نحن في عصر الزر الواحد، عصر بدأت أصوات الإبداع تخفت ألقا، كلّ يجري حسب أهوائه، تسألني عن طموح لست أدري عنه إلا الاسم للأسف، فقد شوه العصر كل طموحات المرأة، كانت قبل الأمس تبحث لها عن مكان على الورق ولو باسم مستعار، ثم تدرجت كي تبحث لها عن مكان مع الرجل، والآن هي تلهب الدنيا كي تدمر هذا الرجل، من باب ضيق وتقليدي وعبثي وهو قسمة الإبداع بين النسوي والرجالي. طموح الأنثى التي كانت تناضل كي تظهر بريق إبداعها المتولد من عمق اضطهاد المجتمع لها، لم يعد له صورة نفهمها للأسف، ولم تعد تفكر سوى في عيب واحد وهو نشر أفكارها الجديدة المتحررة حسبها على جداريات هذا الزمان كي يقرأها العالم دون عقدة أو خجل، وضاع الإبداع كله بين هذه الخرافات التي وجدت لحسن حظهن مطابع تأكلها ولا تشبع وفي كل مرة تقول هل من مزيد.. وعلى اعتبار أني أحسب على الأنوثة وإبداعاتها، ومن جيل الشباب أحترم كل التجارب السابقة مهما كانت، ولست أعلق عليها، ولكن يحز في نفسي عندما أجد هذه التجارب المريرة المدمرة للكتابة تمثلني لأني امرأة، غير أني سرعان ما ألملم جنوني عندما أتذكر أن الإبداع ليس له جنس والحمد لله. هواجس لا تمثلني لأن المرأة الكاتبة لم تعد تبحث عن الجمال النصي والخروج من التشابه، بل خرجت من النص، وأضحت غايتها تقليد كتابات الكبار، المولعة بالجنس حتى توهم المجتمع بأنها موجودة وقادرة على العطاء أكثر، بل الوقوف في معترك الخطايا مع الذكر، وتقول أنا مع الكتابات النسوية، دون أن تعلن أنها خسرت كل القضايا الجادة عندما صار هاجسها الوحيد العشق ''أقصد الكتابة الذاتية''، ومحاربة مكانة الرجل، لتنسى أن أمّ القضايا الجادة لم تحرك ساكنا وأنها كانت تدور في حلقة فارغة. هاجس يؤرقني فأنا مازلت أحلم بارتقاء نصي إلى جمهور عريض، ومازلت أخاف كلما اعتليت منبر الشعر، ومازالت رعشة خروج نصي من المطبعة تحتلني، لهذا فأنا طفلة أتعلم كل فنون اللعب الجادة وأتمرّن عليها كي أحسن إخراجها للسّاحة الثقافية الجزائرية، التي بدأت تفقد لهيب أسعارها، وهو حق أطالب به كل من يدعوني إلى قراءة عذاباتي الكامنة من المجمع، أدعوهم صدقا من مكمن هاجسي أن يدفعوا لنا نقدا ثمن خوفنا وإفشاء أسرار لم تكن للنشر فوشينا بها.