم ''استوصوا بالنساء خيرا..'' هي الحياة بكدرها وصعابها للكل، بيد أنها بالنسبة للمرأة دون زوج أصعب.. سواء تلك التي ترمّلت أو تطلّقت أو لم تتزوج أصلاً.. فمجتمعنا الرجولي يريد المرأة أن تكون تحت ظل رجل، ولو كان هذا الرجل عالة عليها، ولو كان وجوده صورياً، بل ولو كان وجوده مؤذياً.. المهم أن لا تكون بلا زوج، لأن ذلك يزيد في نقصان عقلها ودينها نقصاً إضافياً.. ولسنا هنا بصدد الحديث عن معاناة المطلقات والأرامل فوضعهن يحتاج إلى معلقات.. بل سنتحدث عن من سنسميهم مجازاً ''العانسات'' اللواتي تعّذّر ارتباطهن لسبب أو لآخر، فعشن لتدفعن ثمن الأوضاع الاجتماعية المؤسفة وثمن هرطقات فرضها عليهن المجتمع أيضا. وأول غيث الإجحاف يتمثل في اعوجاج تعريف العنوسة: فالمرأة عندنا تصنف على أنها عانس، وهي في ذروة طاقتها وعطائها ونضجها.. سن العنوسة لدينا هو سن الزواج الاعتيادي في كافة بقاع الأرض، هذا بالطبع لمن ينظر للمرأة ككيان بشري تزداد قيمته بتراكم تجاربه وخبراته.. أما من ينظر للمرأة على أنها ثمرة شهية، فلا مراء أن يفضلها غضةً طازجة!! زد على ذلك أنها لا تتمتع بأي علاوة خاصة ما تصرفه الدولة من مرتبات مثل الشبكة الاجتماعية وتشغيل الشباب والمنحة الجزافية للتضامن، هذه الإعانات التي أردناها عونًا فوجدناها فرعونا، لا نصيب للنساء العانسات فيها بغض النظر عن قسوة ظروفهن المادية والأمثلة على هذه الشاكلة كثيرة.. وإن كنا نحنق على الكيفية السخيفة التي يعامل بها المجتمع من لم يقدر لها الزواج. وما نراه اليوم من اندفاع الكثيرات لزيجات غير متكافئة في ظل عدم تقبل النساء للشرع الكريم الذي يجعل في التعدد حلا للازمة، ما هو إلا محاولة للهرب من هذا الكابوس.. فعدم الزواج في عرفنا جريمة يعاقبك عليها المجتمع وفي آخر الكلام نقول للمرأة إنك كاملة ولا تحتاجين لرجل أن تكوني كذلك حتى وإن مسك لهب الظلم أراك كعود زاده الإحراق طيبا..