بات مشكل السكن الهاجس الحقيقي الذي يصبح ويمسي على وقعه يوميا سكان حي''ليزودين'' القصديري الكائن ب''الجزائر شاطئ'' والتابع إقليميا لبلدية برج البحري، إذ يرى السكان أن تفاقم الأزمة التي يعيشونها حاليا قد يؤدي إلى المزيد من المشاكل الاجتماعية والنفسية والمرضية، كالتسرب المدرسي والعنوسة، ناهيك عن الأمراض الصحية بسبب الكم الهائل من النقائص التي تتخبط فيها العائلات. ولأننا لم نتردد في قصد بعض العائلات القاطنة هناك، والتي استقبلتنا بفرحة معتقدة أننا أعوان مصالح البلدية، قدمنا لإحصائها من أجل عملية الترحيل، استشفينا على وجوه الجميع تلك اللهفة باستقبال أنباء عن عمليات الترحيل، حيث بدت ملامح الرغبة في افتكاك سكن جديد بادية على وجوه جميع من استقبلونا، وصار حلم الحصول على مسكن مطلب الجميع هناك. العائلات تحلم بالترحيل بعد 10 سنوات من المعاناة أكد سكان حي ''ليزوندين'' على افتقار حيهم لمتطلبات العيش الكريم، حيث يعتبرون الأمر إجحافا في حقهم خاصة بعد مناشداتهم المتكررة للسلطات الوصية والشكاوى التي أودعوها لديها، خاصة وأن البيوت القصديرية التي يقطنون بها مهترئة وقديمة فضلا عن نسبة الرطوبة المرتفعة التي باتت تهدد صحتهم. وما زاد من استياء السكان هو غياب أدنى مظاهر الحياة الكريمة وانعدام جميع المرافق الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة اليومية للمواطن، فسكان هذه البيوت القصديرية يتجرعون مرارة العيش، تحت أسقف وجدران مبنية بطريقة فوضوية لم تعد تحميهم من قر الشتاء ولا من حر الصيف، خاصة وأنها عبارة عن قطع من الزنك تسبب لهم أمراضا عديدة لارتفاع نسبة الرطوبة وغياب التهوية بشكل كلي، ناهيك عن الانتشار الرهيب للجرذان والثعابين التي تتسلل لداخل مساكنهم مثلما أكده احدهم لنا وهو الأمر الذي صار يثير الرعب والخوف في نفوسهم ووسط أبنائهم الصغار الذين لم يظفروا بعد بمحيط ملائم لمزاولة دراستهم التي تعرف هي الأخرى تذبذبا كبيرا. وقد أعرب السكان عن امتعاضهم الشديد لتواجدهم بحي ''ليزوندين'' لمدة فاقت ال10 سنوات إلا أنه لم يحظوا ولا بأية عملية ترحيل واحدة. ...لا كهرباء ولا قنوات للصرف الصحي على صعيد آخر أشار السكان إلى وجود سماسرة يتاجرون بتلك الأراضي التي يقطنون بها، والتي ليست ملكا لهم حيث يقومون ببيعها بدون أية وثيقة مع ضمان المساعدة للزبون في عملية البناء والحصول على الماء والكهرباء وذلك بطريقة غير قانونية، ومما زاد من تذمر هؤلاء القاطنين هو الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي بمجرد هبوب بعض الرياح وذلك راجع للتوصيل العشوائي لخيوط الكهرباء بالمولد الرئيسي والذي لا يستوعب الكم الهائل لجميع السكان، في الوقت الذي تحدث فيه آخرون عن نشوب حرائق وشرارات كهربائية بمولدات الكهرباء بسبب الربط العشوائي وأضاف القاطنون بذات الحي أن غياب قنوات الصرف الصحي هو الآخر أضحى هاجسا كبيرا ينغص حياتهم جراء تسرب المياه القذرة أمام مداخل سكناتهم متسببة في انبعاث روائح كريهة تسد النفوس وتسبب الحساسية، وهو الذي يتفاقم بمجرد سقوط الأمطار، حيث تختلط المياه القذرة بمياه الأمطار مشكلة بركا يصعب التنقل عبرها، إضافة إلى ضيق المكان الذي أصبح لا يتسع للعديد من العائلات التي يتعدى أفرادها عشر أشخاص أحيانا. شباب ''ليزوندين'' يشتكون ارتفاع حجم البطالة من الطبيعي أن يحدث مشكل السكن ضغطا كبيرا في نفوس السكان ويتسبب في انتشار الأمراض المختلفة، الوضع الذي يعيشه تقريبا عدد هائل من سكان البيوت القصديرية الواقعة على مستوى إقليم ولاية الجزائر العاصمة، والتي شرعت منذ فترة سلطات الولاية في ترحيل سكانها كإعلان لمرحلة جديدة من التطهير العقاري، وحسب تصريح سامية والي مختصة في علم النفس فإنها أكدت لنا أن مشكل السكن من أهم الأسباب التي تنتج أشخاصا مريضين نفسيا ومتخلفين في جميع الميادين، لأن الشخص الذي لا يجد الراحة في بيته إضافة إلى الضغوطات التي يتلقاها في الشارع، سيتحول بالتأكيد إلى شخص عنيف، لدرجة أصبح المواطن الجزائري يعزف عن الزواج لانعدام البيت الذي يعتبر حقا من حقوقه الطبيعية، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة العزوبة وسط الأحياء الشعبية، إلى جانب ارتفاع حجم البطالة الذي اعتبره الشباب بالمخيف. سكان الشاليهات ب''ليزوندين'' يستفيدون قريبا من سكنات لائقة وحسب تصريحات رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية برج البحري فإن عدد البيوت القصديرية على مستوى تراب البلدية قد تعدى ال1800 بيت قصديري وهذا في إحصاء قامت به مصالحه منذ فترة، موزعة على عدد من الأحياء، أما فيما يخص عمليات الترحيل فقد أكدت مصادر أن العملية سيشرع في تنفيذها ابتداء من هذا الأسبوع بالنسبة لسكان الشاليهات. من جهته أكد وزير السكن والعمران نور الدين موسى بمناسبة حفل تسليم المفاتيح للمستفيدين من سكنات ''عدل'' التي تم إنجازها في كل من بلديتي ''عين بنيان'' و''محالمة '' (غرب الجزائر العاصمة) نهاية الأسبوع الفارط، أن سكان شاليهات بعض المواقع سيتم إعادة إسكانهم في سكنات لائقة ابتداء من الأسبوع الجاري، كما أشار إلى أن إعادة الإسكان التي تم الشروع فيها في إطار برنامج القضاء على السكنات الهشة تجري في ظروف جيدة وستتواصل مؤكدا أن ''المحتاجين وحدهم الذين تم إحصاؤهم سيكون لهم الحق في السكن''.