عدم العودة إلى الوراء وتكرار سيناريو سنوات التسعينيات والنموذجين التونسي والمصري، الذين ما هما في حقيقة الأمر سوى نسخة عما عاشته الجزائر قبل عقدين من الزمن. كبحت العديد من القوى السياسية وجمعيات المجتمع المدني من تلبية دعوة الحركة الجديدة غير المرخص لها (التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية)، للخروج في مسيرة اليوم عبر الشوارع الرئيسية للعاصمة. حيث تسجل الساحة الاجتماعية والسياسية انشقاقا على نفسها فبالرغم من تقاسم مختلف الحركات والتوجهات والحساسيات لمبدأ التفتح الديمقراطي والإعلامي وفتح المجال أكثر نحو مزيد من الحريات، إلا أن الهروب من تكرار المأساة الوطنية وتحكيم العقل بتفضيل لغة الحوار، تغلبت لدى كثير من الجهات إن لم نقل أغلبها التي أطلقت عبر القنوات الإعلامية وأكدت في تصريحاتها ل ''الحوار'' أن المنابر والسبل للمطالبة بإحداث التغيير عديدة، ما يغلق الفرصة أمام دخول عناصر مندسة تعمل على تأجيج الوضع والشرعنة للفوضى واللصوصية والإجرام والحيلولة دون التحكم فيه. الحركية التي يشهدها الشارع تعكس حالة الخوف من العودة لنقطة الصفر، بداية من التموين بالمواد الغذائية تحسبا لتردي الأوضاع الأمنية بوقوع اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، وصولا إلى تأجيل جميع الزيارات إلى العاصمة إذا ما لم تكن مستعجلة، وحتى جامعات الجزائر الثلاثة أعلنت تأجيلها لجميع الامتحانات التي كانت مقررة نهار اليوم خوفا من انزلاق الوضع، لاسيما مع شيوع أخبار عن تجنيد بعض الأطراف المشبوهة لمجموعة من ''الباندية'' واللصوص من أجل فتح الباب أمام السطو وتحطيم الأملاك الخاصة والعمومية، من أجل العبث بأمن وطمأنينة المواطنين، في الوقت الذي ذهب في آخرون إلى أبعد من ذلك حين اعتبروا هذه الخطوة عمل مشين على تفويت فرصة مواصلة الجزائر لإنجازاتها، لاسيما مع الورشات المفتوحة والأخرى المبرمجة خلال الخماسي القادم، بالإضافة إلى توظيف هؤلاء السيئ لمفاهيم الحرية والديمقراطية، رغم أن حرية الرأي مكفولة وأساليبه مقننة وواضحة، بعيدا عن التهريج وترويع المواطنين.