أعرب سكان الحي القصديري ''ليزوندين'' الواقع ببلدية برج البحري شرق العاصمة عن تذمرهم واستيائهم الكبيرين إزاء مصير ملفات طلبات السكن التي أودعوها لدى السلطات البلدية منذ مدة، بعدما أكدوا لنا خلال جولتنا التي قادتنا إلى الحي أن ملفاتهم قد ضاعت ومن الواجب إعادة تكوين ملفات جديدة لدراستها من جديد من قبل اللجنة المكلفة بذلك حسب ما علموه من مصالح البلدية بعد استفسارهم المتكرر عن الوضع. بوجه عبوس وتذمر من اللامساواة الممارسة قي حقهم، عبر سكان حي ''ليزوندين'' القصديري، عن سخطهم من ظروف الحياة القاسية التي يعيشونها في هذه الأكواخ الشبيهة بزريبة الحيوانات كما وصفوها، وعليه أكد السكان في لقاء جمعهم بجريدة ''الحوار'' أن ظروف الحياة القاسية هي التي أجبرتهم على العيش في هذه ''القرافة'' مثلما أسموها التي غالبا ما تؤثر على صحتهم خاصة صحة أطفالهم في ظل ضيق السكن العائلي في العمارات. أكثر من 90 عائلة تصارع ظروفا قاسية وأوضح سكان الحي المتكون من أكثر من تسعين بيتا قصديريا أن الظروف التي يعيشون فيها أشبه بحياة الإنسان البدائي لانعدام شبكات الصرف الصحي والمزابل العمومية التي زادت من تدني الصورة العامة للحي، الأمر الذي أثر بالسلب على المحيط البيئي لهذا الأخير جراء تسربات المياه القذرة والقمامات المنتشرة هنا وهناك، ناهيك عن كثرة الحشرات التي تعود بالضرر على صحتهم كالناموس والجرذان التي وجدت في الحي مكانا سانحا للتكاثر حسب ما أكدوه. وعن مدة سكناهم بالحي أفاد البعض أن أغلب العائلات قد فاقت مدة سكناهم الخمس سنوات على الأقل، والسبب في ذلك يختلف من أسرة إلى أخرى، فهناك من دفعها ضيق المسكن العائلي بالعمارة إلى هناك، كما أن هناك من أجبرها العوز والفقر، زيادة على هذا فهناك من اعتبرها وسيلة للحصول على مسكن لائق حسب حيلة البعض الآخر. ... ولموسمي الشتاء والصيف معاناة لا تنتهي حسب تصريحات مواطني الحي فإن معاناتهم لا تكاد تنتهي على الإطلاق وعلى طول أيام السنة، ''مأساة لا تفارقنا طول حياتنا على مدار أيام السنة'' هي العبارة التي أجمع الكل على ترديدها بسبب الظروف القاسية التي يصارعها الكبار والصغار على حد سواء من أجل العيش وفي كل مواسم السنة سواء كانت صيفا أوشتاء. وفي هذا الصدد أعرب ذات المتحدثين أن حياتهم اليومية في فصل الصيف جد سيئة إزاء الأتربة المتطايرة لسوء واهتراء أرضية الحي المتحفرة، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تنبعث من القمامات المنزلية لسكان الحي وكذا تلك المنبعثة من المياه القذرة والراكدة التي لا تكاد تجف حتى في أعز الأيام الحارقة، زيادة على الحشرات الطائرة والقارضة التي غالبا ما تتسبب لهم في الإصابة بالحساسية. أما شتاء فلقد أجمع من تحدثنا إليهم، أن ظروفهم أسوأ بكثير من تلك التي عاشوها في موسم الحر نظرا للأرضية التي تتحول إلى أوحال من الطين والتي نغصت حياتهم وزادت من نفقاتهم، خاصة بالنسبة لأطفالهم المتمدرسين فهي تجبرهم بالرغم من قلة مداخليهم الشهرية على اقتناء ملابس وأحذية جديدة مرة على الأقل في الشهر مهما كلفهم الأمر ولو كان على حساب مصروف الأكل الشهري. من جهة ثانية أضاف المتحدثون أن مساكنهم القصديرية غالبا ما تجتاحها الأمطار الأمر الذي يحولها إلى مسابح عارمة بالمياه، وفي سياق مماثل أوضح السكان أنهم في الليالي الممطرة يبيتون ليلا ساهرين لحماية أرواح أطفالهم، الأمر الذي ينهك قواهم أمام قلة الغذاء الصحي. الظروف القاسية وتدهور المحيط البيئي أثرا سلبا على صحتهم جراء الظروف القاسية التي يصارعها سكان الحي بالموازاة مع تدهور المحيط، اشتكى السكان من تدهور الحالة العامة لصحتهم جراء الأمراض التي يعانون منها أمام غياب المتابعة العلاجية لقلة مدخول أرباب العائلات. وعليه أوضح أغلبية من اقتربنا منهم أن الحساسية، أمراض الجهاز التنفسي ورمد العيون من الأمراض التي اعتادوا العيش بها جراء الروائح الكريهة والغبار وكذا تلوث محيط الحي. وفي سياق مشابه أكدت ذات المصادر أن سوء المستوى المعيشي والصراعات التي لا تكاد تنتهي مع الحياة والسلطات البلدية التي أبت الاعتراف بحقهم في السكن كغيرهم من مواطني الوطن أفرزت لديهم أمراض القلب والضغط الشرياني وكذا داء السكري، الأمر الذي زاد من النفقات الشهرية أمام تأخر عمليات التعويض لدى وكالات الضمان الاجتماعي. حتى الطلبات المتكررة لدى السلطات لم تعد تجدي نفعا أكد لنا سكان الحي أنهم سبق وأن أودعوا ملفات طلبات السكن للخروج من هذه الوضعية المزرية التي يتخبطون فيها، إلا أنها بقيت حبيسة أدراج البلدية، موضحين أن ذات السلطات كانت قد أفادتهم في وقت سابق بضياع ملفاتهم، لذا أضحى من الأجدر حسبهم إعادة تكوين ملفات جديدة رغم استقصائهم المتكرر لدى السلطات في أيام الاستقبال. وعلى صعيد آخر أوضح المتحدثون أن هناك من سكان البلدية من سبق وأن استفادوا من سكنات اجتماعية، إلا أن لا أحد من سكان الحي القصديري ''ليزوندين'' قد استفاد من هذه الحصة. وحسب اعتقادهم فإن عدم استفادة السكان من ذات الحصة ترجمه البعض بتجاهل مصالح البلدية لمطالبهم، كما أرجعه البعض الآخر إلى احتمال وجود غرباء عن البلدية كانوا قد استغلوا الوضع للحصول على مسكن لائق حسب اعتقاد السلطات البلدية. وبهذه الأوضاع المزرية التي يصارعها سكان حي ''ليزوندين'' ببلدية برج البحري فهم يأملون إعادة النظر في مشكلتهم بشأن ملفات السكن، كما أجمعوا على ضرورة إنشاء لجنة تحقيق خاصة للتحقق من سكان الحي الذين يعدون من سكان البلدية الأصلين على غرار الدخلاء الذين يعتبرونها فرصة للاستفادة من حصص البلدية.